محمد ثروت

عن المتحايلين في بناء المساجد على أراضي مخالفة

الخميس، 10 سبتمبر 2020 12:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الدرس الذي قدمه نبي الإسلام محمد (ﷺ) في بناء المسجد تغافل عنه البعض من المتحايلين وأصحاب نظرية الفهلوة وتوظيف الدين لخدمة لمصالحهم، تمثل في موقفه من بناء المسجد في المدينة المنورة، فقد رفض النبي ﷺ في رواية البخاري أن يهبا الغلامان سهيل وسهل ملاك الأرض التي كانت مكانا لجمع وتجفيف البلح والتمور، له هذه الأرض ليبني عليها مسجدا، وأصر على أن يشتريها من حر ماله، رغم أن سهيلا وسهلا أصرا على أنهما متطوعان، إلا أن النبي رفض أن يكون بناء أول مسجد في مجتمع المدينة الجديد، على أرض مغصوبة أو بسيف الحياء أو أي شكل فيه شبهة، مهما كانت صغيرة أو كبيرة.         

إن في هذا الموقف من نبي الرحمة درس عظيم لكل من يبني مسجدا تحت عمارة مخالفة أو في أرض معتدى عليها من أملاك الدولة أو الأفراد، حتى يكون حائلا بينه وبين هدمه أو الاقتراب منه، تحت ذريعة أنه بيت الله، وبيوت الله وكل دور العبادة لها حرمتها ومكانتها، هنا يأتي الرد القوي في الحديث الذي رواه أبو هريره عن النبي ﷺ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا". 

  وقد أفتى فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق (1917-1996)، شيخ الأزهر الأسبق، رحمه الله، بكراهية الصلاة في المساجد المبنية على أرض مغتصبة أو مخالفة قائلا: "أجمع فقهاء المذاهب الأربعة على أن من شروط صِحة الوقف ونفاذه أن الشيء الموقوف يكون ملكًا باتًّا للواقف وقت الوقف، وعلى هذا فلا يصح ولا ينعقد وقف الغاصب أرضًا قد اغتصبها واعتدى عليها؛ لانتفاء ملكيته لها وقت الوقف، وذهب فقهاء المذهب الحنفي إلى أنه لو غصب رجل أرضًا فوقفها ثم اشتراها من مالكها ودفع الثمن إليه، أو صالح على مال دفعه إليه، لا تكون وقفًا، لأنه تملكها بعد الوقف. كما نص فقهاء المذهب الحنفي أيضًا على أنه لو اعتدى شخص على أرض واتخذها مسجدًا، ثم استحقت هذه الأرض للغير؛ نُقضت المسجدية، وأن الصلاة مكروهة في الأرض المغصوبة، وكذلك في المسجد المقام على أرض مغصوبة". 

لقد تناسى أصحاب التدين الظاهري والشكليات، أن حكمة بناء المساجد في الإسلام هي التقوى وجمع كلمة المؤمنين، والحكمة من بناء المساجد ليست في الصلاة فقط دون العمل بمقتضيات الإيمان الحقيقية ومنها الإنفاق على الأقارب ومساعدة الفقراء والمحتاجين والوفاء بالعهود، والصبر في أوقات المحن والأزمات وإلا كانت رياء ونفاقا، "لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" .(البقرة:177) ما الحكمة من بناء مسجد من مال مصدره غير شرعي، جمعه صاحبه من أكل أموال الناس بالباطل واغتصاب الأراضي والرشوة والفساد والمحسوبية والصفقات المشبوهة، أفلا تعقلون؟

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة