"الرئيس وجه بتحديد 50 جنيها قيمة متر التصالح بالريف، وخصم 25% من قيمة التصالح بمخالفات البناء حال السداد الفوري".. التصريح الأبرز الذى أعلن عنه الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، في لقائه المفتوح الذى عقده مع رؤساء تحرير الصحف والكتاب والإعلاميين، بمنطقة كفر سعد بالقليوبية، بحضور وزراء الدفاع والداخلية والإسكان والتنمية المحلية والزراعة استعرض خلاله قانون التصالح بمخالفات البناء ووقف التعدي على الأراضي الزراعية.
والواقع والحقيقة يؤكدان أن هناك العديد من الإيجابيات التي ستعود على المواطنين جراء التصالح في مخالفات البناء وفقا للقانون رقم 17 لسنة 2019 والمعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2020، فإلى جانب الحفاظ على الثروة العقارية، وتحقيق الأمن المجتمعي، والاستقرار الأسرى، إلى جانب العديد من الإيجابيات، حيث تعتبر مخالفات البناء أحد أهم المخالفات التى شهدتها السنوات السابقة، التى كانت تشغل الحيز الأكبر للقضايا داخل المحاكم - مخالفات البناء - ورغم تعديل العقوبة أكثر من مرة على المخالف سواء عقوبة الحبس أو الغرامة ورفع الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة في القانون رقم 119 لسنة 2008 "قانون البناء الموحد".
إلا أن المشرع وجد أن المخالفات فى تزايد مستمر، وأن العقوبة لا تحقق رادع بسبب عدم توافر أماكن للسكن واضطرار المواطن إلى البناء على الأراضى الزراعية، ودون الحصول على التراخيص، مما دعا المشرع إلى إقرار قانون التصالح مع المخالف مقابل دفع رسوم والمحافظة على البناء من قرارات الإزالة، وبعد فترة طويلة، البرلمان أقر "قانون التصالح فى مخالفات البناء"، وهذا يسمح لملايين المواطنين التصالح مع الدولة سواء كان البناء بدون الحصول على التراخيص اللازمة أو بناء على أراضى زراعية، ويسمح لهم أيضاَ بدخول المرافق، وعدادات المياه والكهرباء، وغيرها من المرافق.
قانون التصالح على مخالفات البناء بين التطبيق والتأويل
في التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بقانون التصالح في مخالفات البناء الذي أصبح حديث الساعة خلال هذه الأيام وأصبح محل جدل لدى الكثير من المتخصصين والقانونيين والمتمثلة في دستورية القانون من عدمه، وما هى الفائدة من وراء التصالح فى مخالفات البناء، وكذا الرد على من يسعى بشكل أو بأخر لترويج فكرة أن هناك عدم دستورية للقانون سوف تواجهه خلال الفترة المقبلة.
وفى هذا الشأن يقول – الخبير القانون المحامي بالنقض أحمد غريب، أن كل من يتحدث عن عدم دستورية قانون التصالح تأسيسا على مبدأ عدم سريان القانون بأثر رجعي وأنه لا جريمة ولا عقوبة بدون نص وأن العقوبة شخصية، نؤكد لهم أن فلسفة هذا القانون بنيت على تطبيقه بأثر رجعي، وإلا فقد معناه فهو جاء ليوفق ويصلح أعمالا تمت بالمخالفة للقانون أى أنها تمت فهو جاء ليصلح بين جهة الإدارة بما لها من سلطة تنفيذ قرارات الإزالة، وبين صاحب مصلحة فى ألا تتم الإزالة، وجاء ليصلح وضع بين جهة الإدارة الرافضة لتوصيل المرافق للأبنية المخالفة وبين صاحب مصلحة في توصيل تلك المرافق وجعل لذلك مقابل أي جعل مقابل مادي للتصالح ومن ثم لا يمكن اعتباره عقوبة، فإذا فشلت تلك المصالحة بين الطرفين تعود للإدارة سلطتها فى تنفيذ القرار الإداري.
ليس هناك تعارض بين قانون التصالح ومبدأ عدم تطبيق لقانون بأثر رجعي
ووفقا لـ"غريب" في تصريح لـ"اليوم السابع" - من هنا نفهم أنه ليس هناك تعارض بين قانون التصالح ومبدأ عدم تطبيق لقانون بأثر رجعي، فكما أوضحنا أن فلسفة هذا القانون تقوم أساسا على تطبيقه بأثر رجعي، كما أن هذا القانون لم يستحدث جريمة ولم يقر عقوبة، فالجريمة وقعت سابقآ وجاء هو ليعالجها ومن ثم فلا جريمة استحدثت ولا عقوبة قررت بمقتضى هذا القانون، ونرى أن يعمل الجميع على التخفيف من آثار تطبيقه من حيث تنفيذ الإزالة أو من حيث قيمة مقابل التصالح ولكن التعويل على عدم دستورية القانون للأسباب المذكورة اعتقد أن ذلك ليس فى محله، وقد يحكم بعدم الدستورية ولكن لأسباب أخرى.
وبحسب "غريب" - وبصرف النظر عن مدى الرضاء عن هذا القانون فيما يخص قانون التصالح فى بعض مخالفات البناء فيما يتعلق بمطالبة البعض بعدم سريان القانون بأثر رجعي أن هذا الرأي لا يستقيم مع تسمية القانون، فالقانون عرف بأنه قانون تصالح، والتصالح لا يكون إلا فى وقائع تمت قبل صدوره وإلا ما سمى بقانون التصالح، فأنت تتصالح على أعمال وأفعال تمت بالفعل ولا تتصالح على أعمال لاحقة سوف تتم فما يتفق على إتمامه لاحقا فهو إجازة لتلك الأعمال وليس تصالح فيها، فالقانون صدر ليعالج أخطاء وقعت في الماضي قبل صدوره بل إنه منع التصالح مع الأعمال اللاحقة على صدوره، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى هناك خلطا ما بين الشق الجنائي والشق الإداري فى واقعة البناء، فالشق الجنائي في واقعة البناء يسرى عليه أحكام القانون من انقضاء دعوى وسقوط عقوبة باعتبارها جنحة حسب التصنيف القانوني للجرائم أما الشق الإداري وهو قرار الإزالة فيظل هذا القرار مستمرا واجب التنفيذ إلى أن ينفذ أو يتم إلغاؤه.
القانون رقم 1 لسنة 2020 بشأن تعديل أحكام القانون رقم 17 لسنة 2019
وفى سياق أخر ، يقول المستشار أحمد عبد الرحمن الصادق، رئيس المحكمة السابق، أن القانون رقم 1 لسنة 2020 بشأن تعديل أحكام القانون رقم 17 لسنة 2019 حول التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين الأوضاع، تضمن العديد من التيسيرات على المواطنين، كما راعى البعد الاجتماعي، خاصة وأن فلسفة التشريع قائمة على التخفيف وتشجيع المخالفين على التصالح للقضاء على هذه الظاهرة، وذلك من خلال وضع حزمة من الإجراءات والاشتراطات، بداية من تحديد قيمة المخالفة، وآليات التحصيل، وإمكانية التقسيط، ووضعت اللائحة التنفيذية اشتراطات ميسرة للتقسيط.
ويُضيف "الصادق" في تصريح خاص - وفقا للقانون ونص المادة 5: "يجوز أداء قيمة التصالح وتقنين الأوضاع على ثلاثة أقساط سنوية بدون فوائد على النحو الذى تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون، بخصم ما سبق سداده من غرامات فى أحكام قضائية خاصة بالمبنى وسددت من ذوى الشأن"، وهناك الحالات التى لا يجوز التصالح بها في مخالفات البناء طبقا للقانون 17 لسنه 2019 وتعديلاته الأخيرة حيث نصت المادة "1" من قانون التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين الأوضاع 17 لسنة 2019 وتعديلاته الأخيرة.
8 حالات يحظر التصالح فيها
ومع مراعاة ما ورد فى شأنه نص خاص فى القانون المنظم للمحال العامة، يجوز التصالح وتقنين الأوضاع فى الأعمال التى ارتكبت بالمخالفة لأحكام قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، وما قبله من قوانين منظمة، وفى حالات تغيير الاستخدام فى المناطق التى لا يوجد لها مخططات تفصيلية معتمدة، والتى ثبت القيام بها قبل العمل بأحكام هذا القانون، وذلك على النحو المبين به، حيث يحظر التصالح على أى من المخالفات المتعلقة بالتالى:
1-الأعمال المخلة بالسلامة الإنشائية للبناء.
2-التعدى على خطوط التنظيم المعتمدة، وحقوق الارتفاق المقررة قانونًا أو اتفاقا ما لم يكن قد تم الاتفاق مع ذوى الشأن.
3-المخالفات الخاصة بالمباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز.
4-يُحظر التصالح على أى من المخالفات المتعلقة بتجاوز قيود الارتفاع المقررة من سلطة الطيران المدني أو تجاوز متطلبات شئون الدفاع عن الدولة.
5-البناء على الأراضي المملوكة للدولة ما لم يكن صاحب الشأن قد تقدم بطلب لتوفيق أوضاعه وفقًا للقانون.
6-البناء على الأراضي الخاضعة لقانون حماية الآثار وحماية نهر النيل.
7-تغيير الاستخدام للمناطق التي صدرت لها مخططات تفصيلية معتمدة من الجهة الإدارية، ما لم توافق الجهة الإدارية.
8-البناء خارج الأحوزة العمرانية المعتمدة، ماعدا المشروعات الحكومية والمشروعات ذات النفع العام، والكتل السكنية القريبة من الأحوزة العمرانية للقرى وتوابعها، والمدن، وتحدد اللائحة التنفيذية معيار القرب.
كلمة السر نموذج "3"
ويوضح "رئيس المحكمة السابق" تعريف بنموذج 3، وما يمنحه للمواطن المقدم على التصالح في مخالفات البناء، والآثار المترتبة على منحه، حيث يتضمن نموذج 3 والذي يمثل ورقة يحصل عليها المواطن الذي يتقدم بطلب للتصالح على مخالفات بناء، بيانات المواطن وعنوان وبيانات العقار محل طلب التصالح بما في ذلك المساحة المطلوب التصالح عنها، ويعد هذا النموذج الممنوح شهادة من الوحدة المحلية أو المركز التابع له المواطن بقيامه بتقديم طلب التصالح عن الأعمال المخالفة عن العقار.
ويوضح أيضا بالنموذج المستندات التي قدمها المواطن بما في ذلك تاريخ ارتكاب المخالفة، ونسخة من الرسومات المرفقة بترخيص البناء، وتقرير من مكتب استشاري عن السلامة الإنشائية للمبنى، ويتضمن النموذج تأكيد مجلس المدينة أو الوحدة المحلية على قبول الطلب تمهيدا لعرضه على اللجنة المختصة لإبداء الرأي، وأن نموذج 3 هو شهادة طبقا للمادة الثالثة من القانون رقم 17 لسنة 2019 في شأن التصالح في بعض مخالفات البناء، وتقنين أوضاعها، وذلك لوقف نظر الدعاوى المتعلقة بالمخالفة قضائيا، ووقف تنفيذ الأحكام والقرارات والإجراءات الصادرة في شأن أعمال المخالفة محل الطلب لحين البت في طلب التصالح – الكلام لـ"الصادق".
ويتم استلام الطلب وتسليم المواطن "نموذج 3"، حتى لو لم تستكمل ملفاته ومستنداته التي ترفق مع الطلب وذلك بتوجيهات من رئاسة الوزراء، ولا يمكن إزالة أي وحدة يتسلم صاحبها "نموذج 3" بمجرد تقدمه بطلب التصالح، حيث يتم وقف جميع الإجراءات التي يمكن اتخاذها ضد المخالفة من إجراءات هدم، وحتى الأحكام سيتم تجميدها لحين إجراءات التصالح، وتعطي إدارات الدولة فترة سماح لمدة شهرين للمواطنين لاستكمال واستيفاء المستندات الباقية له بطلب التقدم على التصالح في مخالفات البناء، ونص القانون على سداد قيمة التصالح في مخالفات البناء على أقساط لمدة 3 سنوات بدون فوائد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة