تُعد جريمة سرقة التيار الكهربائي من الجرائم الأكثر انتشاراَ فى الآونة الأخيرة، وقد كثرت أساليب وطرق ارتكابها كما تعددت دوافعها، مما حدا للجهات المعنية إلى العمل على الحد من هذه الظاهرة عن طريق تشديد العقوبة المقررة للجريمة أو إصدار لوائح تنظم الخدمات الكهربائية، وتعاقب على سرقة هذه الخدمات أو سوء استخدامها، فقد صرح الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أنه تم وضع آليات جديدة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة لملاحقة سأرقى التيار الكهربائي من مستخدمي العدادات مسبوقة الدفع، الذين يبلغ عددهم ما يقرب من 9 مليون 500 مشترك حتى الآن.
سرقة التيار الكهربي من جرائم الاعتداء على المال
ومما لا شك فيه أن التعدي على ملكية التيار الكهربائي يقع أساساَ في بوتقة جرائم الاعتداء على المال، وذلك لأن القانون يسبغ حمايته على كافة الأموال بغض النظر عما إذا كانت ملكية التيار الكهربائي عامة أو خاصة ما دام أن فاعل الجريمة يعلم أنه لا ملكية له عليها، ولا حق له فى استخدامها، وأنه يتعدى على هذه الحقوق بغير رضاء مالكيها، ولعل البحث فى جريمة سرقة التيار الكهربائي يحظى بأهمية كبيرة، خاصة أنها تعتبر فى أغلب الأحوال من الأموال العامة إذ لا بد من المحافظة عليها بمنع العبث والتعدي عليها.
كيف واجه القانون جريمة سرقة التيار الكهربى؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية تهم الملايين بشأن محاضر سرقة التيار الكهربائي وكيفية مواكبة المشرع المصري للتعديلات القانونية التي تمت في هذا الشأن بالقانون رقم 87 لسنه 2015 فى المادة 71 من قانون تنظيم الطاقة والتي نصت على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن سنتين، وبغرامة لا تقل 10 آلاف جنيه ولا تزيد عن 100 ألف جنيه، أو بهاتين العقوبتين، كل من استولى بغير حق على التيار، وتنقضى الدعوى الجنائية بالتصالح – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض عبد الرحمن الشريف.
تعديل القيد والوصف من سرقة لاستيلاء
فى البداية – يجب أن نعلم أن الجديد فى سرقة التيار الكهربائي والممارسة بقانون تنظيم الطاقة رقم 87 لسنة 2015 هو تعديل القيد والوصف بخصوص محاضر الكهرباء والممارسة، قبل التعديل: "سرقة ويكون الحضور إلزامي ويصدر الحكم بعد دفع التصالح بشهر مع الإيقاف"، بعد التعديل: "أصبحت استيلاء ولا تستوجب الحضور و تنقضي الدعوي الجنائية بالتصالح بعد دفع التصالح ويحضر المحامي بتوكيل " – وفقا لـ"الشريف".
ومنذ القريب كان المتهم في جنحة سرقة التيار الكهربائي يسدد الغرامة للشركة ويقدم ما يفيد التصالح أمام المحكمة، ثم يأخذ حكم غالبا ما يكون شهر مع الإيقاف كونها من جرائم السرقة التي لا يجوز التصالح فيها، فصدر هذا القانون مؤخرا ليجيز التصالح وانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح فلا حاجة للحكم مع الإيقاف وهو قانون تنظيم الطاقة رقم 87 لسنة 2015 ونشر في الجريدة الرسمية فى العدد 76 مكرر بتاريخ 8/7/2015 بذلك أصبح غير مطلوب حضور المتهم حيث عدل الاتهام من سرقة إلى استيلاء – الكلام للخبير القانونى.
جنحة الاستيلاء على التيار الكهربائي
ولا يلزم حضور المتهم بشخصه في جنحة الاستيلاء على التيار الكهربائي بعد صدور القانون 87 لسنة 2015 وجواز الحكم بالغرامة بدلا من الحبس وتنقضي الدعوى بالتصالح في حالة السداد، فقد نصت المادة رقم 87 على أنه: "لا يلزم حضور المتهم بشخصه فى جنحة سرقة التيار الكهربائي، ويجوز الحكم بالغرامة بدلًا من الحبس وتنقضي الدعوى بالتصالح فى حالة السداد قيمه كميه الكهرباء المستوى عليها عن طريق شركه الكهرباء وتحريرها مخالصة للشخص المستولى على الكهرباء".
مجلس النواب يوافق على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء
هذا وقد وافق مجلس النواب في أغسطس الماضى على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر بالقانون رقم 87 لسنة 2015، لمواجهة ظاهرتى ضلوع بعض العاملين فى هذا المجال بتوصيل الكهرباء بالمخالفة لأحكام القانون، أو امتناعهم عمدا عن تقديم الخدمات، وجاء فى القانون من عقوبات بشأن هذا الصدد:
- كل من قام أثناء تأدية أعمال وظيفته فى مجال أنشطة الكهرباء أو بسببها بتوصيلها لأى من الأفراد أو الجهات دون سند قانونى بالمخالفة لأحكام القانون والقرارات المنفذة له .
- من علم بارتكاب أى مخالفة لتوصيل الكهرباء، ولم يبادر بإبلاغ السلطة المختصة.
- من قام بالامتناع عمداً عن تقديم أى من الخدمات المرخص بها دون عذر أو سند من القانون
- يواجه هؤلاء عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين
- وفى حالة العودة يواجه الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .
- كما تقضى المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد مثلى قيمة استهلاك التيار الكهربائى المستولى عليه .
- وتنقضى الدعوى الجنائية بشأن هذه الحالة إذا تم التصالح وفقاً لنص المادة (18 مكرراً ب) من قانون الإجراءات الجنائية.
- كما واجه القانون من يستولى بغير حق على التيار الكهربائى بذات العقوبة وانقضائها إذا تم التصالح .
رأى محكمة النقض في الأزمة
وفى هذا الشأن، سبق لمحكمة النقض المصرية التصدي لهذه الإشكالية فى الطعن المقيد برقم 23921 لسنة 4 القضائية، حيث أصدرت أول حكم فى غضون 17 أكتوبر 2015 تطبيقا للقانون رقم 87 لسنة 2015 من جواز توقيع عقوبة الغرامة على جريمة الاستيلاء على الكهرباء بعد أن كانت تعد سرقة خلافاً لما نصت عليه المادة 318 من قانون العقوبات من وجوب توقيع عقوبة الحبس، وكذلك فيما نصت عليه من انقضاء الدعوى الجنائية في حال التصالح السداد، فإنه لم يعد حضور المتهم بشخصه وحوبيا بل يكفى حضور وكيل عنه أمام المحكمه وعدم خضوع الجريمة لنص المادة 463 إجراءات جنائية التى توجب النفاذ فى الأحكام الصادرة فى السرقة بعد أن أصبحت الواقعة استيلاء عملا بنص المادة 71 من القانون 87 لسنة 2015.
القانون رقم 87 لسنة 2015 بإصدار قانون الكهرباء
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أنه لما كان قد صدر القرار بقانون رقم 87 لسنة 2015 بإصدار قانون الكهرباء - ونشر في الجريدة الرسمية في 8 من يوليو سنة 2015 ونص في المادة 71 منه على أنه : "يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، وتنقضي الدعوى الجنائية في حال التصالح " .
لما كان ذلك، وكان نص المادة سالفة الذكر ينشئ للطاعن مركزاً قانونياً أصلح من جواز توقيع عقوبة الغرامة خلافاً لما نصت عليه المادة 318 من قانون العقوبات من وجوب توقيع عقوبة الحبس، وكذلك فيما نصت عليه من انقضاء الدعوى الجنائية في حال التصالح، وتطبق من تاريخ صدورها طبقاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات، ولما كانت تلك المادة قد صدرت بعد وقوع الفعل - في الدعوى المطروحة - وقبل الفصل في الدعوى بحكم بات، فإن لمحكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لصالح المتهم عملاً بما هو مخول لها بمقتضى المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وإذ كان البين من مطالعة المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن الطاعن قدم دليل سداد قيمة التيار الكهربائي محل الجريمة التي دين بها، فإن القانون الجديد يكون هو الأصلح له - المتهم - وقد صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات، فإنه يكون هو الواجب التطبيق ولمحكمة النقض من تلقاء نفسها عملاً بما هو مخول لها بمقتضى المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – أن تقضي بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف وبانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.
الوزير يحذر من سرقة التيار الكهربى
يشار إلى أن الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أكد أنه تم وضع آليات جديدة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة لملاحقة سارقى التيار الكهربائى من مستخدمى العدادات مسبوقة الدفع، الذين يبلغ عددهم ما يقرب من 9 مليون 500 مشترك حتى الآن.
وأضاف الوزير فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه تم اكتشاف عدد من مستخدمى العدادات مسبوقة الدفع ببعض شركات توزيع الكهرباء من بينها من يقوم بمخالفة شروط التعاقد من خلال التلاعب فى عداد الكهرباء للتهرب من تحمل قيمة استهلاك الطاقة الكهربائية المستهلكة، لافتاً إلى أنه تم اكتشاف الأمر نتيجة عدم شحن رصيد بهذه العدادات لفترة طويلة وتبين أن معدل استهلاك هؤلاء المواطنين الشهرى كان منتظم وبالتفتيش عليهم وجدوا تلاعب بعدادات المشتركين.
وقال الوزير إنه للحد من سرقات التيار الكهربائى سيتم وضع عداد ذكى فى كل لوحة توزيع كهرباء مركزية على مستوى الجمهورية، مشيرا إلى أن هذا العداد يمكن شركات توزيع الكهرباء من تحديد سارقى التيار الكهربائى وأماكنهم والقدرات المسروقة، موضحاَ أن هناك حاليا 9 مليون 500 ألف عداد مسبوق الدفع على الشبكة القومية للكهرباء فى مختلف أنحاء الجمهورية، وتستهدف الوزارة تركيب 2 مليون عداد سنواياً و تسعى لزيادة الكمية المستهدفة للتوسع فى العدادات مسبوقة الدفع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة