شهور طويلة على بدء الإعلان عن فيروس كوفيد 19، ومع هذا ورغم مرور الوقت، يتضاعف الغموض حول الفيروس. وبينما يجرى الحديث عن موجة ثانية فى الخريف والشتاء من الفيروس، تظل هناك أسئلة بلا إجابات.
بالفعل يحتار العلماء فى كيفية حدوث العدوى بالفيروس، ودرجة عنف الإصابة، ومتى تصل للوفاة، وكيف يشفى مصابون من دون أدوية، بينما يعانى غيرهم لأسابيع طويلة. وهل هو فيروس واحد أم سلالات، تختلف فى الدرجة؟
واضح أن التضارب فى فهم تركيبة وصفات فيروس كورونا أمر لا يتعلق بنا وحدنا، لكنه أمر عالمى، ويبدو أن فيروس كورونا، سيبقى واحدا من أكثر الأوبئة غموضا.
وهذا الغموض لا يرجع إلى نقص الدراسات والأوراق العلمية التى تحاول فك ألغاز التركيب الجينى والملامح الوبائية للفيروس، لكن بسبب كثرة الأبحاث والدراسات حول الفيروس، وتضارب بعضها بشكل كبير، بل إن بعض خبراء الكمبيوتر يتحدثون عن ما أسموه «وباء المعلومات» وهو ما يعنى صعوبة فصل المعلومات الحقيقية عن الخاطئة.
الخبيران هما البروفيسور جانيش مانى، من جامعة كارنيجى ميلون، والدكتور توم هوب من معهد «آلن» للذكاء الاصطناعى، ونشرا ورقة فى مجلة علم البيانات Patterns: «طالبا باستخدام الحاسب فى فحص وتصنيف الأبحاث التى صدرت حول فيروس كورونا، ويقول الباحثان إنه حتى منتصف أغسطس الماضى، تم نشر أكثر من 8000 ورقة علمية حول فيروس كوفيد 19، تتنوع بين مجالات الطب والبيولوجيا والكيمياء وأن هذه الأوراق التى تمثل ثروة علمية يصعب على شخص واحد استيعابها، فضلا عن وجود تضارب بين الأوراق وبعضها، ومنها ما هو موثوق، أو غير موثوق. ويقترح الباحثان استخدام الذكاء الاصطناعى لتلخيص وجمع الأبحاث حول موضوع ما، لأنه سيكون من الصعب على البشر وحدهم حل ألغاز الفيروس.
ويقول الباحثان إن كثرة الأوراق وتنوعها يجعل من الصعب تصنيفها بشكل يفيد البشر، بل إن تعدد الآراء وتناقضها من شأنه أن يضاعف الغموض، ويثير المزيد من الرعب والقلق حول مستقبل تفهم الفيروس، بل إن هناك خبراء يرون أن هناك استعجالا فى إنتاج الأوراق والرغبة فى التوصل بسرعة إلى علاج أو لقاح تجعل بعض النتائج والاستنتاجات حول الفيروس غير دقيقة، ويضربون مثلا بتضارب نتائج تجارب بلازما المتعافين أو الكلوركين وفاعليته.
وفى حين أقرت بعض البروتوكولات العلاج بـ«هيدروكسى كولوروكين»، أفاد علماء فرنسيون بأن مراجعة 29 دراسة علمية أجريت على العقار أظهرت أنه لا ينقذ حياة المرضى المصابين. ونفس التضارب فيما يتعلق باستعمال بلازما المتعافين، حيث أعلنت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية رفضها للبلازما، ثم عادت وأقرت استعمالها، ونفس الأمر فيما يتعلق بالكورتيزون واستعماله فى بعض الحالات الحرجة.
ونفس التضارب يتم حول تقييم اللقاحات التى تظهر، حيث تخضع عمليات التقييم لظروف السياسة، فضلا عن أن عدم وجود سياق واحد للأبحاث والنشر، يجعل بعض الجهود العلمية ضائعة، حيث يمكن لفريقين بحثيين أن يعملا فى نفس الاتجاه طالما لا يطلع أحدهما على أبحاث الآخر.
وصف «الوباء المعلوماتى» جاء من قبل منظمة الصحة العالمية وجهات أخرى ترى أهمية مواجهة تضارب الأوراق والأبحاث حول كورونا.
ومن هنا يطالب الباحثان باستعمال الذكاء الاصطناعى لتصنيف وتلخيص الأبحاث وإتاحتها للباحثين حتى يمكن السير باتجاه التراكم العلمى للوصول إلى نتائج بناء على مصالح البشر وليس المنافسة أو التوترات السياسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة