محمد ثروت

إلحاد الشباب يحتاج إلى حوار عقلاني هادئ

الجمعة، 18 سبتمبر 2020 02:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ظاهرة الإلحاد بين الشباب في عالمنا العربي والإسلامي، تستحق التوقف عندها وفتح حوار عقلاني بعيدا عن التشنج والخطابية والدفاع والتبرير، وهذا الحوار لن يكون ناجحا إلا إذا عرفنا أسباب انتشار هذه الظاهرة بين شبابنا الحائر المتلهف لمعرفة الحقيقة أحيانا والمتأثر بالتقاليع المنتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي أحيانا أخرى.

إن التمرد على السلطة، أي سلطة- قد يكون أهم مسببات الإلحاد، فالشباب الملحد يرفض سلطة الإله وسلطة الأب وسلطة المعلم وأي سلطة تحاول استلاب إرادته، وفرض الهيمنة على عقله   ووجدانه. فيتجه إلى الرفض وإنكار وجود الله، من هنا يكون الحوار أساسا حول فكرة الحرية وأن الأديان لا تسلب حرية الفرد، ولا تقمعه لمجرد القمع، وأن الله رحيم بعباده "يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ"، وهو رحيم وسعت رحمته كل شيء المؤمن وغير المؤمن.

ومن مسببات الإلحاد أيضا التطرف الديني الذي يدفع الشباب وهو يرى قسوة المتشددين وحبهم لسفك الدماء داعش/ القاعدة وأخواتها وغيرها من الجماعات التكفيرية، إلى رفض فكرة الدين أساسا، بناء على ما يراه بعض الشباب من سلوكيات المتدينين تدينا ظاهريا سلفيا راديكاليا، يختصر الدين في مظاهر شكلية (إطالة اللحى، لبس الجلباب القصير للرجال، زي المرأة الإسلامي، تحريم الاختلاط، تحريم الفنون.. إلخ). مما يجعل بعض الشباب ينفر من الدين ويتخلى عنه إلى أفكار ومعتقدات ومذاهب مادية بعيدة عن جوهر الدين الحقيقي وسماحته.   

أذكر أنه في مرحلة الدراسة الإعدادية ونحن تلاميذ صغار بالتعليم الأساسي في مدرسة مشتركة، كانت زميلتنا ابنة أستاذ الفلسفة المعروف، تثير أسئلة جدلية أمامنا ونحن طلاب فهي تفطر في رمضان وعندما نسألها لماذا تفطرين: تقول ولماذا أصوم أصلا؟ هل الدين تعذيب وتجويع للفرد؟  ولم نكن نعرف الرد العقلاني على أسئلتها الجدلية، فكنا نرد ردودا تقليدية ومنها أن الله أمرنا بالصوم، بينما كانت إيزيس لا تعترف بوجود الله من الأساس. كما أن أسلوب معلم اللغة العربية السلفي نقد طريقة إطالة شعر زميل لنا وشكل ملابسه وارتدائه سلسلة في رقبته رغم أن بها مفتاح منزله، وأنها حرام، دون أن يبين له بالحسنى واللطف واحترام وجهة نظره مهما كان الخلاف معها، تسبب في اتجاه هذا الزميل إلى الأفكار والمعتقدات المادية فيما بعد، وإعلان أن السبب في ذلك مدرس اللغة العربية الذي نفره من الدين بشكل عام

إن حجة الشباب الملحد قد تكون إعمال العقل ومن منا يرفض إعمال العقل سوى أصحاب العقول المتحجرة المتجمدة؟ ولذلك لابد أن يكون النقاش معهم بالألة والبراهين وليس بالتنفير والوعد والوعيد والتهديد. كما أن دور الأسرة مهم في تنشئة الصغار على القيم والمبادئ الدينية الحقيقية وليس الشكلية وعدم تخويفهم من الله وإلقاء الرعب في نفوسهم، فالله رحيم ودود غفور محب لعباده، لا يتمنى لهم الشر والهلاك. كما ينبغي للمؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وصناع الدراما العمل مع الدعاة والأئمة والمؤسسات الدينية في سبيل تجديد الخطاب الديني، بشكل حقيقي متعمق، فتجديد الخطاب الديني ليس مسؤولية مؤسسة الأزهر أو الكنيسة فقط، بل المجتمع بنخبته ومثقفيه ومؤسساته الدينية وغير الدينية، كما أنه من الواجب عند الحديث في المصطلحات التفرقة بين العلمانية والإلحاد وبين الدعوة للاجتهاد وإعمال العقل والدعوة للخروج على الأديان وهدمها من الأساس..أفلا تعقلون؟







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة