تشهد ليبيا تطورات متسارعة خلال الأيام القليلة الماضية للدفع بالعملية السياسية نحو الأمام وتثبيت وقف إطلاق النار فى البلاد، وهى التحركات الرامية إلى نزع فتيل الأزمة والتوصل لحل يرضى جميع الأطراف عبر هيكلة المجلس الرئاسى واختيار حكومة جديدة خلال اجتماع جنيف المرتقب منتصف شهر أكتوبر المقبل.
وبدا يلوح فى الأفق تقارب برقاوى (المنطقة الشرقية) مع مدينة مصراتة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وذلك بعد اتفاق القائد العام للجيش الليبى المشير خليفة حفتر مع نائب رئيس المجلس الرئاسى الليبى الذى ينحدر من مدينة مصراتة على استئناف انتاج وتصدير النفط إلى الخارج، والاتفاق على تشكيل لجنة فنية مشتركة تتابع الإنفاقات والتوزيع العادل للثروة.
الملاحظ أن وسائل الإعلام الليبية الداعمة للجيش الوطنى توقفت عن الحملات الإعلامية التى تشنها بشكل شبه يومى ضد الأطراف الفاعلة فى مدينة مصراتة، وهو النهج الذى تتبعه وسائل الإعلام المسموعة والمرئية الممولة من رجال أعمال من مدينة مصراتة، وهو ما يشير إلى وجود اتفاق غير معلن على وقف الحملات الإعلامية بين معسكر الشرق الليبى ومدينة مصراتة.
على جانب آخر، تتحرك بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا للدفع نحو توقيع كافة الأطراف الليبية على اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل كامل فى البلاد، وذلك قبل عقد اجتماعات الحوار السياسى فى مدينة جنيف السويسرية وهو التحدى الأكبر الذى يواجه البعثة الأممية.
تعثر اجتماعات بوزنيقة
وفى المغرب، تعثرت اجتماعات توحيد المؤسسات السيادية بعد فشل الرباط فى اقناع الأطراف الليبية بالتوقيع النهائى على ما تم التوصل إليه فى اجتماعات بوزنيقة بين وفدى البرلمان ومجلس الدولة، إلا أن الخارجية المغربية تكثف اتصالاتها خلال الساعات الماضية لدعوة رئيس مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة للحضور إلى البلاد للتوقيع على الاتفاق.
كانت الأطراف الليبية قد أكدت أن اجتماعاتها فى بوزنيقة تهدف لوضع آلية محددة لاختيار الشخصيات الليبية المرشحة لرئاسة المناصب السيادية، وهو التحرك الذى دعمته البعثة الأممية إلا أن الأخيرة يبدو أنها تراجعت عن دعم تلك الاجتماعات بعد انحراف مسارها ودفع الرباط نحو تهيئة الأجواء على أنها تعديل لاتفاق الصخيرات وتحديدا المادة 15 من الاتفاق السياسى.
مؤتمر للمصالحة الوطنية فى مصر
وفى إطار التحركات الجارية لتقريب وجهات النظر بين الليبيين، تحتضن القاهرة فى النصف الأول من شهر أكتوبر المقبل مؤتمر هو الأكبر للمصالحة الوطنية الليبية بمشاركة عشرات الشخصيات وشيوخ القبائل، وعدد من النواب، وذلك لبحث إبرام مصالحة شاملة بين كافة أبناء الشعب الليبى، بحسب ما أكده حسن المبروك عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر المصالحة الوطنية المزمع تنظيمه فى مصر.
قال حسن المبروك، أن اللجنة تدعو السلطات الليبية والمجتمع الدولى وكافة المنظمات لحل المسألة الليبية والحفاظ على وحدة ليبيا وسيادتها، وعدم التدخل الخارجى، وإخراج المرتزقة وحل المليشيات واحتكار السلاح بيد مؤسسات الدولة، والمصالحة الوطنية الشاملة.
وأكد المبروك فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن المصالحة الوطنية لا تتم إلا بالإفراج الفورى عن الأسرى والمعتقلين، تنفيذ وتعميم قانون العفو العام الذى أصدره البرلمان الليبى، عودة المهجرين والنازحين وتعويضهم وجبر ضررهم، والتوجه للدكتور سيف الإسلام معمر القذافى وأولياء الدم والقيادات المرجعية فى ليبيا محل تقدير واحترام كل الليبيين بأن يقودوا المصالحة الوطنية الشاملة.
وتوجه حسن المبروك بالدعوة للسلطات الليبية ومجلس الأمن، محكمة الجنايات الدولية بأن ترفع القيود على دكتور سيف الإسلام معمر القذافى، ورفاقه من قيادات النظام الجماهيرى لكى تساهم بإيجابية فى المصالحة الوطنية الشاملة ودعم استقرار وأمن ليبيا.
ناشد المبروك القيادات الاجتماعية وأهل الفقه والعلم والأئمة وأهل الصلاح والتقوى بأن يقوموا بواجبهم الدينى والاجتماعى والإصلاحى لإنجاح المصالحة الوطنية الشاملة، متوجها برسالة للشعب الليبى من أولياء الدم، أن عشرة سنوات من الحرب والدم والدمار وإهدار الثروات ونشر الحقد والضغينة بين الليبيين كافية للاعتبار والتدبر والمراجعة بالعودة إلى كلمة سواء بين الليبيين، إلى الصلح وإحالة مظالم الشعب الليبى إلى الله ثم للقضاء الليبى حال قيام الدولة ومؤسساتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة