كتاب "رغبات محققة" لـ واين داير، يحث على الانتباه إلى أهمية قدرتك على أن تشعر فى جسدك بالأمر الذى تريد أن يظهر ويتجلى، ويعد من الكتب الأكثر نجاحا فى عالم التنمية البشرية، ومن الشخصيات التى يتحدث عنها المؤلف ويرى أنه أثر فيه شخصية "لاو - تزو"، لاو تزه أو لاو تسى أو لاوتزو فيلسوف صينى قديم وشخصية مهمة في الطاوية ولد 604 ق.م.
يقول الكتاب، بالعودة إلى عام 2005 تعرّفتُ على نص روحى قديم اسمه "تعاليم التاو" ألّفه المُعلّم الصينى "لاو تزو" قبل ألفين وخمسمئة عام. اعتبر البعض هذا الكتاب الصغير الذى يحوى احدى وثمانين عبارة قصيرة أنه الكتاب الأكثر حكمة فى العالم، لقد اطلعت بوعى سطحى على "التاو"، ولكنّه سُرعان ما أصبح أحد أبرز التعاليم فى حياتى، لقد أدركت أننى عندما وأنا فى الخامسة والستين من عمرى ما أزال أقرأ وأحصلُ على رسائل من تعاليم التاو التى تُرجمت على نحو واسع إلى "كتاب عيش فضائل الطريق العظيمة".
لقد كانت بعض المقاطع المقتبسة بكثرة مألوفة بالنسبة إليّ، حتى أننى اقتبستُها فى كتبى السابقة المنشورة، ولكن الآن فى عام 2005 ولسبب ما، بدا وكأننى أُمطرت بوابل من هذه المقاطع على صعيد يومي. ظهرَت لى بعض السطور من كتاب "التاو" على لائحة الطعام فى المطعم، سمعتُ عدة اقتباسات منه فى برنامجين تلفزيونيين، وجدتُ فى مخزن كتب ترجمة لها موضوعة بالخطأ على رفّ جانب كتاب من كتبي، أخبرنى صديق مُقرّب قصة التزامه بتعاليم "التاو" والسلام الذى منحته إياه، أرسل لى شخص لا أعرفه بطاقة تحوى الأبيات الاحدى وثمانين مُرفقة برسم للحكيم "لاو تزو" وهو يجلس على ثور، وقد بدَت الصورة وكأنّ التشابه فيها يُخاطبنى كما لم يفعل أى رسم من قبل.
فى أحد الصباحات، أثناء تأمل عميق جاءنى هاتف داخلى قوى أن أقرأ كلّ كتاب «Tao TeChing»، وبالفعل قمتُ بذلك فى اليوم نفسه. اتصلتُ بناشرى ذلك المساء وأخبرتُه أنى أُريد أن أكتب مقالاً مُختصراً عن كلّ بيت من الأبيات الاحدى وثمانين، حول كيف يُمكن تطبيق حكمة "لاو تزو" القديمة فى عالمنا المُعاصر، وأنشرها فى مُجلّد واحد بعنوان "غيَّر أفكار - غيَّر حياتك" "Change Your Thoughts - Change Your Life".. بدأتُ منذ تلك اللحظة أشعر أنّ العلاقة التى تربطنى مع "لاو تزو" تُشبه العلاقة التى ربطتنى مع القدّيس "فرانسيس" فى العقد الماضي، بدأتُ أسمع هذا الرجل يُخاطبنى فى جلسات تأملى الصباحية.
ذكرتُ ذلك فى برنامجى الإذاعى الأسبوعى على راديو "هاى هاوس دوت كوم" حيث أخبرتنى فنانة تُدعى "ماغالي" على الهواء أنها التقطت تشابهاً فى الشكل الخارجى بينى وبين "لاو تزو"، حدث عبر نوبة جنون من الرسم الآلي، وأخبرتنى أنها ستُرسلها إليّ. وصلَت اللوحة عبر خدمة الايصال سريعة، وقد أمضيتُ عام 2006 بأكمله وأنا أتحدّث بالمعنى الحرفى للكلمة عن ذلك التشابه بيننا.
كلّ أسبوع كنتُ أمضى أربع ساعات ونصف يومياً أدرس، اتأمل، أُثقف نفسى وأحلل أبيات "تاو تيتشينج"، عند انتصاف النهار وبعد التأمل على رسم شخصية "لاو تزو" كنتُ ببساطة أسمح للكلمات أن تتدفّق على الورق. لقد أمضيتُ عام 2006 بأكمله وأنا أُناجى "لاو تزو"، أُحدّق فى اللوحة وأُراقب كيف تبدو عيناه، وكأنها تُلاحقنى وأنا أتحرّك فى المكان الذى أكتب فيه، والأهمّ من كلّ هذا كنتُ أستمع، ثمّ أسمح للكلمات أن تتدفّق عبر قلبى وتحطّ على الصفحة.
كان ذلك العام المُستغرَق فى دراسة «تاو تيتشينغ» «Tao TeChing» عامل تغيير حقيقى فى حياتي. لقد تعلّمتُ ومارستُ التعاليم الأساسية من التواضع، القناعة، البساطة، الصفاء. عشتُ داخل اللغز ووجدتُ الإله فى الطبيعة وليس فى العقيدة. لقد أصبح «لاو تزو» رفيقى الدائم، ولم يكن كتابه «تاو تيتشينغ» دليلى إلى أسلوب حياة مُتنوّر فحسب، بل كان كذلك بالنسبة إلى ملايين الناس على حدّ سواء. لقد أتاحت لى خدمة الاذاعة العامة PBS أن أُقدّم جوهر تعاليم "لاو تزو" القديمة فى برنامج استعراضى تمّ بثه آلاف المرات، وغالباً فى أوقات الذروة، فى كلّ الأسواق المركزية فى "الولايات المتحدة الأمريكية" و "كندا"، بطريقة أو بأُخرى وعلى نحو غامض لا يعلم حقيقته إلا "التاو" الخفى أو العقل الإلهى الواحد، أصبحتُ وسيلة من أجل إيصال هذه التعاليم المُؤثرة إلى عدد كبير من الناس، وذلك بعد مضى خمس وعشرين قرناً على رحيل "لاو تزو".