الرئيس: مصر حرصت على دعم جهود القارة الأفريقية فى الحفاظ على التنوع البيولوجى ووقف تدهور الطبيعة
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن جائحة كورونا قد فرضت قيودًا وتحديات جديدة أمام نجاح العمل الدولى متعدد الأطراف من ناحية، إلا أنها عززت شعورنا بالمسئولية المشتركة إزاء مستقبل هذا الكوكب ومصير الأجيال القادمة عليه من ناحية أخرى.
وأعرب الرئيس، فى كلمته أمام قمة التنوع البيولوجى، عن أمله فى أن تساهم قم اليوم فى تعزيز إدراكنا لحجم تلك المسئولية، وأن تخرج بنتائج واضحة تعكس إرادتنا السياسية الجماعية لتغيير الوضع الراهن إلى الأفضل.
وأكد الرئيس أن ثراء التنوع البيولوجى وحمايته يؤثر بشكل مباشر على كافة مناحى الحياة؛ وإدراكًا منها لذلك، وضعت مصر نظمًا فعالة لصون الطبيعة والبيئة المحيطة بها، لاسيما نهر النيل الذى يمثل شريان الحياة لحضارة تجسدت فيها الإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية، حيث حرصت مصر دومًا – وما تزال - على استدامة النظم الإيكولوجية لحوض النهر، ولطالما دعت إلى ضرورة تعزيز التعاون العابر للحدود بين دوله، بالنظر لكون المياه هى حجر الزاوية فى جهودنا للحفاظ على التنوع البيولوجى وحماية الطبيعة
وفيما يلى نص الكلمة..
السيد/ أنطونيو جوتيرش، سكرتير عام الأمم المتحدة
السيد/ فولكان بوزكير، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة
السيد/ منير أكرم، رئيس المجلس الاقتصادى والاجتماعي
أصحاب الفخامة
السيدات والسادة،
يُسعدنى أن أشارككم اليوم فى هذه القمة المتزامنة مع الاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الأمم المتحدة، فى ظل ظرف استثنائى راهن يتمثل فى انتشار فيروس كورونا المستجد وتبعاته الاقتصادية والاجتماعية، مع تزايد الوعى بخطورة التحديات البازغة وتشابك آثارها، وعلى رأسها القضايا البيئية وتداعياتها غير المسبوقة، وهو ما أثبت صواب رؤية المجتمع الدولى حين وضع نصب عينيه مبدأ الحفاظ على الطبيعة والتنوع البيولوجى كإحدى أولويات التعاون الدولي.
ومن هذا المنطلق، فإن التدهور المضطرد فى التنوع البيولوجى، والوتيرة المتسارعة لفقدان الموارد الطبيعية على كوكب الأرض نتيجة التدخل البشرى فى الحياة الطبيعية والنظم الحيوية، بات يحتم علينا التحرك بشكل أكثر تنسيقًا وفاعلية فى مواجهة هذه التطورات التى تهدد دولنا كافة، وتعمق من الفوارق بين الدول النامية والدول المتقدمة، وتحد من قدرتنا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لشعوبنا، لاسيما فى الدول النامية والأقل نموًا، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك ظاهرة تغير المناخ، وما تمثله من خطر وثيق الصلة بفقدان التنوع البيولوجى، ومن ثم فإننا أمام اختبار حقيقى فى علاقتنا مع الطبيعة يفرض علينا العيش فى تناغم معها، وهو ما يمثل جوهر مقصدنا المشترك عبر الربط بين التنوع البيولوجى وتحقيق التنمية المستدامة.
وتنفيذًا لهذه الرؤية، وحرصًا على تجاوز القصور فى الجهد الدولى عن الوفاء بمقاصد اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى، وما تبعها من أهداف توافقنا عليها على الصعيد الدولى لوقف التدهور الراهن فى التنوع البيولوجى، شهد مؤتمر الأطراف الرابع عشر فى شرم الشيخ عام 2018 إطلاق مسار للتفاوض حول الإطار العالمى للتنوع البيولوجى لما بعد 2020 يسعى إلى بلوغ أهداف طموحة مدعومة بوسائل التنفيذ وآلياته، ولقد حرصت مصر خلال الفترة الماضية على العمل مع كافة أصحاب المصلحة لضمان خروج إطار التنوع البيولوجى لما بعد 2020 على نحو عادل ومتوازن، ونتطلع إلى اعتماده خلال مؤتمر الأطراف المقبل فى الصين.
وإيمانًا بوحدة منهج صون الطبيعة، وبالدور الهام لكافة الأطراف الفاعلة فى هذا المجال من دول وحكومات ومجتمع مدنى وقطاع خاص، أطلقت مصر خلال هذا المؤتمر مبادرة شاملة تهدف إلى دمج التنوع البيولوجى فى القطاعات النوعية المختلفة، وذلك من خلال تحقيق التكامل بين اتفاقيات ريو الثلاث المعنية بتغير المناخ، والتنوع البيولوجى، ومكافحة التصحر، وعملنا بجهد خلال الفترة الماضية مع مختلف الشركاء لدفع هذه المبادرة إلى الأمام، كما تقوم مصر بتفعيل مبادئها من خلال دمج التنوع البيولوجى فى قطاعات المحميات الطبيعية والسياحة البيئية على سبيل المثال، وكذلك فى خططها التنموية لحماية تلك الموارد وإيجاد المزيد من فرص العمل.
وفى مسار مكمل لهذا الجهد، حرصت مصر على دعم جهود القارة الأفريقية فى الحفاظ على التنوع البيولوجى ووقف تدهور الطبيعة، حيث استضافت على هامش نفس المؤتمر بشرم الشيخ اجتماعًا افريقيًا رفيع المستوى، تناول أولويات القارة للحفاظ على ثرواتها الطبيعية المتنوعة، وذلك انطلاقًا من أن قدرة الدول النامية، لاسيما الإفريقية، على المشاركة فى هذا الجهد الدولى مرهونة بما تحصل عليه من دعم عبر توفير التمويل، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات، استنادًا إلى مبدأ المسئولية المشتركة متباينة الأعباء والتفاوت فى القدرات بين الدول المتقدمة والدول النامية.
السيدات والسادة،
كما تعلمون فإن ثراء التنوع البيولوجى وحمايته يؤثر بشكل مباشر على كافة مناحى الحياة؛ وإدراكًا منها لذلك، وضعت مصر نظمًا فعالة لصون الطبيعة والبيئة المحيطة بها، لاسيما نهر النيل الذى يمثل شريان الحياة لحضارة تجسدت فيها الإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية، حيث حرصت مصر دومًا – وما تزال - على استدامة النظم الإيكولوجية لحوض النهر، ولطالما دعت إلى ضرورة تعزيز التعاون العابر للحدود بين دوله، بالنظر لكون المياه هى حجر الزاوية فى جهودنا للحفاظ على التنوع البيولوجى وحماية الطبيعة.
ختامًا، فلا شك أن جائحة كورونا قد فرضت قيودًا وتحديات جديدة أمام نجاح العمل الدولى متعدد الأطراف من ناحية، إلا أنها عززت شعورنا بالمسئولية المشتركة إزاء مستقبل هذا الكوكب ومصير الأجيال القادمة عليه من ناحية أخرى، فنأمل أن تساهم قمتنا اليوم فى تعزيز إدراكنا لحجم تلك المسئولية، وأن تخرج بنتائج واضحة تعكس إرادتنا السياسية الجماعية لتغيير الوضع الراهن إلى الأفضل.