القارئ ماجد يوسف يكتب: رحلة العمارة

السبت، 05 سبتمبر 2020 02:00 م
القارئ ماجد يوسف يكتب: رحلة العمارة مشروع جنة عدن Eden Project

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى يوم عاصف فى لندن كنا نستعد باكراً لركوب الباص لنبدأ رحلة طويلة إلى إقليم كورن وول فى جنوب غرب بريطانيا، لزيارة أهم مشروعات العمارة المستدامة فى العالم، وهو مشروع جنة عدنEden Project، استغرقت الرحلة ما يزيد عن أربع ساعات، وكلنا نتشوق لرؤية ومعايشة هذا العمل المعمارى الفريد، كان أول ما أصابنا بالصدمة هو المقياس العملاق لهذه الهالات القببية المتشابكة الذى تفنن المعمارى البريطانى نيكولاس جريمشو فى تصميمها لاحتواء مناخات بيئية مختلفة، منذ لحظة دخولنا شعرنا أننا ندخل بعداً آخر زمناً آخر كأننا ندخل عالما موازيا ليس به بشر، بل هو أرض بكر تتسيده الطبيعة وكائنات ما قبل التاريخ، فالمسطحات الخضراء وخطوط الكنتور المموجة تشير إلى نجاح تصميم المبنى ليتفاعل مع ما حوله دون أى تلوث أو تغير، فالتصميم الزومورفى لهالات القباب الجيوديسية جعلها كأنها جزء من المشهد، منحت ألواح مادة ال ETFE شفافية روحانية عكست غيوم السماء.

قسّم المعمارى هذا المشروع إلى ثلاثة تجمعات قببية حيث خصّص تجربة مناخية لكل منها، فأصبحت المجموعة الأولى وهى الأكبر حجماً مخصصة لتجربة المناخ الاستوائى وفيها تزرع نباتات وأشجار تحتاج إلى الرطوبة، وأضيفت عناصر مائية من شلالات ومسارات تحاكى المناطق الاستوائية، وتعد تجربة السير فى هذه المجموعة مرهقة للزوار لإحساسهم بالرطوبة، وتحقق ذلك بسبب قوة عزل مادة الـ ETFE بين الوسط الداخلى والوسط الخارجي، تهدف التجارب العلمية التى تحدث على نباتات هذه المجموعة إلى إمكانية زراعة نباتات لا تزرع فى بريطانيا، وهو ما يؤكد على فضل توظيف العمارة والتكنولوجيا فى تهيئة بيئة محكمة العزل توفر أنواعا مختلفة من المزروعات أى وقت من السنة.

 بينما تم تخصيص المجموعة القببية الثانية لمحاكاة مناخ البحر المتوسط، وفيها أصبح الهواء نسيماً والألوان المستخدمة يغلب عليها اللونين الأبيض والأزرق، وتزرع فيها نباتات تنمو فقط فى هذا المناخ، أما المجموعة الثالثة فهى غير مبنية بل مصممة فى الهواء الطلق تحتوى على نباتات تحتاج إلى الجو البارد وضوء الشمس المباشر، استخدم المعمارى مياه الأمطار فى دورة متصلة تغذى المشروع بالطاقة المتجددة والماء اللازم للزراعة، هذه التجربة لا يمكن نسيانها أبداً، فهذا المشروع له تأثير بالغ على زواره ويدفعهم لبذل مجهود بدنى لمقاومة التغير المناخى داخل هذه العناقيد، تحتضن الزهور والأشجار تراكيب الكتل وهو ما يخلق جواً من الانسجام والحميمية وكأن المبنى أحد عناصر الطبيعة، فبعد أن كان اليوم ممطراً بارداً تحول إلى جو دافئً ومشهد رومانسى على حدود المحيط الأطلنطي، ينصح كاتب المقال أن يكون هذا المشروع واحدا من خريطة المشروعات العالمية التى يجب الاستفادة منها ويمكن إعادة تجربته فى مصر مع بعض التعديلات فى المقياس والحجم والذى من المؤكد أنه سيوفر نباتات وفواكه مطلوبة طوال العام.

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة