لم تشهد قضية من الجدل والمناقشات مثلما ظهر فى موضوع مخالفات البناء والاعتداء على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة، ولا مانع من طرح أى موضوع للمناقشة طالما ظل فى إطار العقل والمنطق، لكن الحادث الآن أن هناك خلطا واضحا، ومحاولة للدفاع عن المخالفات بدعوى أن القانون ظالم، بينما يتجاهل من يطرحون ذلك أن المخالفة والاعتداء على الأرض الزراعية والدولة هو ظلم ليس لأفراد ولكن للمجتمع كله.
ثم أن حملة الاعتراض تتم باسم الفقراء والضعفاء، لكنها فى الواقع تجرى لصالح كبار المخالفين ممن احترفوا البناء المخالف والعدوان على حق الدولة والمجتمع، ومعهم فرق من المرتشين والفاسدين، ممن يقودون حملة يزعمون فيها أن تطبيق القانون يضر بالصغار، بينما هم فى الواقع يستخدمون الباطل لتبرير باطل أكبر. فالقانون يتعامل مع المخالفات القريبة، ومحددة بزمن بما يعنى أنه لا يتم هدم منازل بنيت منذ عقود سابقة، والمصالحات تتم فى مخالفات التراخيص وليس للعمارات والبيوت المبنية على أراضى الدولة أو الأراضى الزراعية. وهو أمر لا يمكن المزايدة عليه مثلما يفعل بعض كبار الحيتان ممن يختفون خلف مصالح الناس، بينما الناس هم من يدفعون طوال الوقت ثمن العشوائية والفوضى.
والأمر ليس مفاجئا ولا غريبا، وطوال عقود أصبحت مخالفات البناء والاعتداء على الشوارع والأرصفة أمرا واقعا ومشهدا معتادا، وتساءل كثيرون عن السبب الذى يجعل الدولة عاجزة عن مواجهة هذا الزحف الحرام الذى يشوه المدن والقرى ويدمر الأراضى الزراعية ويعتدى على حرم الشارع وخطوط التنظيم. والمفارقة أن نفس هؤلاء الذين يستنكرون عند تطبيق القانون بدأوا فى الاعتراض، والاعتراضات تأتى من محترفى الفساد وحيتان البناء المخالف، ومعهم جوقة القنوات المتكسبة من الشائعات والادعاءات، وينضم إليهم بعض ممن يكونون وجهات نظر من نصف بوست أو نصف رأى، أو أى كلام.
هناك تيار واسع استفاد ولا يزال من الفساد والمخالفات فى المدن والقرى، وهؤلاء أول من يعترض على التطبيق الحاسم للقانون بالمزايدة والشائعات، ويعتبرون إزالة المخالفات ظلما، ولا يرون أن المخالفة والاعتداء على أراضى الدولة ظلما، ومما يثير الشك أكثر أن حملة الاعتراض انعكست على شاشات قنوات الجزيرة وتوابعها فى تركيا، والتى تزعم كالعادة اهتمامها بمصالح الشعب، بينما هم طوال سنوات ويوميا يحرضون على الإرهاب ويغذون الفتن ونيران التطرف. فجأة أصبحوا خبراء فى البناء، بل ووصلت بهم المزايدة أن يدافعوا عن مساجد «الضرار».
وهذه المساجد أقامها أعضاء مافيا البناء المخالف أسفل العقارات المخالفة أو فوقها، حتى إذا تحركت الدولة لتطبيق القانون يصرخون على طريقة «الشنطة فيها كتاب دين»، ويقولون إن الدولة تهدم المساجد. ومعروف أن فكرة بناء مسجد أسفل العقارات المخالفة طرأت فى ذهن كبار النصابين والفاسدين منذ السبعينات، بمعاونة شياطين الإدارات الهندسية، حيث يقام مسجد على أراضى الدولة وسط عمارات وأبراج مخالفة وأرضها مسروقة، ليضمن الصمت خوفا من التكفير.
ومعروف أن بناء أى مبنى على أراضى الدولة عدوان على القانون وحقوق الناس، يستحق الإزالة من دون نقاش. لقد تم هدم مسجد مخالف بمحور المحمودية وأقيم مكانه خمسة مساجد كبرى، وهناك على الأقل 10-20 مسجدا شهريا فى كل محافظة، وكل مدينة جديدة يقام فيها مستشفيات ومدارس ومساجد وكنائس تكفى ويفيض.
لكن الأمر تحول إلى مزايدة ويمكن التقاط اللعبة من وجود تحالف بين كبار حيتان الفساد والمخالفات مع قنوات الجزيرة التى تدافع عن الباطل وعن الضرار. لدرجة أن قنوات ومنصات «الضرار» والكذب القطرى فضحت نفسها ونسفت أكاذيبها عن هدم المساجد فى مصر، واضطرت شبكة رصد الإخوانية لتأخير بث صلاة الجمعة نحو 18 دقيقة عندما فوجئت بالقنوات المصرية تذيع صلاة الجمعة بشاشة مقسمة، من جامع الأزهر و7 مساجد أخرى جديدة تم افتتاحها يوم الجمعة فقط فى سيناء، و9 مساجد تم بناؤها خلال السنوات الأخيرة ومنها مسجد المحمودية. وفشلت رصد ومعها الإعلام القطرى فى التلاعب وإخفاء الأمر بعد أن ظلت تكذب عن هدم الدولة للمساجد متسائلين كيف تنقل الصلاة بكل هذا العدد من المساجد التى بنيت خلال السنوات الأخيرة فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة