تتعدد صور كفاح الأبناء مع الآباء فى أوقات الأزمات، ودائمًا تكون البنت أقرب لأبيها من غيرها، تشعر بألمه فتتألم وتجتهد لتخفيف تلك الألام، وفى قرية أبو مندور، التابعة لمركز دسوق، بمحافظة كفر الشيخ، تقطن طالبة بالصف الثالث الثانوى الزراعى، الحاصلة على المركز الثانى على مستوى الجمهورية، وكان مرض والدها سبب تفوقها، ولعدم امتلاك والدها لأراضى، عملت باليومية لدى الآخرين لتوفير لقمة العيش ومساعدته.
قالت ندى محمد السيد محمد سعد، طالبة بمدرسة دسوق الزراعية، الحاصلة على المركز الثانى مكرر على مستوى الجمهورية فى الدبلومات الفنية بمجموع 511 درجة، بنسبة 92.91%، إنها تحمد الله على تفوقها، وتهدى ذلك التفوق لوالدها ووالدتها، داعية الله أن يشفى والدها المريض الذى تحمل أوجاع كثيرة.
وأكدت ندى سعد، لـ"اليوم السابع" أن والدها مريض بالقلب وأجريت له عملية جراحية، ولا يستطيع العمل، وكان لابد أن تساعده فى توفير لقمة العيش لها ولأسرتها، خاصة أنها فى قرية ولا يملك والدها أراضى، لتكون سنده، ففضلت العمل لدى الآخرين باليومية، وخاصة يومى الجمعة والسبت من كل أسبوع وأيام الإجازات، لتحصل على 60 جنيها فى اليوم الواحد.
وقالت ندى، إنها تعمل لدى الفلاحين فى جنى القطن أو حصاد الأرز، أو زراعة المحاصيل فى الأراضى، لتساعد والدها، ولم تجد عيبًا فى ذلك، ولكنها تفتخر بعملها إضافة لدراستها، مؤكدة أنها تحرص رغم ما تمر به الأسرة من ظروف أن تواظب على مدرستها، وتتلقى دروسها، فكانت تستيقظ فجرًا، لتذاكر دروسها، ثم تتوجه لمدرستها، وتعود لتذاكر، فلا تنام إلا ساعتين فقط فى اليوم.
وأكدت ندى سعد، أنها خصصت يومى الجمعة والسبت، وكذلك الإجازات، للعمل باليومية لدى المزارعين، لتحصل فى نهاية اليوم على 60 جنيهًا تعطيها لوالدها، لعلها تساعد فى نفقات الأسرة، وبعد حصولها على الشهادة الإعدادية بتفوق رفضت الالتحاق بالتعليم الثانوى العام، نظرًا لظروف والدها المرضية، فقد أجرى عملية قلب مفتوح منذ 3 سنوات، وأصرت أن تكون من المتفوقين وتلتحق بكلية مثلها مثل طلاب الثانوية العامة دون أن تكبد والدها أموالا لدفعها للمعلمين، وكل أشقائها الـ5 الحاصلين على دبلومات فنيه، "أشرف وعماد والسيد، وحمدى، وهانم، وشقيقتها الصغرى نورهان طالبة بالصف الثالث التجاري.
وأضافت ندى، أنها ستلتحق بكلية الزراعة، لأنها ترغب فى الالتحاق فى هذه الكلية، لخبرتها الواسعة فى مجال الزراعة، وأن عملها بالحقول لدى الأخرين، زادها خبرة، وكانت تحرص على مراجعة دروسها يوميا، ويعود الفضل لله ثم لوالدها ووالدتها.
وقال محمد السيد، والد ندى: "لا أنسى ما كانت تقوم به ابنتى من أجلى، فكانت تعمل باليومية لتساعد فى مصاريف البيت، وبرغم رفضه مرارًا لذلك، طالبًا منها الالتفات لمدرستها ودروسها فقط، ولكنها كانت تصمم على العمل باليومية لدى الآخرين، وأنه توقع حصولها على مركز متقدم على مستوى الجمهورية، وكان يشجعها على ذلك لرغبتها وحبها الشديد فى مساعدتى".
وأكدت والدة ندى، أنها سعيدة بحصول ابنتها على المركز الثانى على مستوى الجمهورية، متابعة: "شرفتنى قدام أهل القرية"، وتتمنى لها التوفيق، وتكون دكتورة بالكلية، مشيرة إلى أنها سعيدة بتكريم المحافظ لابنتها واهتمامه بها، وأبدى مساعدته لها خلال سنوات دراستها، وأنه قرر إجراء عملية جراحية لوالدها، وتحمل نفقات دراستها بالكلية التى ستلتحق بها.
وأكدت الدكتورة بثينة كشك، وكيل وزارة التربية والتعليم بكفر الشيخ، أن ندى نموذج مشرف من نماذج البنت المصرية الأصيلة، والتى تشارك فى التخفيف عن أسرتها بالعمل والاجتهاد، لتثبت للجميع أن الفقر ليس عيبًا، وعمل الفتاة فى أى أعمال طالما كانت شريفه شرف لها، مشيرة إلى أن ندى لم تتحمل ألام والدها، فسارعت بالعمل لدى الآخرين لتساعد قدر إمكانياتها، وأنها فخورة بها، وتكريمها شرف لنا وليس لها.
وقدم اللواء جمال نور الدين، محافظ كفرالشيخ، خالص الشكر والتقدير لتلك الأسرة التى أنجبت تلك الفتاة المتميزة، التى تشارك فى تحمل أعباء أسرتها، وأن المحافظة رهن إشارتها فى أى وقت، مشيدًا بالدكتورة بثينة كشك، وكيل وزارة التربية والتعليم، وجميع العاملين بقطاع التعليم بالمحافظة، على جهودهم المبذولة فى النهوض بالعملية التعليمية، لتحقيق جودة التعليم لأبناء المحافظة.
قصة كفاح جديدة شهدتها بمحافظة الإسكندرية، بعد انتشار قصة الطالب ابراهيم عبد اللطيف، الشهير ببائع الفريسكا، الحاصل على الثانوية العامة وإلتحاقه بكلية الطب بعد منحة قدمته له الدولة بجامعة الإسكندرية، وهى للطالبة هبة على حامد، التى حصلت على مجموع 99.1% فى الثانوية العامة والتحقت بكلية الطب جامعة الإسكندرية، وحققت حلم والدها الذى كافح سنوات طويلة فى حراسة أحد العقارات بالإسكندرية.
ورغم الظروف الخاصة لوالدها الذى شجعها ووفر كافة إحتياجاتها إلا أنها صبرت واجتهدت حتى تحصل على مجموع ألحقها بكلية الطب جامعة الإسكندرية، وحققت حلم والدها بأن تصبح طبيبة .
وتقول الطالبة هبة حامد، إنها كانت تذاكر 9 ساعات يوميا فى الحجرة الصغيرة تحت بير السلم التى تعيش فيها مع أسرتها بمنطقة فلمنج، بالإسكندرية، حيث أنهم يعيشون فيها منذ سنوات نظرا لعمل والدها حارس عقار فى نفس المنزل.
وأضافت هبة، أنها تحدت كافة الظروف حيث أنها لديها ثلاث أشقاء وأن راتب والدها 1000 جنيه، مضيفة أن هذا لا يكفي من أجل تحقيق حلمها فى استكمال مسيرتها العلمية عقب التحاقها بكلية الطب.
وأكدت أنها تريد أن تتخصص فى مجال الجراحة العامة، مطالبة بمنحة مجانية من أجل تخفيف العبء عن والدها فقط.
ومن جانبه أكد الدكتور عصام الكردي، رئيس جامعة الإسكندرية، أن الجامعة لاتدخر جهداً فى دعم الطلاب غير القادرين على سداد المصروفات، وذلك فى إطار دور جامعة الإسكندرية المجتمعى نحو رعاية طلابها غير القادرين.
وأضاف رئيس جامعة الإسكندرية، أن الجامعة مستمرة في تحمل المصروفات الدراسية من خلال إدارة صندوق التكافل الاجتماعي، وإدارات رعاية الشباب وشئون الطلاب بكليات الجامعة المختلفة، سواء بالتقسيط لهم، أو الإعفاء النهائي من المصروفات الدراسية وفقا لحالات الطلاب، وعلى هؤلاء الطلاب التوجه لإدارة رعاية الشباب لمعرفة الإجراءات المطلوبة والاستفادة من دعم الجامعة .
قصة كفاح أخرى جميله نتعرف عليها بكلمات متواضعه تقول "لا أخجل من عملى طالما بشرف.. ورسالتى فى الحياة هو علاج الغلابة لأننى واحدة منهم ".. بهذه الكلمات العفوية يمكن أن تلخص حياة أية طه حسين ابنة البحيرة بائعة الأحذية التى تحدت الظروف الاجتماعية القاسية وواصلت اجتهادها لتحصل على مجموع 99.5% فى الثانوية العامة شعبة علمى علوم وتلتحق بكلية الطب جامعة الإسكندرية.
فعلى مقربة من بيت الثقافة بوسط مدينة شبراخيت لابد أن يلفت انتباهك مشهد آية طه حسين تلك الفتاة الشابة التى تتذاكر دروسها فى الثانوية العامة، وهى تبيع الأحذية على "فرش" والدها المريض وذلك لمساعدة عائلتها على تحمل أعباء الحياة.
وأصبحت ابنة البحيرة حديث وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية باعتبارها قدوة لآلاف الشباب الذين يعانون من الأوضاع المعيشية الصعبة، معربة عن سعادتها لالتحاقها بكلية الطب بجامعة الإسكندرية. مشيرة إلى أن ظروفها الاجتماعية الصعبة كانت حافزا للتفوق العلمى حتى كلل الله سبحانه وتعالى مسعاها، وأنها كانت تنظم وقتها بين المذاكرة والعمل فى بيع الأحذية مع والدتها لمساعدة والدها المريض الذى يعانى من ورم بالغدة الدرقية.
وأكدت أنها كانت تعتمد على الدروس الخصوصية مثل كافة زملائها كما كانت تساعد والدتها فى أعمال المنزل بالإضافة إلى بيع الأحذية بالتناوب مع والدتها مما أرهقها كثيرا، مطالبة الشباب بالاجتهاد والقرب من الله سبحانه وتعالى وتحدى الظروف الصعبة وعدم اليأس لان ذلك هو طوق النجاة لتغيير حياتهم للأفضل.
وعن قدوتها فى الحياة أكدت أية حسين أن مثلها الاعلى هو الدكتور محمد مشالى ابن البحيرة المعروف باسم طبيب الغلابة، والذى ستحاول بكل الطرق أن تسير على خطاه، فى علاج الفقراء اللذين لا حول لهم ولا قوة، مؤكدة " رسالتى فى الحياة هو علاج الناس الغلابة لأننى انا واحده منهم. "
يذكر أن الدكتور عصام الكردي، رئيس جامعة الإسكندرية اعلن أن الجامعة سوف تتكفل بكافة المصروفات الدراسية للطالبة اية حسين، وذلك فى إطار حرص الجامعة على أداء دورها المجتمعى، فى تقديم الدعم لأبنائها النابهين والوقوف بجانبهم ليتمكنوا من تحقيق غايتهم المنشودة.
فيما قررت وزارة الأوقاف التكفل بجميع مصروفات الطالبة آية طه حسين ابنة محافظة البحيرة بكلية الطب جامعة الإسكندرية لهذا العام من الموارد الذاتية للوزارة، وذلك إكراما لتفوقها واستجابة لطلبها تخفيض المصروفات الدراسية.
وأكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف انه، كلف كل من مدير أوقاف البحيرة محل إقامة الطالبة ومدير أوقاف الإسكندرية محل دراسة الطالبة بسرعة التواصل مع الطالبة آية فورا لعمل ما يلزم فى هذا الشأن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة