يحكى أن امرأة زارت صديقة لها تجيد الطبخ، لتتعلم منها سر طبخة السمك، وأثناء ذلك لاحظت أنها تقطع رأس السمكة وذيلها قبل قليها بالزيت، فسألتها عن السر، فأجابتها بأنها لا تعلم ولكنها تعلمت ذلك من والدتها، فقامت واتصلت بوالدتها لتسألها عن السر لكن الأم أيضا قالت إنها تعلمت ذلك من والدتها " "الجدة"، فقامت واتصلت بالجدة لتعرف السر فقالت الجدة بكل بساطة: لأن مقلاتى كانت صغيرة والسمكة كبيرة عليها.
قصة بسيطة ولكنها تعكس كيف تذوب أفكارنا وقناعتنا داخل أفكار أخرى، قديمة يتوارثها المجتمع بل ويفرضها علينا دون أن نكترث بماذا علينا فعله حقا تجاه الأمور، وبماذا نحن نريد وبماذا نحن نرى؟.
بالطبع، يتسابق الكثير منا نحو الوصول إلى شخصية قوية وجذابة، ولكن وانت فى هذا السباق هل اختصرت الطريق على نفسك وقمت بتقليد نموذج أنت تحبه وترى فيه مقومات النجاح وقمت بتقليده كما هو؟ ام انك بحثت فى ذاتك انت واجتهدت بالتدريبات والمحاولات من اجل ذلك؟.
هناك بعض النقاط الهامة يجب أن نتناولها وبشكل بسيط:
اولا: الفارق الكبير بين كلمة " تقليد" وكلمة " قدوة"
ثانيا: كلمة هوية، فهى تعنى ماهية الإنسان، بكل سماته وصفاته الشخصية والاجتماعية أيضا، فعليك أن تتقبل ماهيتك وتحبها وتبرز نقاط قوتك الحقيقية، محاولا ايضا اكتشاف نقاط ضعفك وتحسينها.
ثالثا: أن تبحث فى ذاتك انت وتراقب رغباتك انت وما تشعر به من داخلك حيال امرا ما، ذلك اسهل بكثير من ان تراقب ما يبحث عنه او ما يريده المحيط الخارجى بك، عندما تفعل ما تحبه انت وما تؤمن به انت وترفض ما لم يتناسب مع قناعاتك واسلوبك او ما يجعلك صورة مكررة للبعض، فهذه ابسط وسيلة لصناعة هويتك.
رابعا: حاول ان تتذكر دائما انه من نعم الله علينا هى نعمة الاختلاف، تذكر ان جمال الكون يكمن فى ذلك، فكلا منا يرى الحياة بنظرته وبشعوره الخاص به، ولذلك انتمى دائما الى ما تراه انت فهذا سوف يعزز دائما من هويتك الشخصية.
يطلب مديرك منك احيانا انجاز عمل ما، ولكن بطريقة خارج الصندوق، وانت تراها انها كلمة خارقة، او انك مطالب بجهد مضاعف، بل انه على العكس تماما، فإن التميز يأتى دائما من الذات ومن الصدق أيضا فيما نحن نفعله حتى وإن كان بسيطا، عندما تبحث عن قناعاتك انت فانت بذلك تكون فكرت خارج الصندوق، عندما لا تعتمد على ما فُرض عليك من افكار وفكرت باسلوبك انت فأنت بذلك فكرت خارج الصندوق، فإن المنطق بمعناه الحقيقى، فهو كل ما ينطق به عقلك، كن انعكاس لعقلك انت، تكن انت.
وأخيرا، فإن لكل منا حقيقة بداخله يهبها الله له، ابحث عن ذاتك بداخلك وليس بداخل الآخر وتذكر دائما بأن اختلافاتنا هى المصدر الحقيقى لتنوع الثقافات والحضارات، وهى فطرة كونية أعطت للبشر جاذبيتهم وبصمتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة