هناك قوانين تعتبر بمثابة ثورة إدارية، فما يترتب عليها من آثار ونتائج يعتبر ثورة لإصلاح خلل ما ظل دهورا كثيرة، يعانى منها المواطن المصرى، ويأتى قانون التصالح فى مخالفات البناء، ليعالج مشكلة أزلية كانت عصية على الحل لسنوات عديدة فى ظل تعقيدات إدارية وبيروقراطية كثيرة، فشلت الأنظمة السابقة فى التعامل معها حتى استفحلت، وتسببت فى كثير من الخسائر سواء للدولة التى ضاع على خزينتها مليارات مستحقة، حيث كشف تقرير صادم أن عدد المبانى المخالفة فى مصر وصل ألى 2.8 مليون مبنى، وعدد الوحدات المخالفة يلامس الـ 20 مليون وحدة، أو حتى للمواطنين الذين كانوا بين شقى رحى، فمن جهة يدورون فى أروقة المحاكم لمواجهة قضايا البناء المخالف المرفوعة ضدهم ، ومن جهة أخرى يعانون الرعب والخوف من قرارات الإزالة التى من الممكن أن تهدم تحويشة العمر لإنفاذ القانون.
وتظهر عبقرية قانون التصالح فى مراعاته للبعد الاجتماعى، فتراوحت الأسعار المقدرة لكل متر حسب المحافظة، وحسب كل منطقة وحى فى تلك المحافظة، كما فرق المشرع بين كون العقار تجارى أو سكنى، بل أنه وضع سلطة تقديرية لكل محافظ لتسعير المتر فى محافظته، لفحص أى طلبات مشروعة لتخفيض سعر المتر للتيسير على المواطنين.
ومن يرى الإقبال الكبير من المواطنين لتقنين أوضاع العقارات والوحدات السكنية الخاصة بهم يدرك تماما أن قانون التصالح كان بمثابة طوق نجاة تلقفه المواطن للخروج من دوامة البيروقراطية التى كانت عائقا أمام استخراج ترخيص للعقار وبالتالى تمتعه رسميا بكافة المرافق من كهرباء ومياه وصرف ومجارى وغيرها، بل يكفى أن يجلس المواطن بمسكنه فى أمان واستقرار دون خوف من قرارات إزالة أو قضايا.
ولك أن تتخيل أنه بعد انتهاء العمل بقانون التصالح فى آخر سبتمبر ستكون كافة العقارات والمبانى فى مصر المحروسة لديها ترخيص رسمى، وننتظر بعدها تفعيل قانون البناء الموحد بتعديلاته الحاسمة التى تضمن القضاء على البناء العشوائى، وعدم إنشاء أى عقار دون الحصول على الترخيص المناسب الذى يراعى التخطيط العمرانى السليم، وعدم الزحام فى بعض المناطق و والحفاظ على الرقعة الزراعية من التآكل.