لازالت الأصداء مستمرة حول قرار وزير العدل المستشار عمر مروان، بشأن تعديل لائحة الشهر العقاري لتسهيل شروط وإجراءات نقل الملكية حتى لو بحكم دعوى إجرائية -دعوى سند الملكية– وهو الأمر الذى لقى ترحيباَ كبيراَ في سوق العقارات والأراضي، وكذا سوق السيارات، حيث يساهم القرار بشكل كبير في تيسير عملية البيع والشراء وضمان حقوق الملاك الجدد، وسد العديد من الثغرات والتصدي لعمليات النصب والابتزاز واستنزاف المالك القديم للمالك الجديد.
قرار تعديل مواد اللائحة التنفيذية لقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 الخاصة بتسهيل شروط وإجراءات نقل ملكية العقارات، باستخدام حكم "دعوى سند الملكية" تضمن القرار رقم 9310 لسنة 2020 تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري بإضافة المواد 21 مكرر و21 مكرر "ا" و21 مكرر "ب"، إلى الباب الثالث من اللائحة التنفيذية للقانون.
المستشار عمر مروان
كيف تتحول دعوى سند الملكية لنقل الملكية؟
التقرير التالي، يلقى فيه "اليوم السابع" الضوء على الإجابة على السؤال كيف يتحول دعوى سند الملكية لنقل الملكية؟ وذلك في الوقت الذي تعد فيه المواد 21 مكرر و21 مكرر "أ" و21 مكرر "ب" من اللائحة التنفيذية لقانون الشهر العقاري هي مواد شارحة لنص المادة 35 مكرر التي تم استحداثها مؤخرا في القانون وتم التصديق عليها في 15 سبتمبر الماضي – بحسب الخبير القانوني والمحامى ميشيل إبراهيم حليم، المستشار القانوني لرابطة المستأجرين.
في البداية - تنص المادة "35" مكرر على أنه: "إذا كان سند الطلب حكماً نهائياً يثبت إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية، أو نقله، أو تقريره، أو تغييره، أو زواله، يجب على أمين المكتب إعطاء الطلب رقماً وقتياً شهراً أو قيداً في سجل خاص لكل منهما يُعد لذلك بعد سداد الرسم المقرر، ويتحول الرقم الوقتي إلى رقم نهائي، ويترتب عليه الآثار المترتبة على شهر المحرر أو قيده، وذلك عند عدم الاعتراض عليه أو رفض الاعتراض – وفقا لـ"حليم".
مدد الاعتراض على صدور الرقم الوقتي
ويكون الاعتراض على صدور الرقم الوقتي أمام قاضي الأمور الوقتية خلال 30 يوم – شهر - من تاريخ نشره بإحدى الصحف اليومية واسعة الانتشار على نفقة صاحب الشأن، ويصدر القاضي قراره مسبباً بقبول الاعتراض وإلغاء الرقم أو برفض الاعتراض، وذلك خلال 7 أيام من تاريخ رفع الاعتراض إليه مقرونا بالمستندات المؤيدة له، ويكون القرار الصادر في هذا الشأن نهائيا، وعلى شركات الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية عدم نقل المرافق والخدمات، أو اتخاذ أي إجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار إلا بعد تقديم السند الذي يحمل رقم الشهر أو القيد، وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات وقواعد تنفيذ أحكام هذه المادة" – هكذا يقول "حليم".
والمادة 418 مدني عرّفت عقد البيع بأنه: "عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشترى ملكية شئ أو حقـا ماليــا آخــر فى مقابــل ثمن نقـــدى"، ويتجلى من هذا التعريف أن أهم خصائص عقد البيع أنه ينشئ التزاما على البائع بنقل الملكية، كما أنه لما كان الثابت قانوناً أنه: "فى المواد العقارية لا تنقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان فى حق الغير، إلا إذا روعيت الأحكام المبينة في قانون تنظيم الشهر العقاري، طبقاً لنص المادة 934/1 مدنى.
قديما لا تنقل الملكية إلا بالتسجيل
وعملا بنص المادة التاسعة فقرة "1، و2" من قانون الشهر رقم 114 لسنة 1946 والمعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1976 كانت لا تنتقل الملكية فى الحقوق العينية العقارية الأصلية ولا الأحكام النهائية المثبته لشئ مما ورد فى نص المادة المذكورة إلا بالتسجيل، بينما بذلك التعديل لمواد اللائحة التنفيذية لقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 الخاصة بتسهيل شروط وإجراءات نقل ملكية العقارات، أصبحت تنتقل الملكية باستخدام "دعوى سند الملكية".
وقبل تعديل اللائحة كانت تظهر المشكلة عندما يتقاعس البائع عن تنفيذ التزامه بالتوقيع على عقد البيع النهائي عند شهر التصرف طبقاً لقانون الشهر العقاري، حيث أنه من المقرر وفقا لنص المادة 199 مدنى: " ينفذ الالتزام جبرا على المدين ومع ذلك اذا كان الالتزام طبيعياً فلا جبر فى تنفيذه"، فالأصل إذن هو تنفيذ الالتزام جبراً ولكن في ضوء ذلك النص فلا يلزم البائع بالحضور أمام مكتب الشهر العقاري للتوقيع وشهر التصرف لتنتقل به الملكية"، وبذلك كان هناك فراغ تشريعي.
دور القاضي الإيجابي في تنفيذ الالتزام عينا
وهنا يأتي دور القاضي الإيجابي في تنفيذ الالتزام عينا فقد نصت المادة 210 مدنى على أنه: "فى الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ إذا سمحت بذلك طبيعة الالتزام، وعليه فإذا امتنع البائع عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية للمشترى رغم توافر شروط العقد اللازمة فللمشترى بعقد عرفى أن يرفع على البائع دعوى يطلب فيها من القاضي الحكم له بصحة ونفاذ التعاقد، فدعوى صحة التعاقد إذن هى دعوى يطلب فيها المشترى من القاضي أن يصدر حكماً يحل محل التزام البائع المتقاعس عن تنفيذ التزامه بنقل ملكية المبيع تنفيذا عينيا فى بيع صحيح.
الأساس القانوني لدعوى سند الملكية
فالأساس القانوني التي تقوم عليه دعوى صحة التعاقد بأن يتضمن التزام بنقل الملكية التزاما بتمكين المشترى من تسجيل عقد البيع، وهذا الالتزام الأخير يمكن تنفيذه عينا وتسمح طبيعته أن يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العيني، وقد قضت محكمة النقض أن دعوى صحة التعاقد تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية، حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد فى نقلها، وهذا يقتضى أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع، ثم يفصل فى أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته، وهل كان له عذر فى هذا الامتناع أو لم يكن.
وكما يجوز للمشترى رفع هذه الدعوى على البائع، يجوز له أيضا أن يرفعها على وارث البائع بعد موت البائع، باعتبار أن الوارث يمثل التركة وأن التزام البائع بنقل الملكية باق بعد موت البائع فى تركته ومن ثم لا يجوز لوارث البائع أن يحتج على المشترى بعدم تسجيل العقد الصادر له من المورث، فإذا ثبت للقاضي أن النكول فى نقل الملكية كان بسبب البائع أو البائع للبائع أو ورثتهم وكلاهم ملتزمون وفق القانون ووفق ما سبق بيانه بنقل الملكية، فعلي المحكمة أن تقوم بدور ايجابي نحو التنفيذ العينى لالتزام البائع وسلفه بنقل ملكية المبيع – فعليها أولاً أن تبحث حقيقية نكول البائع عن تنفيذ التزامه عيناً ثم عليها ثانياً أن تقضي بالصحة وبنفاذ عقد البيع إذا تحققت أركانه وصحت شرائطه، حتى في حالة غياب العقد المسجل إذا تبين لها أن البائع للبائع قد اكتسب ملكيته للعقار المبيع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية.
المحامى ميشيل إبراهيم حليم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة