يعد القاص شريف عبد المجيد، كاتب متعدد المواهب، أبدع فى عدة مسارات فنية وجمالية مختلفة، لكنه يبقى مخلصا لفن القصة القصيرة الذى قدم فيه ستة أعمال قصصية آخرها "بالحجم العائلى" ومن قبل "تاكسى أبيض" و"صولو الخليفة" و"الجريمة الكاملة" و"مقطع جديد لأسطورة قديمة" و"خدمات مابعد البيع" التى حصدت جائزة ساويرس فرع الشباب فى العام 2008 2009.
والمجموعة القصصية تاكسى أبيض هى الخامسة فى المشوار الأدبى للكاتب شريف عبد المجيد، صدرت عن الدار المصرية اللبنانية عام 2014، والمجموعة تقع في134 صفحة من القطع الصغير، وقد جعلها الكاتب قسمين، الاول القبض على سمكة والقسم الثانى جرافيتى، ويضم سبع قصص هي "طرد، والعمل، وطير الأبابيل، والقبض على سمكة، والسيد الذى لا يحب الطيور، واعترافات سارق الونش، وأجابودو".
يقول الكاتب أحمد سراج: مع قراءة نصوص المجموعة الأربعة عشر ينجلى لنا أن الكاتب قد بنى نصه على محورين أساسيين: الأول؛ "القبض على سمكة" عن الفساد الذى يحيط الحياة المصرية، والثاني؛ "جرافيتي" المقاومة التى لا تنتهي، بل إن قراءة النص المتمهلة تأتى بنا إلى ما هو أعمق، هو أن الجزء الأول يصف مصر وفساد من فيها قبل الثورة، فيما يتخذ الثانى من حالة الفوضى والشك والاقتتال الداخلى فى مقابل الإصرار على الحياة قماشة له، وفى الحالتين نحن أمام زمن نصى محدد لكل القصص.
يبدو عنوان المجموعة مخادعًا فالتاكسى الأبيض هو وسيلة انتقالات تم الدفع بها بديلا عن التاكسى الأسود الذى رأت الحكومة أن معظم عرباته غير صالحة للسير فى العاصمة، وهنا يتصور قارئ العنوان أن المجموعة ستكون رصدا من داخل تاكسى يقدمه سائق عن حيوات ركابه وهمومهم، لكن الأمر مختلف تمامًا فحتى القصة التى تحمل هذا العنوان هى لقطة من المشهد البانورامى الذى يعبر عن حال مصر، مجموعة من اللقطات المتحركة التى تكون فيلمًا سينمائيا تسجيليا - يرتفع إلى مستوى العبث والكوميديا السوداء مواقعه تمامًا ففى قصة تاكسى أبيض تجد عالمًا من الشك والتحفز.
ويرى القاص الدكتور محمود فطين، أن فى أغلب قصص المجموعة تسرى روح السخرية السوداء على الأخص فى "اعترفات سارق الونش" حيث تمثل السخرية المفتاح الأساسى لهذه القصة، وهذه السخرية موجهة بمهارة إلى مواضعها بحيث تطلق شحنة انفعالية كبيرة لدى القارئ تكسر من حدة المفاجأة السردية التى تحطم الشكل القصصى التقليدى حين يضع الكاتب ببساطة شديدة نهايتين ويخير القارئ بينهما بطريقة تذكر بالأعمال الأبرز ليوسف القعيد "الحرب فى بر مصر" و"يحدث فى مصر الآن" حين صرخ بصوته إلى القارئ مباشرة متحرراً من الإيهام المتعارف عليه فى العمل القصصي، والحيل الفنية التجديدية من هذا النوع تثير تساؤلاً جدلياً مهماً حول ماهية القصة من الأساس.
يُذكر أن شريف عبد المجيد قاص وسينارست ومصور فوتوغرافي، صدر له من قبل ستة أعمال قصصية "بالحجم العائلي" ومن قبل "تاكسى أبيض" و"صولو الخليفة" و"الجريمة الكاملة" و"مقطع جديد لأسطورة قديمة" و"خدمات مابعد البيع"، وأصدر بعد الثورة 3 كتب توثق لفن الجرافيتى وهى "أرض أرض" و"الحرية جاية لابد" و"مكملين"، وحصل عبد المجيد على المركز الأول فى جائزة مؤسسة ساويريس للقصة القصيرة عام 2008، وجائزة أفضل كتاب فنى بمعرض القاهرة الدولى للكتاب عام 2012 كما كتب عددًا من سيناريوهات الأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية، كان آخرها الفيلم التسجيلى "حيطان".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة