تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الثلاثاء، العديد من القضايا الهامة أبرزها، أنه لا يختلف اثنان على أنَّ اقتحام مؤيدي الرئيس ترامب للكونجرس الأمريكي، يُعد تناقضاً صارخاً للتقاليد الأمريكية، يتحمَّل الرئيس ترامب جزءاً كبيراً من المسؤولية في هذا الفعل غير المسبوق.
حسن أبو طالب
حسن أبو طالب: انقلاب على الديمقراطية الأمريكية
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، لا يختلف اثنان على أنَّ اقتحام مؤيدي الرئيس ترامب للكونجرس الأمريكي، يُعد تناقضاً صارخاً للتقاليد الأمريكية، يتحمَّل الرئيس ترامب جزءاً كبيراً من المسؤولية في هذا الفعل غير المسبوق. إنَّه نوع من التمرد الذي يعكس حالة ارتباك والتباس شديدة تمرُّ بها مفردات الديمقراطية الأمريكية، في ظل ما يمكن وصفه "بالترامبية السياسية"، التي تمثل في كثير من مفرداتها آيديولوجيا يمينية ذات طابع غوغائي شعبوي يقدّم الوجه الآخر لما يمكن وصفه بـ"نواقص" الديمقراطية وثغراتها القيمية.
الرؤية الكلية تكشف أيضاً أنَّ الذين يُدينون الرئيس ترامب ويتباكون على ما فعله، هم أيضاً مسؤولون عن حالة الاحتقان المجتمعي الذي تعيشه الولايات المتحدة في السنوات الأربع الماضية، وهو امتداد لثغرات كبرى تراكمت في سنوات طويلة سابقة.
لقد كسر الرئيس ترامب قواعد ومعاملات بدت راسخة غير قابلة للاهتزاز: صدامه مع المؤسسات العميقة ووسائل الإعلام الكبرى، وقراراته غير المتوازنة سياسياً ومجتمعياً، واستنهاض الممارسات التمييزية عرقياً وإنسانياً... كلها انقلابات مادية ومعنوية على المنظومة الديمقراطية. لكنه ليس وحده الذي انقلب على الديمقراطية، فهناك مؤسسات رسمية وغير رسمية تصرفت أيضاً ضد القيم الديمقراطية، وعليها أن تعيد النظر في تصرفاتها ومدى علاقتها بمزاعم تحصين الديمقراطية وحمايتها من غوغائية البعض، حسب تعبيرات الرئيس بايدن.
أحداث الكونجرس وتفاعلاتها التالية تعيد تشكيل الكثير من معادلات العملية السياسية، لا سيما تلك الدعوة إلى عزل ترامب أو تقديمه استقالة طوعية لتجنب المساءلة، حسب دعوات رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، التي بدورها بدأت ترتيبات تطبيق التعديل "25" الخاص بعزل الرئيس أو تخليه عن السلطة.
عبدالله المدنى
عبد الله المدني: العرش التايلاندى فى خطر
قال الكاتب في مقاله بصحيفة البيان الإماراتية، إن العام الجديد قد يحمل أخباراً غير سارة للملكية التايلاندية العريقة، في ظل الانقسام الحالي غير المسبوق بين فئات الشعب حول ديمومتها وصلاحياتها وامتيازاتها، ودورها في الشأن العام. صحيح أن هذا الانقسام بدأت ملامحه قبل بضع سنوات، إلا أن الصحيح أيضاً، هو أنه لم يلاحظ بشكل صريح وواضح، كما هو اليوم.
يدور النزاع في تايلاند بين فريق ــ أغلبهم من كبار السن المخضرمين، الذين عاشوا حياتهم في عهد الملك السابق، الذي ضعفت قبضته على الأمور مع تقدمه في السن ــ وفريق تنتمي غالبيته إلى فئة الشباب وطلبة المدارس والجامعات، من أولئك المشبعين بأفكار التغيير الراديكالية.
الفريق الأول، يعتبر أن الملكية صمام أمان، وأن احترامها واجب تفرضه الثقافة البوذية، أما الفريق الثاني، فينظر إلى الملكية كنظام لا يستجيب لمتطلبات العصر، ويستند في بقائه على دعم مؤسسة عسكرية قمعية وساسة فاسدين.
وفي حال سقوط الملكية التايلاندية، التي تمثلها سلالة تشاكري، وهي سلالة ملكية حكمت البلاد بصورة مطلقة من عام 1782، حتى عام 1932، الذي تحولت فيه إلى نظام ملكي دستوري، فإن البلاد قد تنجر إلى الفوضى وعدم الاستقرار، على غرار ما حصل في دول أخرى عدة، راهنت شعوبها على النظام الجمهوري.
لكن من هو المسؤول عما يعانيه المجتمع التايلاندي المسالم من انقسام اليوم؟ هناك ثلاث جهات يمكن تحميلها المسؤولية. أولاها المؤسسة العسكرية والأمنية، التي لطالما لجأت إلى الانقلابات العسكرية لإسقاط الحكومات المدنية المنتخبة، بحجة حماية التاج والدفاع عن الملكية.
وكي نكون منصفين، فإن عدداً قليلاً من تلك الانقلابات، كان ضرورياً لحماية أمن الوطن والمواطن، ضد تيارات اليسار الديماغوجي والفوضى والعنف، ومما قيل في هذا السياق، أن القصر ــ في عهد الملك الراحل بوميبون أدونياديت ــ هندس بعض الانقلابات، مع كبار جنرالات البلاد، كي يؤمّن للبلاد مواصلة طريقها في النمو والازدهار، ويحميها من سفسطة ومشاحنات نواب الشعب المنتخبين من ذوي الأجندات الشخصية المتعارضة.
الجهة الثانية التي تتحمل المسؤولية، هي رئيس الوزراء الأسبق، تاكسين شيناواترا، رجل الشرطة الذي صعد سريعاً في ميدان المال والأعمال، ومنه تسلق إلى السلطة رئيساً للحكومة، في عام 2001، قبل أن يطيح به الجيش عام 2006.
ويعد شيناواترا، أول من بذر بذور المعارضة ضد الملكية، بتهييج بعض فئات الشعب، لا سيما الفئات الفقيرة، ودفعهم نحو الاصطدام مع مؤيدي الملكية والشرعية، تحقيقاً لطموحات شخصية. وعلى الرغم من خروجه من المشهد السياسي، ومغادرته البلاد، إلا أنه ظل يعمل من الخارج لتوتير الأوضاع داخل بلده، مستخدماً في ذلك ثروته الطائلة.
أما الجهة الثالثة، فهي ملك البلاد الحالي، ماها فاجيرالونجكورن، الذي أعطى مبرراً إضافياً لخصوم الملكية، للمضي قدماً في أنشطتهم الداعية للتغيير، فمنذ أن كان ولياً للعهد، تشكّلت حوله آراء سلبية، قيل معها إن خلافته لوالده، الذي كان مهاباً ومحبوباً وملتزماً بالتقاليد البوذية والأسرية، سوف يفضي إلى تضاؤل مكانة الملكية، كونه مزواجاً ونرجسياً ومتسلطاً، وعاشقاً للبهرجة والأسفار، وبعيداً عن شعبه، أي على العكس من والده، الذي يذكر له التايلانديون تواصله الدائم معهم، عبر جولاته الميدانية، والتزامه بالتقاليد الأسرية (تزوج مرة واحدة فقط)، وكراهيته للابتعاد عن وطنه (لم يسافر إلى الخارج سوى مرتين)، وانشغاله بهوايات أدبية وفنية رفيعة، مثل تأليف الروايات والمقطوعات الموسيقية، والتصوير الفوتوغرافي.
يوسف مكى
يوسف مكي: الحزب الجمهورى إلى أين؟
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، يعود تأسيس الحزب الجمهوري الأمريكي، إلى الحركة المناهضة للرق، بالولايات المتحدة خلال خمسينات القرن التاسع عشر، وأعلن عن تأسيسه، تحت مسمى الاتحاد القومي في 6 يوليو عام 1854. فاز ابراهام لينكولن برئاسة الحزب، عام 1860، وفاز في نفس العام بالانتخابات الأمريكية، ضد منافسه من الحزب الديمقراطي الجنوبي، ستيفن دوجلاس، وممثل حزب الاتحاد الدستوري الجديد جون بيل. وقد تركز الصراع بين المتنافسين آنذاك، حول معركة تحرير الرق، التي قادها الجمهوريون، وعارضتها أحزاب الجنوب.
الحزب الديمقراطي، هو الأقدم بين الحزبين الرئيسيين؛ حيث تأسس بالجنوب الأمريكي عام 1828م، واستمر لاعباً رئيسياً، مثل نظيره الجمهوري، في الحياة السياسية بالولايات المتحدة.
ما يهم في هذه المقدمة، ليس ظروف نشأة الحزبين؛ بل القوى الاجتماعية التي يمثلانها. الحزب الجمهوري، ظل منذ بداياته ممثلاً للأوليجارشية الصناعية، في حين كان الحزب الديمقراطي بالجنوب، هو الحارس الأمين لمصالح الإقطاع، والمنافح بشدة ضد تحرير الرق، لأن ذلك سيحرم ملاك الأراضي، من القوة البشرية، التي يحتاجون إليها لحراثة الأرض.
الحزب الديمقراطي، بقي لفترة طويلة، بالفكر والممارسة على يمين الحزب الجمهوري، مدافعاً عن قيم الإقطاع القديمة، في حين كان الحزب الجمهوري، مدافعاً عن الطبقة الرأسمالية الفتية، التي كانت كل المؤشرات تشير إلى أنها الأقدر على قيادة المجتمع، وإلحاق الهزيمة بمنظومة القيم القديمة. وعلى ذلك فإنه كان في تلك الحقبة، الممثل الحقيقي للقيم الليبرالية.
هذا الواقع، تغير لاحقاً بشكل جذري، بعد إلحاق الهزيمة بالإقطاع؛ حيث تحول الحزب الديمقراطي، من كونه حزباً يتمركز في الولايات الجنوبية، إلى حزب يعمل على امتداد الساحات الأمريكية بأكملها، ويتغلغل في الطبقات المتوسطة، وينتقل من يمين الجمهوريين إلى يسارهم، فيغدوا حزباً راديكالياً، بالقياس إلى أوليجارشية الحزب الجمهوري.
وفي الوقت الذي بقى الحزب الجمهوري، ثابتاً في مواقعه الفكرية، تأثر الديمقراطيون بالنظرية الكنزية، ودولة الرفاه. واستمر صعود أحد الحزبين، سواء للكونجرس، أو سدة الرئاسة، قرابة قرنين من الزمن، مرتبطاً بمستوى التضخم والانكماش، في الاقتصاد الأمريكي. وهنا مربط الفرس، في الإجابة عن السؤال الذي تصدر عنوان هذا الحديث: أي مستقبل للحزب الجمهوري، بعد اقتحام مبنى الكابيتول، من قبل أنصار الرئيس، رونالد ترامب، في السادس من هذا الشهر.
في الولايات المتحدة، لا توجد أحزاب سياسية، قادرة على التنافس مع الحزبين الرئيسيين. وقد لا نجانب الصواب، حين نقول إن ذلك، أمر غير مسموح به، عملياً، من قبل المكونات الاجتماعية المهيمنة، وإن غابت القوانين التي تنص على ذلك. وليس أدل على ذلك، من شيوع المكارثية، بمختلف أشكالها، عند أي تهديد محتمل لتوازنات القوة القائمة، التي يمثلها وجود الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي والجمهوري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة