خالد سنجر

الغربة.. والبكاء فى الوقت الضائع

الجمعة، 15 يناير 2021 04:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد سنين فى الغربة شافونى قــالولى جايب ايــــــــــه من بَرَّه.. قُلت يـــــــــــــاريتهُم لو سألونى أنـــــا فى الغربه بكيت كـام مَرَّه.. جبت حـــاجـــات م اللى يحبوها.. جبت فلوس ويــــاريت يـــاخدوها ويرُدّولى شباب ضــــــــــاع منى وسنين مُتْ وهما عـــــــــــــاشوها.. على ايه بس يـــاناس حاسدينى..واشقَى مـــــــــافيكُم أسْعَدْ منى إنتم عِشْتُمْ أحـــــــــــلَى سنينكُمْ وانـــا فى الغربه ماعِشْتِشْ سنى.

كلمات لخص بها أحد الشباب المكتوين بنار الغربة عن وطنهم، وفراق أهله وأصدقائه وأحبائه سعيا وراء الرزق وتأمين مستقبل أفضل، لكنه بعد مرور سنوات طويلة من السفر اكتوى فيها بنار الاشتياق لمن يحب ومن تركهم يتجرعون مرارة الفراق، اكتشف أنه بنى حساباته على ادخار الأموال فقط ناسيا أن الحياة بها حسابات كثيرة أخرى لا تعوضها ولا تشتريها كنوز الدنيا.

لا أحد يستطيع أن ينكر أن الغربة تغير  أقدار لأسر كاملة، والشاب المغترب يلعب دور العصا السحرية لعائلته ، ينشلهم من براثن الفقر، ويوفر لهم كل احتياجاتهم ويحقق لهم أحلامهم، ولكن لم يعط أى شخص منهم الفرصة لنفسه للتفكير قليلا فى الفاتورة التى يتم دفعها نظير كل ذلك.

فى مجتمعنا ننظر للشاب المغترب باعتباره مصباح علاء الدين.. بمجرد مروره أمامك فقد تحققت كل أحلامك.. تطال أعين الحسد أى أسرة تضم بين أبنائها مغترب بالخارج، يصبح مطمعا لأى عائلة  لديها فتاة مقبلة على الزواج.. يتناسوا مؤهله الدراسى.. يتجاهلوا وضع أسرته الاجتماعى.. لا يعطوا أى اعتبار للفوارق المالية والاجتماعية.. كل ما يشغلهم كيفية الفوز بعريس يعمل بالخارج.

قالوا أن الغربة سجن تعتقل الشاب داخل دوامتها.. يدخلها فى مقتبل عمره ويظل يدور فى رحاها سنوات عمره وشبابه حالما باليوم الذى يستطيع فيه اتخاذ قرار الهرب من تلك الدوامة والعودة إلى بلده وأهله ليسعد بما جمعه، لكن هيهات فهى مثل النداهة تظل تسحر له وتغريه بجمع المزيد والمزيد حتى يظل أسيرا لها فقط يفيق حين تخور قواه ويذبل شبابه ويعجز عن العمل.. هنا فقط يتذكر أن له وطن وأهل وأحبه يجب الرجوع إليهم.. لكنه وللاسف يكتشف أن الوطن تغير والأهل منهم من شاب ومنهم من غيبه الموت دون حتى ان يشعر به أو يودعه والأحبة نسوه لطول سنوات الجفاء والبعد.

يعود المغترب من غربته فرحا بالعودة إلى وطنه وأهله وأحبائه بعد سنوات طويلة من الغربة والاشتياق، لكن يفاجأ أنه عاد من غربة بعيدة إلى غربة داخل وطنه وبين عائلته.. ولما لا وهو عائد إلى أناس لم يشاركهم لسنوات طويله أفراحهم ولا مناسباتهم، ولا أزماتهم ولا أحزانهم ولا نجاحاتهم... غريب حتى عن أقرب المقربين.. غريب عن أبنائه الذى فارقهم وهو فى سن صغيرة  لم يروه إلا زائرا عابرا مرة فى السنة.

هنا فقط يشعر المغترب بخطأ حساباته، حيث يتأمل كل المتغيرات حوله، ويعود بذاكرته لسنوات طويلة مضت ،ويتذكر وجوها غيبهم الموت لم يمهله الزمن حتى فرصة وداعهم.. ويسأل نفسه : هل كان الأمر يستحق؟!.. هل تعوضنى الأموال التى جمعتها ما فاتنى من سنوات العمر التى ضاعت.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة