كلنا نعرف أن الحياة لا تستحق ما نفعله من أجلها، وأننا نفنى سنوات عمرنا فى البحث عن شئ غير الذى قد خلقنا من أجله فى الأساس، ولكن فى دروب الحياة المعقدة قد يستوقفك ويلفت انتباهك شئ إلى أمور قلما فكرت فيها أو تخيلتها.. ألهب مشاعرى وأثر فى نفسى ووجدانى مشهد يعبر عن الحب النادر والوفاء العظيم.. ماتت الزوجة ومات الزوج بعدها بساعات أو أيام قليلة.
فى التفاصيل تجد أن أحد رفقاء الحياة فارق الآخر بعد أن عاشا معا "على الحلوة والمرة" لمدة 55 عاما فى القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية، حيث يقول الأبناء، إن والدهم تزوج من والدتهم ابنة عمته وأنها ظلت جواره ورفيقته حتى أنجبا 5 فتيات وإبنا، وأن حياتهم كانت قائمة على الحب والاحترام المتبادل والتفاهم.
يبدو أن هذا الرجل كان متعلق جدا بزوجته، حيث تأثر وحزن حزنا شديدا لمرضها، وتأثر نفسيا لدرجة إصابته بنفس المرض، ومات قبلها بنصف ساعة تقريبا.. بعد إعلان وفاته وقت أذان المغرب، وأثناء الإعداد لخروج الجنازة لم تتحمل صدمة الفراق ولحقت به ليدفنا سويا كما كانا يتمنيان.. فى مشهد يعبر عن الحزن على الفراق والحب والوفاء.
تكررت نفس القصة فى محافظة الشرقية، حيث لحق محفظ قرآن كان يعمل فى الأزهر الشريف بزوجته، فبعد أسبوع من وفاتها تقريبا تدهورت حالته الصحية بدرجة شديدة ثم فارق الحياة، ليلحق بها بعد عشرة دامت لمدة 55 عاما فى الدنيا غلفاها بالحب والاحترام والتعاون فانتهت بالوفاء.
رغم أن تلك المشاهد والمواقف تستدعى فينا الحزن والأسى، بسبب ألم الفراق وتذكر قصص رحيل الأباء والأجداد، لكنها من الأولى أن تستدعى فينا ضرورة التوقف مع النفس، ومحاسبتها، وإعادة التفكير فى الحياة ومعناها وأهدافنا فيها.. وأرى أنها قد تكون فرصة لنتسامح ونتصالح مع أنفسنا أولا.. وقد تكون فرصة أيضا لنتعلم معنى المودة والرحمة بين الزوجين وكيف يكون الحب والوفاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة