تمر اليوم ذكرى رحيل الكاتب الكبير صبرى موسى، الذى رحل في 18 يناير من عام 2018، وبالطبع صبرى موسى لا يحتاج تعريفا، خاصة وسط المثقفين، يكفى فقط أن تقول "فساد الأمكنة".
وفساد الأمكنة رواية تؤكد فكرة العمل الخالد، بمعنى أن عملا واحدا قد يصنع لك أسطورتك، خاصة لو كان عملا متقنا، ويتحقق هذا الاتقان بطرق عدة منها الخوف أو الفرح، وهما شعوران كما نعرف متناقضان، وليس شرطا أن يجتمعا في عمل واحد، فسيطرة أحدهما تكفى أحيانا للتأكيد على نجاح العمل، وذلك لأنهما شعوران يكشفان أنك صدقت العمل، وأعتقد أن كل الكتاب الكبار لا يتمنون أكثر من أن يصدق القارئ عمله الأدبى.
ونعود إلى "فساد الأمنكة" ولأعترف بأننى لم أستطع أن أقرأها كاملة بسبب شعورى بالخوف، بدأت في الرواية منذ سنوات قليلة، وكان الشغف يسيطر عليَّ حتى وصلت إلى الجزء الذى فكر فيه "نيكولا" بأن يقتل ابنته، عند ذلك اختلط على الحقيقى بالفنى، شعرت بالخوف الحقيقى، وتمنيت ألا يفعل ذلك، وكى لا يحدث هذا الفعل الصعب قررت ألا أكمل قراءة الرواية، حتى لا تحدث عملية القتل.
وأعتقد قدرة صبرى موسى على إثارة الفزع في نفسى، هي الغاية الكبرى التي يحلم بها كبار الكتاب، ليس الفزع في حد نفسه، هو المطلوب، لكنه الشعور بأن الفن ليس مجرد سرد أو حكاية حدوتة، لكنه عالم مؤسس مكتمل بحد ذاته.