"شوية مطر وقداس ..عودين قصب وحلة قلقاس يبقى أكيد أحلى عيد غطاس"، تحت هذا الشعار تحتفل الكنيسة القبطية الارثوذكسية اليوم فى مصر بعيد الغطاس، والذى له مظاهره الخاصة الذى تميزة عن أى عيد آخر تحتفل به الكنيسة المصرية طوال العام ، خاصة ما إعتاد عليه المصريون الأقباط من طقوس سنوية وعادات شعبية فى تناول بعض الأكلات التى تميز هذا العيد خاصة، من الأكلات التى تحتوى على كمية كبيرة من المياه مثل قصب السكر والقلقاس.
وتختلف مظاهر الاحتفال بعيد الغطاس بين دول العالم ، فالكل شعب عاداته و تقاليده فى التعبير عن فرحتهم و لاحتفال بهذا العيد الذى يعتبر أحد أهم الاعياد السيدية بالكنيسة، و لقد إختار أقباط مصر تناول بعض المؤكلات التى لها دلالة رمزية و دينية ترتبط بماهية هذا العيد و دلالاتة الدينية، حيث إعتاد الأقباط تناول الأطعمة التى تشير إلى رمزية عيد الغطاس، مثل تناول القلقاس والقصب و البرتقال و اليوسفى، وكلها مأكولات مرتبطة بالمياه و لها علاقة رمزية بعيد الغطاس، وبالنسبة للقلقاس الذى هو الوجبة الرئيسية لهذا العيد، فهو يقشر ويطهى داخل الماء رمز للتطهير من الخطية، و التغطيس فى المياه بعد ذلك.
وتأثرت الاحتفالات بعيد الغطاس هذا العام، بسبب الأزمة الحالية والعمل على الحد من إنتشار فيروس كورونا ،حيث ترأس قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، صلاة قداس عيد الغطاس من كنيسة المقر البابوى بالكتدرائية المرقسية بالإسكندرية ليلة أمس، وجاءت صلاة القداس مقصورة على الآباء الأساقفة والقساوسة فقط وبدون حضور شعبى ،تنفيذا لقرار البابا تواضروس للحد من إنتشار فيروس كورونا ،كما تم إلغاء حفل إستقبال التهنئة والمعتاد فى كل عاك لإستقبال التهنئة بالعيد من القيادات التنفيذية و الأمنية و الدينية و القوى السياسية والشخصيات العامة بالمحافظة .
من جانبه قدم البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، خلال العظة الروحية ،التهنئة بالعيد وهو أحد الأعياد السيدية بالكنيسة مرسلا التهئنة إلى جميع الكنائس فى مصر و خارجها ،مؤكدا على أن هذا العيد هو تذكار معمودية السيد المسيح.
ووجه البابا تواضروس الثانى الكلمة إلى كل كنيسة بسبب الظروف الراهنة من إنتشار جائحة كورونا، قائلا :" نحن نجتاز فى تلك الأيام إنتشار جائحة كورونا وتأثيرها على كل الأنشطة ،وتحاول الدولة أن تعمل على الحد من التجمعات و التنقلات من بلاد الى بلاد مع الإجراءات الإحترازية، ورغم ذلك رحل عن عالمنا عدد من الآباء الكهنة و الشمامسة ،مقدما التعزية لكل أسرة رحل منها شخص فى تلك الجائحة".
وأضاف :"أن الكنيسة تصلى من أجل كل المصابين والآطباء و أطقم التمريض و كل الفرق الطبية التى تعمل لمواجهه هذا الوباء، ونصلى من أجل أن نجتاز جميعا هذه المحنة و نخرج منها سالمين"، مؤكدا أن الله سمح بتلك الجائحة للتقرب إلى الله.
وأكد البابا تواضروس أن يوم عيد الغطاس هو عيد فرح لكل أسرة مسيحية وكل طفل حينما ينال هذه البركة وهو طفل صغير، متحدثا شخص يوحنا المعمدان و الصفات التى ميزته لينال فرح الإيمان.
ويشتهر عيد الغطاس بالاحتفال به مواكبة بأجواء جوية شديدة الصعوية و قاسية البرودة، حيث يواكب هذا العيد أحد نوات الإسكندرية الشديدة بالإسكندرية، و لذلك سميت بإسم هذا لعيد "نوة عيد الغطاس"، وتستمر لمدة 5 أيام و تضرب الاسكندرية بموجة صقيع و انخفاض شديد فى درجات الحرارة ، مع هطول الامطار الغزيرة .
وكثفت شركة الصرف الصحى بالإسكندرية، أعمال نزح مياه الأمطار التى شهدتها الإسكندرية منذ الصباح، فى ثانى أيام نوة الغطاس ،حيث شهدت المحافظة إزدياد سرعة الرياح وهطول الآمطار بكثافات متفاوتة على فترات متباعدة، و أصدرت محافظة الإسكندرية بيانا، حذرت فيه من التقلبات الجوية، وذلك بناءً على التوقعات الواردة من الهيئة العامة للأرصاد الجوية والتى أفادت بوجود إنذار بحرى خاص بالبحر الأبيض المتوسط، حيث رفعت محافظة الإسكندرية درجة الاستعداد والطوارئ القصوى فى جميع أجهزتها التنفيذية المعنية للتعامل مع حالة عدم الاستقرار فى الأحوال الجوية المتوقعة والتى تشير إلى زيادة سرعة الرياح من 25 إلى 33 عقدة، وارتفاع الموج من 3.5 إلى 4.5 متر، مما يؤدى إلى اضطراب الملاحة البحرية، وتكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة بصاحبها سقوط الأمطار متوسطة الى غزيرة.
وناشدت محافظة الإسكندرية بالمواطنين توخى الحذر وإتباع التعليمات الاتية للحفاظ على سلامته ،تقليل التحرك بالسيارات للسماح لسيارت رفع مياه الأمطار من التحرك بسهولة ويسر ،تجنب السير بسرعات عالية بالسيارات تتعدى 60 كم، والحفاظ على مسافة أمان أكبر من المعتاد ،عدم الوقوف أسفل البلكونات القديمة والمتهالكة ،عدم البقاء فى أماكن مفتوحة أثناء حدوث البرق ،عدم الإقتراب من الأسوار والأجسام المعدنية والسكك الحديدية أثناء حدوث البرق تجنبا لخطر الصعق ،عدم وقوف السيارات على شنايش الأمطار.
وعيد الغطاس، أو عيد الظهور الالهى كما يطلق علية فى الكنيسة ، هو عيد لاحياء ذكرى معمودية السيد المسيح فى نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، أى تغطيس السيد المسيحة فى نهر الأردن كرمز للتطهر ، حيث كان يوحنا المعمدان يدعو الشعب للتوبة و بغطسهم فى ماء نهر الاردن دلالة على التظهر من الخطايا ، و أصبح هذا الامر تقليدا أسياسيا فى الكنيسة و العقيدة المسحية فيما بعد ، حيث أصبح أحد الاركان الاساسية فى العقيدة المسيحية، و يتم تغطيس الطفل حديث الولادة فى جرن مملوء بالماء يطلق علية "المعمودية" وهو أحد أركان الإيمان المسيحى الاساسية
و لقد إعتاد بطريرك الإسكندرية و الكرازة المرقسية ، خلال تعاقب البابوات الذين تولو هذا المنصب، على صلاة قداس عيد الغطاس بالإسكندرية، حيث كانت الاسكندرية قديما هى عاصمة و مركز الكرسى البابوى، و ذلك لان التبشير بالعيدة المسيحية قد إنطلق من الاسكندرية على يد القديس مرقس الرسول، الذى يطلق علية كاروز الديار المصرية، و نظرا لانتقال المركزية الى القاهرة فأصبح مقر البابا الدائم بالقاهرة، إلا أنه مازال يلقب ب"بابا الإسكندرية".
ويتضمن القداس عيد الغطاس ، صلاة "اللقان" أيضا، و هى صلاة تتلى لتبريك المياه ، وتستخدم فى التبريك داخل المنازل و مباركة المرضى و طرد الارواح الشريرة ، و تصلى الكنيسة الارثوذكسية صلاة اللقان مرتين فى العام مرة فى عيد الغطاس و الاخرى فى يوم خميس العهد، إلا أن صلات اللقان تأتى فى توقيت مختلف فى هذا العيد، فهو اللقان الوحيد الذى يسبق رفع بخور باكر بالقداس، و ذلك رمزا إلى يوحنا المعمدان الذى أعلن عن مجئ المخلص "السيد المسيح".
نوة الغطاس
هطول الامطار