كان الموبايل أحد أهم مفردات عصر الاتصالات، وعندما دخلت الكاميرا على الموبايل بدأت ثورة حقيقية فى الاتصالات، مع الإنترنت والموبايل التاتش كان مولد عصر جديد تماما، الكاميرات مثلت إضافة نوعية لعصر يمكن فيه أن يتخاطب الناس وجها لوجه ويتابعون ما يجرى فى العالم لحظة بلحظة، فضلا عن ارتباط أطاح بالكثير من مفردات عصر التكنولوجيا بالأوراق والسينما والتليفزيون، وبدا جامعا لكل هذه المفردات، عصر يتغير بسرعة، ويتحول بشكل يتجاوز القدرة على استيعابه.
ومثل كل مفردات عصر التقنية، فالكاميرا لها ميزات ووظائف كثيرة، مثل أدوات التواصل أو جوجل ومعها أعراض جانبية، التواصل غالبا ما يتداخل مع فكرة التريند والشهرة بصرف النظر عن القيمة، بل تبدو القضايا التافهة أكثر جذبا من الموضوعات الطبيعية، والكاميرا أيضا بقدر ما تمثل ثورة فى الاتصال والكشف والتقاط اللحظات، سلاح يمكن أن يتحول إلى نوع من الأسلحة المدمرة، فى حال تم استعماله من قبل أشخاص لا يقدرون الفواصل بين العام والخاص.
وأهم ما تثيره صور عضوات النادى الكبير هو الخلط بين العام والخاص، ولا أحد يعرف هل هناك من التقط الصور ونشرها، أم أن النشر تم من خلال جروبات مغلقة، حيث لا يوجد ما يمكن تسميته جروب مغلق، وهناك سوابق كثيرة تم فيها تسريب حوارات أو صور رغما عن المشاركين، ما أدى لمشكلات وأحيانا فضح لأعضاء هذه الجروبات.
الانتقال من الخاص إلى العلن أصبح سهلا فى عصر الاتصال والكاميرا، حيث تسقط الحواجز بين الخاص والعام، طالما خرجت من المنازل إلى أماكن عامة حتى ولو جلسات خاصة، ونحن أمام قضية تجرى فى ناد نخبوى، ما يجعل الأمر مغريا لكل من يريد أن يتصيد، وطالما خرج الموضوع للعلن يمكن توقع التنوع فى ردود الفعل من كل طرف، والمجتمع ليس من الملائكة ولا الشياطين، بشر يريد كل منهم أن يدلى برأيه، سواء عن اقتناع أو مزايدة، ويمكن من متابعة الآراء التعرف على اتجاه كل فريق، حيث ينطلق البعض من زاوية أخلاقية أو دينية، أو عقلية أو طبقية، وكلها تفاصيل موجودة نراها كل يوم، وتظهر أكثر من مثل هذه الأحداث، أو مع غيرها، حيث يميل كثيرون للتبسيط بينما التفاصيل والتقاطعات معقدة ومتشابكة، ومن السهل على كل طرف أن يصدر حكما، ويرى أنه حسم القضية، بينما التفاصيل أكثر تعقيدا.
النقطة الأوضح هى أننا أمام تفاصيل تتعلق بالفواصل بين العام والخاص، وهى غير واضحة ولا يمكن حسمها برأى أو رغبة، خاصة عن حدث يجرى فى مكان عام، أو حدث تم نشر صوره على الملأ. ومع الإنترنت ومواقع التواصل تسقط الكثير من الحواجز، ويفقد من يشارك جزءا من حريته وخصوصيته، طالما يعلن عن نفسه وصوره وحياته على صفحات التواصل، ولا علاقة لهذا بالقواعد الأخلاقية أو القانون.
ونعود لنتذكر كيف أن التلصص، أصبح أحد مفردات التعامل مع الكاميرات، والذى يمكن أن يكون عملا صحفيا أو إنسانيا، وأيضا يمكن أن يكون عدوانا على آخرين، ولعل من يبرر التلصص، ربما يغير رأيه فى حال كان هو أو أى من أفراد أسرته ضحايا لهذا النوع من التلصص، ولكن تبقى الفواصل بين الخصوصية والعمومية ضائعة فى عصر غيرته الكاميرات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة