أقام المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمى، ندوة ضمن فعاليات سلسلة "تواصل"، التى تنظمها لجنة السرد القصصى والروائى، ومقررها الدكتور حسين حمودة، وأدارت النقاش عضوة اللجنة الدكتورة عزة بدر، وشارك فيها كوكبة من الأدباء وهم: الشاعر وسام عمارة، والكاتبة آمال الديب، والدكتورة إيمان سند، كما تضمنت الأمسية رؤية نقدية للجمعية المصرية للمأثورات الشعبية حول تسجيل التراث الثقافى غير المادى بمنطمة اليونسكو: (النسيج اليدوى بالصعيد نموذجًا)، وقدمتها الدكتورة نهلة إمام، وقد عقدت الأمسية بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة، وتم بثها مباشرة عبر حسابات المجلس بمواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، وشهدت الأمسية تطبيق الاجراءات الاحترازية كافة؛ بهدف الوقاية من فيروس كورونا والحد من انتشاره.
وافتتحت الأمسية الدكتورة عزة بدر مؤكدة الدور الثقافى المهم الذى تقدمه سلسلة تواصل؛ والتى تلقى الضوء على مختلف الأصوات الأدبية والفنية، ثم ذهبت الكلمة إلى الدكتورة نهلة إمام، التى أكدت أن الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية أعدت ملف حول النسيج اليدوى بالصعيد، وأرسلته إلى منظمة اليونسكو لتسجيله ضمن اتفاقية: (صون التراث الثقافى غير المادى العالمى)، كما أشارت إلى الجهد المصرى الكبير المبذول مؤخرًا بمختلف المستويات، فى إطار تسجيل نماذج عدة للحرف اليدوية والتراث المصرى ضمن قوائم التراث غير المادى، وتابعت موضحة أن دور الدولة يتمحور حول تنظيم الملفات المحلية المرسلة لمنظمة اليونيسكو، وكذلك يقع على عاتقها مراجعتها للتمكن من دعمها والدفاع عنها، وأوضحت أن المجتمعات هى المسؤولة عن طلب تسجيل تراثها فى اليونسكو؛ فيجب أن تكون هذه العملية بناء على مبادرة مجتمعية، وفى مختتم كلمتها أكدت أنها نجحت فى التصدى لأصوات دولية، طالبت بموافقة الجانب المصرى على عدم تطبيق هذه الحرف اليدوية ضمن المشاريع الاقتصادية والتنموية، مؤكدة أنه لولا دعم تلك المشاريع للحرف اليدوية لكانت اندثرت منذ أمدٍ بعيد!
ثم جاء الشعر؛ فألقى الشاعر الشاب وسام عمارة مجموعة من قصائده، وهى: (منزلة الشعر، بل أنت روحى، بكت الديار، والقلب يعرفها، ذكرى)؛ وقال الشاعر وسام عمارة فى قصيدته (بكت الديار):
بَكَتِ الدّيارُ وَدَمعُها لِفِراقِكُم ... أبصَرتُهُ وَحدى بِساحِ المَنزِلِ
وَلَقَد سُقيتُ مِنَ الجَوىٰ حَتّى غَدَو ... تُ كَشارِبٍ ثَمِلٍ وَلَمّا أثمَلِ
وَلَقَد ذَرَفتُ مِنَ المَواجَعِ أدمُعًا ... والدّمعُ لَيسَ بِمُطفئٍ ما أصطَلي
حَسبى مِنَ الدُّنيا وَمِن آفاتِها ... حَسبى مِنَ الحُزنِ الذى لا يَنجَلي
سُحُبٌ على طولِ المَدىٰ وَكَآبَتى ... غَطَّت على ذاكَ السّحابِ المُسدَلِ
أوَما عَلِمتِ نُحولَ جِسمى والأسىٰ ... أَن فَتَّ فى روحى كَفَتِّ المِعوَلِ؟
لِمَنِ الحَياةُ أعيشُها إن تَرحَلى ... وَلَكِ المُقامُ وَفيكِ كانَ تَرَحُّلي؟
وَأحَرُّ مِن جَمرِ الغَضا تَفريقُنا ... وَالدّمعُ مِنّى مِثلُ ماءِ المِرجَلِ
وَلَقَد سَئِمتُ مِنَ الحَياةِ وَلَم يَعُد ... بِفَمى سوىٰ طَعم الأسىٰ والحَنظَلِ
والشَّعرُ أورَثَنى الغوايَةَ والهَوىٰ ... وَيَظُنُّنى قَومى بِأطيَبِ مَنزِلِ
سَأهيمُ كالصّقرِ الشّريدِ، كَصَخرَةٍ ... حَطَّت على سَفحِ المَواجِعِ مِن عَلِ
فيما قدمت الكاتبة الدكتورة إيمان سند قراءة من مجموعتها القصَّصية: (السرب)، التى تضم إحدى عشرة قصة قصيرة، وهى: (زهور اللبلاب، يحيى، الألم، بوح الصباح، فوات الأوان، آلهة لا تسكن الأوليمب، خلف النافذة، الحب تفاصيل صغيرة، طعم الحزن، قصتنا)، وتقول الأديبة إيمان سند فى قصتها (يحيى): "كل الجنائز تبتدئ من كربلاء، وتنتهى فى كربلاء، لن أقرأ التاريخ بعد اليوم، فأصابعى اشتعلت وأثوابى تغطيها الدماء."، وصولًا إلى: "يصل للمكان المقصود بعد عناء، إنه يخص عائلته منذ زمن بعيد، كيف تاهت قدماه عنه..! ربما لأنه المكان الذى لا يرغب أحد فى الذهاب إليه إلا مضطرًا يتسع الطريق كلما توغل فيه، رغم سيره بطريقة زجزاجية. مفيدة أحيانا تلك العربات الصغيرة حينما توكل إليها مهمة كتلك، يرى من بعيد سوادًا متقطعًا وآخر متصلًا، ورؤوسا تتصدر المشهد لا يستطيع فك طلاسمها".
وختامًا قدمت الكاتبة آمال الديب قراءة لقصتين قصيرتين من مخطوطة مجموعتها القصَّصية: (فاصل قصير)، التى تضم ست عشرة قصة قصيرة، وتحمل القصة الأولى عنوان: (ثمرة مانجو مشقوقة)، وتقول فيها: "أيها النهر القريب الحنون.. ها أنا ذا.. أرتمى بين شاطئيك.. لا فارق إن كنت ألتقيك عند ركن فاروق فى مدخل حلوان، حلوان التى رافقت شوارعها عمراً من عمرى، وذكرياتى البعيدة! أو ألتقيك بذلك الممر الضيق تحت كوبرى الجامعة، أو نظيره تحت كوبرى قصر النيل. ألتقيك فى القناطر الخيرية، أو فى اللسان عند امتزاجك بالبحر فى رأس البر.. ألتقيك فى الشروقات فى الغروبات، فى وضح النهار والشمس عمودية، وأنت تخفف وطأتها على رأسى بنسماتك التى ما راودنى الشك يوماً فى أنك تختصنى بها وحدى، وإن طالت جموع السائرين بمحاذاتك.. قالها ذلك العجوز يومًا: "حتى النيل بيرقص.. قدام ضحكة عينيكى".. لا تكفُّ عن الضحك - وإن ارتمت بين أحضانك تلك الثمرة التى قذفتها شجرة المانجو القاسية قبل اكتمال نضجها - لأجلى.. أيها النهر الحبيب.."، وفى مختتم مشاركتها قدمت الروائية آمال الديب قراءة لقصتها: (عصا إكسيليفون بيضاء)، التى تنتمى إلى ذات المخطوطة، وتقول فيها: "تلمس القطع المعدنية القصيرة بتلك العصا الصغيرة فتصدر نغمات خافتة بحجم اللمسة.. تروق لها الأصوات التى تداعب مسامعها فتدق دقات أقوى فتسمع نغمات أعلى.. أعنف.. أكثر صراحة.. تعجبها الفكرة فتنسجم مع الدقات وتستقبل آذانها ما تسمع بدهشة وشغف..تطلق ضحكات منغَّمة وعيناها تحاولان الربط بين عصاها الصغيرة وأذنيها.. تبدأ بالغناء..".