محتار هو فى أمر عائلته، أحدهم يكره الآخر بل يتمنى لو افتقر أو انتهى أجله، لا يأبه لفرحه فضلا عن حزنه، فلا يشاركه فى أيهما كان، أصغرهم يحاول أن يقرب بينهما فيفشل، حاول ذلك مرارا، تارة يفلح وأخرى لا يحالفه النجاح، لا يعرف سببا لهذا الجفاء الذى تمكن من أخويه، يتحدث إلى أبيه الذى شارف على الثمانين من عمره، سائلا إياه دون أن يلفظ ببنت شفة، لماذا يكره أخى أخيه ولماذا لا يغفران لبعضهما الزلات رغم أنى أرَها زلات "عادية"؟
يحكى الأب عن عمله مع أبيه «الجد» وماذا كان يفعلان، يمتد الحديث عن الجد الذى كان يسرق –بمساعدته- بعض المحاصيل ويبيعها، ويروى عن قطعة الأفيون -أحد أنواع المخدرات- التى عثر عليها هو أثناء عمله عند أحد أثرياء بلدته والتى أخفاها وأعطاها لأبيه.
احذروا أكل الحرام فقد يتأثر به الأحفاد، فربما كان ذلك سبب جفاء الإخوة وبغضهما لبعضهما البعض.
فى الحى الذى أعيش فيه يوجد رجل ذو سطوة ومال لو وزعه على أهل الحى لكفاهم، يمتلك من العقارات ما يتجاوز عدد أصابع اليدين، وعنده من الأراضى الكثير، تزوج 4 نساء وله من الأبناء الذكور 11 ولدا ليس بينهم ولد صالح، اللهم إلا واحد فقط أظنه على الصلاح، والله أعلم بالنوايا، ورغم ما عنده من مال فقد رأيت أحد أبنائه يسرق "الماعز"، فضلا عن سجن أكثر من ولد منهم على ذمة قضايا مخدرات وسرقة وتعدى بالضرب والشروع فى قتل، هذا الرجل يبغضه الجميع، يقول عنه أهل الحى إنه سطا على تلك الأراضى وأخذها دون وجه حق.. ربما كان ذلك سبب عدم صلاح أبنائه، الذين مات أحدهم عقب تناول جرعة زائدة من المخدرات.. الحرام لا يجعل بين الأبناء "صالح" أحيانا.
هو رجل «أمى» لا يقرأ ولا يكتب، عمل فى بيع الفاكهة فترة من الزمن، سافر إلى إحدى الدول العربية، عمل بها 25 سنة، تخللت تلك الفترة إجازات كثيرة، فيعود إلى وطنه يطفئ شوق حنينه إلى أولاده، فقد رزقه الله من الأولاد 3 أبناء تخرجوا فى كلية الهندسة، و3 بنات تخرجن من كليات مختلفة، تحملت زوجته معه الكثير، فكان لهم من خير الدنيا ما يجعلهم فى رغد من العيش، فضلا عن 6 أبناء جميعهم صالح، توفى الأب ولم يمت ذكره بأعماله الصالحة، فضلا عن دعاء أولاده له الذى أحسبه جعله فى الفردوس مع النبيين – والله حسبه-.
المال الحلال والصدقات يحمى ويربى.. يقول تعالى "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ".
أعجبنى خلق نجلى صديقى المحامى، يصليان.. يحفظان القرآن.. متفوقان فى دراستهما.. متواضعان، تخرج أحدهما فى كلية الهندسة، ومازال الآخر يمارس نعمة التفوق فى الثانوية العامة، تمنيت لو صرت على دربه فى تربية أبنائى، سألته ذات يوم بادئا بمدحه ومدح أخلاق أولاده «كيف تربى أولادك بتعمل إيه عشان يكونوا كده واختتمت سؤالى بـ"ما شاء الله لا قوة إلا بالله".. كنت أنتظر منه أن يقول لى أُحفظهم القرآن.. أو أجعلهم يدرسون بالأزهر.. أو بعاقب بطريقة كذا أو كذا، لكن الرجل قال كلمة هزت أركانى هزا شديدا، حيث قال عن نفسه: "أتقى الله فيهم"..
فاعتبروا أيها الناس يا من تحبون أبناءكم.. احترسوا من أكل الحرام فلن ينفع، يا من ترجون تفوق الأبناء وتميزهم احذروا الحرام فإن مرتعه وخيم وعاقبته سيئة.. فاتقوا الله فى أعمالكم فأتقنوها كما لو كان صاحب العمل على رؤوسكم.. واتقوا الله فلا تأخذوا ما ليس لكم فتخسروا به فلذات الأكباد.. اتقوا الله فيما رزقكم الله فتطيب لكم الحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة