لعقود كبيرة عانت القرى المصرية من التجاهل والتهميش وعدم الاهتمام، من جانب الحكومات المتعاقبة، مما أدى إلى زيادة نسبة الفقر والجهل والأمية وانتشار الأمراض، والأخطر إنها كانت مفرخة ومرتع للجماعات المتطرفة، حيث استغلت هذه الجماعات الظروف المعيشية للشباب بتلك القرى، وتلاعبت بعقولهم ومفاهيمهم وثوابتهم، حتى أصبح العديد من شباب تلك القرى فريسة لهم، واستمر هذا الحال لسنوات طويلة متتالية، حتى تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم فى مصر، ووضع اهتمامه الأول توفير حياة كريمة وآمنة ومستقرة لكل المصريين، ودشن رؤية مصر 2030، التى تأخذ مصر إلى أفاق واسعة وتضعها ضمن أكبر 30 دولة فى العالم.
وبدأت الحكومة فى خطة استراتيجية مدروسة لأقامة المشروعات القومية الكبرى لتحقيق طفرة تنموية هائلة لضمان الارتقاء بجودة حياة المواطنين المصريين، وترسيخ العدالة فى توفير الموارد، وكان من ضمن أولويات تلك الاستراتيجية تطوير القرى المصرية ، ليبدأ مشوار طويل لتغيير وجه الريف فى مصر، وتحويله إلى ريف نموذجى قائم على الإنتاج والاقتصاد، وتوج ذلك التوجه بإطلاق المشروع القومى لتطوير القرى المصرية، فى إطار مبادرة "حياة كريمة" الذى يرعاها رئيس الجمهورية، وهو المشروع الأعظم الذى يمس حياة ومستقبل 58 مليون مواطن مصرى، لتحقيق التنمية الشاملة لكافة القرى المصرية حيث كلف الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكومة بتنفيذ هذا المشروع العملاق منذ عام 2019، وتم البدء فى عدد معين من القرى، وخاصة القرى الأكثرًا فقرًا، حيث تم الوصول إلى أكثر من 1000 تجمع ريفى، تُمثل التجمعات الأكثر فقرًا على مستوى الجمهورية. بإجمالى 4584 قرية، وتوابعها، وذلك بتكلفة تقديرية 515 مليار جنيه
ويهدف المشروع العملاق حسب تكليف الرئيس للحكومة، إلى تقديم حزمة متكاملة من الخدمات الصحية والاجتماعية والمعيشية، وتنفيذ البنية الأساسية والمرافق فى الطرق والنقل، والصرف الصحى ومياه الشرب، والكهرباء والإنارة العامة، وتطوير الوحدات المحلية، والشباب والرياضة، والخدمات الصحية والتعليمية فى كافة المراكز الريفية، وذلك من خلال الاستهداف العاجل لتنمية كافة المراكز على مستوى الجمهورية، والتى يصل عددها إلى 175 مركزًا وتضم 4209 قرى، إلى جانب نحو 30900 تابع وعزبة ونجع، على أن يستكمل تنفيذ هذا المشروع خلال ثلاث سنوات فقط.
وإذا أضفنا إلى ذلك ما بدأت الحكومة فى تنفيذه لزيادة إنتاجية الفدان للفلاح عن طريق تطبيق نظم الرى الحديثة أو ما يطلق عليه الرى بالتنقيط،حيث بدأ بالفعل دخول مليون فدان فى تلك المنظومة وسيتبعه 4 مليون فدان وهو ما يؤدى إلى زيادة إنتاجية الفدان بنسبة لا تقل عن 30%،، ندرك أن توجيه القيادة السياسية للحكومة بضرورة التركيز على دعم وتطوير القرى يسير وفق مخطط مدروس وسيؤدى الغرض منه خلال فترة قليلة سنرى فيها القرى المصرية وقد تحولت إلى قرى نموذجية وهو ما وعد به الرئيس السيسى حين قال" "الريف سيتغير فى 3سنوات بشكل كبير..إن شاء الله هندخل الريف فى خلال 3 سنوات وهنخرج منه حاجة تانية خالص.. مصر تانية".
كثيرة هى الفوائد التى ستعود من مشروع تطوير الريف المصرى، فتحويله إلى وحدات إنتاجية واقتصادية سيكون له مردود كبير وإضافة قوية للاقتصاد المصرى، ويدفع بمعدل النمو إلى الارتفاع، خاصة أن الريف يتمتع بالعمالة غير باهظة التكاليف، وسيكون قاطرة لها ثقلها الكبير فى التنمية ودفع عجلة الاقتصاد، كما أن زيادة المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى القرى سيؤدى إلى تقليل هجرة سكان الريف إلى المدن والحضر، مما يقلل الكثافة السكانية فى المدن إلى المعدل الطبيعى، كما يحد بشكل كبير من ظهور العشوائيات فى ظهر المدن، والتى كان يلجأ إليها سكان الريف العاملين بتلك المدن، ناهيك على أن تطوير الريف والقرى سيقضى تماما على أى فرصة للجماعات المتطرفة لاستغلال ظروف الشباب وأحوالهم المعيشية، ولذلك اعتقد أن المشروع القومى لتطوير القرى المصرية، هو المشروع الأعظم والذى سيكون له تأثير إيجابى كبير على مصر.