يعتبر عصر الانتقال الثانى أو فترة حكم الهكسوس أو الأسرات من الخامسة عشر إلى السابعة عشر "1650-1550 قبل الميلاد" من أكثر المحن التاريخية التى مرت بها مصر القديمة، ولقد اختلفت الآراء حول الموطن الأصلى لهؤلاء المحتلين كما اختلفت حول الطريقة التى تسللوا بها إلى مصر حتى وصلوا إلى سدة الحكم خاصة فى مصر السفلى التى اتخذوا فيها عاصمة خاصة بهم والتى أطلق عليها حوت وعرت "أفاريس" والتى اختلف العلماء أيضاً حول مكانها الحالى، فمن أين جاء الهكسوس؟
وقال الدكتور عصام محمد السعيد، أستاذ بقسم التاريخ والآثار المصرية والإسلامية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، فى كتابه "حرب التحرير ضد الهكسوس.. صفحة مشرقة للجيش المصرى القديم"، تسلل الهكسوس من بلاد الشام إلى مصر فى الأسرة الثانية عشرة والأسرة الثالثة عشرة، وكانت مستعمرتهم الكبرى فى أفاريس فى شرق الدلتا التى أصبحت موطنًا متخصصًا على المدخل الشمالى الشرقى لمصر يتحكم فى بعثات التعدين والتجارة المصرية مع بلاد الشام وقبرص وبحر إيجه وكان المسئولون المصريون الذين يشرفون على هذه الأنشطة من الشعوب ذات اللغات السامية الغربية.
وأوضح الدكتور عصام محمد السعيد أن المصادر الأثرية تشير إلى وجود قوى للهكسوس فى مصر الذين كان لهم تأثير لا ينكر على مصر القديمة، وجاءت نهاية حكم الهكسوس على أيدى أبطال التحرير القادمين من مدينة طيبة "الأقصر الحالية"، وقام الملك أحمس الأول بطردهم من مصر وتحرير البلاد منهم.
كما يناقش الكتاب حرب التحرير ضد الهكسوس التى تعد فترة مهمة من تاريخ مصر القديمة التى قامت بتجاوزها وتأسيس إمبراطورية عظيمة فى الشرق الأدنى القديم من الفرات شمالًا مروراً ببرقة غربًا وصولاً إلى أعماق أفريقيا جنوبا، وامتدت قرابة خمسة قرون "1575-1087 قبل الميلاد"، ومن البديهى أن هذا كله كان من نتاج حرب التحرير ضد الهكسوس.
ولم يسيطر الهكسوس إلا على الشمال من مصر حتى القوصية جنوبا، بينما ظل الصعيد يحكمه مصريون وطنيون، وقدمت مصر الشهداء واحدًا تلو الآخر وعلى رأسهم الملك سقنن رع، ثم من بعده ولده الملك كامس ثم خلفه أخوه الملك أحمس الذى اختتم ملحمة البطولة وطهر البلاد من حكم الهكسوس اللعين، وسرعان ما أدرك المصريون أن حدودهم الطبيعية تبدأ فى خارج حدودهم التقليدية لذا نشأت الإمبراطورية المصرية فى عصر الدولة الحديثة كى تحمى أرض مصر وحدودها وأن تدافع عن نفسها على أرض خارجية تتبعها كجزء يخضع للنفوذ المصرى النافذ فى الشرق الأدنى القديم.