مع ظهور عدد اللقاحات الفعالة للوقاية من الإصابة فيروس كورونا المستجد، تولدت لدى البعض تخوفات من احتمالية وجود آثار جانبية للقاح، وأصبحنا نرى الكثير ممن يرفض تعاطى اللقاح، بل شهدت بعض الدول حملات ضد تعاطى اللقاحـ لكن يبدو أن الحملات المناهضة للقاحات، ليست ظاهرة حديثة، لكن جذور تلك الحركة ترجع إلى عصور قديمة، ويبقى السؤال المهم من أين يأتي هذا التردد، ولماذا يرفض البعض أخذ اللقاح الذى سيسهم في شفائه من المرض؟
بحسب صحيفة "اندبندنت" البريطانية فى نسختها العربية، فإن الخوف نفسه وقع فى أواخر القرن الـ19 حين خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع احتجاجاً على فرض لقاحات ضد مرض الجدري في بريطانيا، وحمل المحتجون لافتات تدعو إلى رفض اللقاحات كونها "لعنة تحل بالأمة"، وأُحرقت نسخ من القوانين التي تلزم باللقاحات في الشوارع.
وكان مرض الجدرى في حينها يحصد أرواح مئات الآلاف من الأوروبيين من دون توقف، وأطلق عليه اسم "الوحش الأرقط"، بسبب الطفح الجلدى الذي كان يتسبب فيه، وأصبح الجدري أكبر مسبب للوفاة في أوروبا، إذ قتل نحو 400 ألف شخص سنوياً، وفى الأميركتين، استشرى المرض بين قبائل السكان الأصليين، وانهارت ثقافات كاملة، وأصيب ثلث الناجين بالعمى، وكل من لم يمت تقريباً أصيب بتشوهات دائمة.
وبدأت القصة عام 1798، عندما نجحت اختبارات الطبيب إدوارد جينر بمقاطعة غلوستيرشير الإنجليزية في استخدام جرعة طفيفة من مرض جدري البقر للوقاية من مرض الجدري، وخلال خمس سنوات ساد استخدام التطعيم الذي اكتشفه جينر في أنحاء أوروبا. وخلال 10 سنوات، أصبح اللقاح عالمياً، ومع انطلاق اللقاح بدأت معركة عمرها نحو قرن من الصراعات بين السلطات وأفراد من العامة المشككين، اللاجئين للعنف في بعض الأحيان، ما اضطر السلطات البريطانية، إلى جعل اللقاح مجانياً ثم إجبارياً، ثم فرضت غرامات وعقوبات تصل إلى السجن، وحينها تأسس اتحاد ليستر المناهض للقاحات في عام 1869، وللقصة تتمة انتهت إلى اقتناع الناس في حينه بأن اللقاح يشفي من المرض بعد ما لاحظوا الفرق بين من أخذ اللقاح ومن لم يأخذه.
ووفقا لصحيفة "BBC" وفي عام 1850، كان متوسط أعمار الناس لا يزيد على 40 عاما، توفى 15 فى المائة من الأطفال قبل بلوغ عام واحد.
وبجانب الأطباء المؤهلين، انتشر مدعو الطب والمعالجون التقليديون، وفي غياب نظام خدمات صحية، تعين على الجميع دفع مقابل الخدمات التي تلقوها، ما يعني حرمان الكثيرين من أساسيات الرعاية الطبية.
وفي هذه المرحلة، كان إنتاج اللقاحات في مراحله المبدئية، وتباينت جودة اللقاحات التي تُنتج طبيعيا من مرض جدري البقر، كما أن الأمر تطلب عقودا لإدراك أن اللقاح لا يمنح وقاية مدى الحياة، وأن عمليات التلقيح العشوائية قد تسبب عدوى جانبية مثل السيلان، وأمراض الكبد، والدرن.
وتأسس اتحاد ليستر المناهض اللقاحات عام 1869، لكن التوجه المناهض للقاحات لم يتبلور إلا عام 1877، وكانت المفارقة أنه خرج من المؤسسة الطبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة