بعد أن أصيب والده بتضخم بالكلى اضطره لاستئصالها واستئصال فقرتين من العمود الفقرى جعلته طريح السرير، قرر إسلام صاحب الـ16 عاما والابن الأكبر لأبويه، أن يساعد والده و"يشيل" عنه الحمل، فكان يذهب إلى المدرسة صباحا ويعمل على "توك توك" بعد الظهر، بعد أن اتفق مع صاحبة المركبة على العمل عليه مقابل أجر يومى يشترى به ما يسند "الزير".
ولَمَّا كان من المستحيل أن يعيش أحدنا بلا صديق يُؤانسه، وخليل يُصاحبه، اتخذ إسلام مثل الكثير ممن فى نفس سنه، أصدقاء كثر، وذات يوم وبينما هو يعمل على "التوك توك" اتفق معه أصدقاؤه طارق ومحمد والسيد، للجلوس سويا على الزراعية، في عزبة الشوادفى بمركز ههيا في محافظة الشرقية، ولم يعلم إسلام أنهم بيتوا النية لقتله، وبينما هم في الطريق أخرج أحدهم "كتر" وذبحه وأرداه قتيلا، وترك المجرمون الثلاثة "الصاحب" غارقا في دمائه على الأرض، ملقين من ورائهم ما يطلق عليه "عيش وملح".
لم يعلم إسلام إنه كان يجب عليه قبل أن يتخذ ثلاثتهم أصدقاء أن يعرف هل سيؤدون حقه ويخافون عليه ويراعون "العيش والملح" أم لا، هو علم فقط أن الصداقة مشتقة من الصدق في المودة والمحبة والإخلاصِ والنصح، ولم يعلم أنهم سيخونون ويغدرون.
عندما كنت في الثانوية العامة كان أغلب أصدقاء الدراسة، يدخنون السجائر، كان من بين هؤلاء صديق مقرب لى جدا خلال المرحلتين "الإعدادية والثانوية"، اعتاد أن يخرج مع الفتيات ويدخن السجائر، كان يقول لى بالحرف: "دخن سيجارة وأنا أجيب لك على حسابى"، كان يدفعنى بقوة للخروج مع الفتيات "على حسابه".. من يدفعك لفعل ما يضرك ليس بصديق، احترس منه وتجنبه.
زوجتى تستغرب من مدى حبى لصديقى عمرو جمال، ذات مرة حادثتنى عنه، فقلت لها دون تفكير: "ما أرتديه الآن ملك عمرو، ولو سألته زوجته عنى سيقول لها، نفس ما قلت، العبرة بمدى الإخلاص.. بالتربية الصحيحة.. بعدم النفسنة والتنمر.. بالرضا بما قسم الله.. بالتحلى بالأخلاق.
السيدة نجلاء محمد "أم إسلام" أو شهيد لقمة العيش، تتحدث عن قاتلى فلذة كبدها فتقول: "اللى ذبح ابنى أعز صديق له وأكل معاه عيش وملح"، الأم المكلومة نبهت كل أم وكل ولى أمر بأن يتحرى عن أصدقاء أبنائه، فيا أيها الأب ويا أيتها الأم راقبوا أولادكم حبا فيهم لا تجسسا عليهم، اعرفوا أصحابهم، رتبوا لـ"خروجة" عائلية للتعرف على الأسرة عن قرب، علموا أولادكم كيفية اختيار الصديق، اجعلوهم يكونون حذرين لأبعد حد ولأقصى درجة فيمن يتعاملون معهم، "محدش عارف الضربة هتجيلوا من فين".