منذ خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وجدت الجريمة لها مكانا، وقد فعلها قابيل وقتل أخيه هابيل، فعلها طمعا أو حسدا، المهم أن دما قد سال على الأرض، ولكن هنا وجبت الإشارة إلى أن الكتب الدينية قالت لنا إن "قابيل" شعر بالندم وراح يندب حظه، وعندما وقف عاجزا أمام جثمان أخيه، بكى من عجزه، لأنه لم يعرف كيف يوارى سوءة أخيه.
مرت السنوات وزادت الجرائم، وهذا أمر متوقع، لكن قابيل هذا الزمان، لم يعد يشعر بالعجز ولا بقلة الحيلة، بل راح يفخر بارتكاب جريمته، ويسعد فى كشف عورة أخيه بعد موته.
راح إنسان العصر الحديث يرتكب جرائم نوعية، فيقتل أقاربه بدم بارد، بالموت جوعا، وقد يحدث إبادة كاملة، وعادة ما يمثل بالجثة، وغير ذلك مما نسمع به ونقرأ عنه، بما يدل على مدى الخلل النفسى والمجتمعى الذى وصلنا إليه.
وراح الإنسان يرتكب الأفظع من ذلك، وهو أن يلتقط "سيلفى" مع القتيل، يريد أن يوثق ذنبه، ويؤرخ لخطيئته، فهو لا يريد أن يبدى ندمه أ يتراجع عما ارتكبه، ولا أعرف تحديدا كيف لعلم النفس أن يفسر ذلك، ولكننى أشعر بأن ذلك اتجاها كارثيا ناحية الهاوية الإنسانية، لأن الشىء الذى نوثقه عادة، هو شىء نريد تذكره بشده، فهل ارتكاب جريمة أمر يستحق التذكر؟
جزء من الكارثة أن مثل هذه الأمور ليست قاصرة على مجتمع معين، ولا حتى عالم محدد، يمكن أن تسمع عنها وتراها فى كل الدنيا، وليس لها حل سوى الإنسان نفسه، أن يعيد النظر فى الوحش الساكن فيه، ويدخله مرة أخرى إلى قمقمه.