أصدرت الدائرة الجنائية "أ" بمحكمة النقض حكماَ، بشأن حال تحديد ماهية حالة التلبس التي يختلط فيها الأمر بين العديد من المتخصصين في الشأن القانوني، حيث رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية، قالت فيه: "إبلاغ المجني عليه لضابط الواقعة بتعرضه لسرقة بالإكراه وإرشاده عن مكان المتهم فقام الضابط بضبط المتهم وتفتيشه وعثر على المسروقات، لا تتوافر بها حالة التلبس، لأن التلبس حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها، أما القول بتوافر حالة التلبس بعد تماحي آثار الجريمة والشواهد التى تدل عليها لا يصادف صحيح الواقع والقانون"، وذلك في الطعن المقيد برقم 43314 لسنة 77 ق.
واقعة سرقة بالإكراه والمجنى عليه يرشد عن المتهم
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم 9842 لسنة 2007 قسم شرطة عين شمس، بوصف أنه في ليلة الأول من أبريل سنة 2007 بدائرة القسم بمحافظة القاهرة، أولاَ: سرق بالإكراه الهاتف المحمول والمبلغ النقدى المبينين وصفاَ وقيمة بالأوراق والمملوكين لمحمود أحمد، وذلك بأن استوقفه حال سيره بالطريق العام، وأشهر في وجهه سلاحاَ أبيض – سكين – مهدداَ إياه، فبث الرعب في نفسه وشل مقاومته وتمكن بتلك الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات ولاذ بالفرار، وثانياَ: أحرز سلاحاَ أبيض "سكين" دون مسوغ من القانون أو من الضرورة الحرفية أو الشخصية.
محكمة أول درجة تقضى على المتهم بالسجن 10 سنوات
في تلك الأثناء – أحالته النيابة العامة إلى المحكمة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف، والمحكمة قضت حضورياَ بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات وبمصادرة السلاح الأبيض المضبوطة، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت مذكرة بأسباب الحكم، وأستوفى الطعن الشكل المقرر في القانون.
مذكرة الطعن تستند على 3 أسباب أبرزها الفساد في الاستدلال
ومما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى السرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض بدون مسوغ، قد فسد استدلالاته وشابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه دفع ببطلان القبض والتفتيش، وما ترتب عليهما لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة في غير حالات التلبس، إلا أن الحكم رد على دفعه بما لا يصلح رداَ.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن المجنى عليه أبلغ القسم بأن المتهم استوقفه، وهدده بسكين وسلبه هاتفه، ونقوده وهرب، فاصطحبه الضابط إلى مكان الواقعة، حيث أرشده عن المتهم فضبطه وفتشه وعثر معه على المسروقات والسكين، وأقر بارتكابه الجريمة، وبعد أن سرد الحكم أقوال المجنى عليه وضابط الواقعة بما يتطابق مع هذا التصوير عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بالجريمة، واطرحه بقوله: "المجنى عليه أبلغ الضابط بالواقعة فور حدوثها واصطحبه لمكانها فشاهد المتهم، وتعرف عليه فقام الضابط بضطبه وبحوزته الهاتف المحمول المسروق والسلاح الأبيض، المستخدم في ارتكاب الجريمة ومن ثم فإن ضبط المتهم عقب ارتكابه الجريمة بوقت قريب، حاملاَ أداة ارتكابها والهاتف المسروق مما يستدل منها على أنه الفاعل لها تتحقق به حالة التلبس بجريمة السرقة بالإكراه تبيح لرجل الضبط القضائى ضبطه وتفتيشه دون حاجة إلى أمر أو إذن بضبطه من النيابة العامة".
النقض: المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها
وبحسب "المحكمة" فإنه ن من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن تلقى مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير لا يكفى لقيام حالة التلبس، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراَ من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، وأنه ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراَ موكولاَ إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها.
القول بتوافر حالة التلبس بعد تماحي آثار الجريمة والشواهد التى تدل عليها "غير جائز"
ووفقا لـ"المحكمة" – وكان مؤدى الواقعة التي أوردها الحكم ليس فيه ما يدل على أن الجريمة شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، ولا يصح استناد الحكم إلى القول بأن الطاعن كان وقت القبض عليه في حالة من حالات التلبس بجريمة السرقة المسند إليه ارتكابها لمجرد أنه أبلغ بالواقعة بعد حصولها، ثم اصطحب الضابط إلى مكانها وأرشده عن المتهم، طالما أن حالة التلبس قد انتهت بتماحى آثار الجريمة والشواهد التي تدل عليها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على صحة القبض على الطاعن وتفتيشه فإنه يكون فوق فساد استدلاله قد اخطأ في تطبيق القانون حجبه عن النظر فيما قد يكون في الدعوى من أدلة أخرى مستقلة عن الإجراء الباطل الذى عول عليه – لما كان ما تقدم – فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.