مثل كل الأحداث الكبرى فإن تأثيرات فيروس كورونا تتجاوز كونها أخطارا وبائية، تسببت فى تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية، ولا تزال تتفاعل بعد عام من أول تقرير إخبارى من منظمة الصحة العالمية عن تفشى فيروس كوفيد19، فى السادس من يناير 2020 كان أول إعلان من المنظمة عن اعتبار كورونا وباء، لكن أحد لم يتصور أن يستمر الوباء عاما كاملا، ولا يزال يحمل المزيد من المفاجآت.
عندما أصدرت المنظمة بيانها الأول، ظلت التوقعات للوباء فى إطار التصور لفيروسات الألفية مثل أنفلونزا الطيور والخنازير وسارس وميرز، والتى أثارت مخاوف لكنها لم تصل إلى حد التهديد الفعلى مثلما جرى مع كورونا، فقد تلاشت تلك الفيروسات، أو بقيت فى إطار السيطرة، وهو ما بدا مع كوفيد 19، لكن الأمور اتخذت منحى آخر، وفى حين لم تتجاوز إصابات أشد الفيروسات السابقة المئات، والوفيات بالعشرات، تقترب الإصابات من 90 مليونا، منها 22 مليونا فى الولايات المتحدة الأمريكية، و340 ألف وفاة، وتقترب الوفيات من 2 مليون فى العالم، ولا تزال الأرقام تتضاعف بصورة كبرى بالرغم من أن 30 دولة بدأت فى تلقيح مواطنيها بلقاحات لا تزال تحت التجريب، فعليا، وما زال العالم على موعد مع المزيد من التحولات، وتمثل اللقاحات أملا قريبا وبعيدا فى نفس الوقت.
غطى فيروس كورونا على باقى الأحداث، بالرغم من أنه فى الحالة العادية، كان يمكن أن يكون حدثا مثل الانتخابات الأمريكية أكثر تأثيرا، أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربى، لكن الفيروس غطى على المخاوف والتوقعات، فضلا عن أن كوفيد 19 كانت له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الانتخابات الأمريكية، وساهمت بدور فى خسارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب وفوز جو بايدن، والذى لا شك سوف يبقى وإدارته منشغلين بمواجهة تداعيات الفيروس وتحقيق وعوده بحسم الحرب التى فشل فيها سلفه.
لقد كان لفيروس كورونا تأثير على أنظمة الصحة والعلاج فى العالم، والتى لا يبدو أنها كانت مستعدة لوباء بقوة كوفيد19، وحتى أعتى الأنظمة الطبية لم تصمد أمام الفيروس، وكما وصفه بيان منظمة الصحة العالمية:«عبء الحالات مرتفع للغاية فى العديد من البلدان لدرجة أن المستشفيات ووحدات العناية المركزة تمتلئ إلى مستويات خطيرة»، المنظمة الدولية نفسها لم تكن بعيدة عن اتهامات بالتأخر فى إعلان خطر الوباء، وحاول الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته دونالد ترامب، اتهام المنظمة والصين بالتواطؤ، وأصر على أن يسمى «كوفيد19» الفيروس الصينى.
علماء الفيروسات والميكروبيولوجى أعلنوا أنهم حذروا خلال السنوات العشرين الماضية من هجمة خطيرة لفيروسات وطفرات، لكن زعماء العالم لم يأخذوا الأمر على محمل الجد، ثم إن الكثير من شركات الدواء أصبحت تنفق على أدوية التجميل والمكملات الغذائية أضعاف ما تنفق على أبحاث الأدوية الفاعلة ضد الأمراض الخطيرة والفيروسات المحتملة، ولهذا فقد ظهرت اللقاحات بعد تسعة شهور من ظهور الخطر ولا تزال تواجه شكوكا ومخاوف وتخضع لتجارب على البشر قبل أن تتضح فاعليتها وقدرتها على حماية البشر.
كل هذا يجعل كوفيد19 أكبر من مجرد فيروس أو خطر يتعلق بالصحة والطب، لكنه، يتجاوز ذلك ويبدو كارثة تحمل داخلها الكثير من التحولات، والتى ربما لا تظهر قبل أعوام مقبلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة