جريمة "إنسانية" أثارت الجدل خلال الساعات الماضية، دارت أحداثها فى منطقة بولاق الدكرور التابعة لمحافظة الجيزة، حيث احتفظت شقيقتان بجثة والدهما عدة أيام بعد وفاته، ومنعا شقيقه من زيارته أو الاطمئنان عليه - نظرا لسوء حالته الصحية قبل الوفاة - حتى لا يفتضح أمرهما، وحتى يتسنى لهما الاحتفاظ بالجثة داخل الشقة أطول فترة ممكنة.
الغريب فى الأمر أن الشقيقتين - لشدة تعلقهما بوالدهما بعد وفاة والدتهما منذ سنوات طويلة - لم تعترفان بوفاة الأب من شدة الصدمة، وذلك قد يحدث مع أى إنسان، لكن ما لا يمكن تخيله هو الاحتفاظ بجثة المتوفى ومنع دفنه - رغم أن إكرام الميت دفنه - حتى لو كان "الأب أو الأم أو أحد الأبناء"، فبطبيعة البشر يتعلق الأبناء بالآباء والعكس صحيح، لكن فى النهاية "كل نفس ذائقة الموت".
المثيرة للشفقة فى الواقعة هو أن الشقيقتين احتفظتا بجثة والدهما، لأنهما لم تتخيلا أو تصدقان أنه مات، أو أنه كان سيموت يوما ما، لدرجة جعلتهما تضعان الجثة فى صالة الشقة، وكأنه نائم، وحلقتا لحيته، بالإضافة إلى تحميمه بالماء والصابون، كما لفا جثته بالشاش الطبى بعد وضع "كريمات" لترطيب جلده ومنع انتشار رائحة التعفن.
أما المثير للدهشة فى القصة، ما جاء بتحريات فريق البحث الجنائى المكلف بكشف ملابسات وكواليس وتفاصيل الواقعة، حيث جاء بها أن الشقيقتين وضعتا على جثة والدهما "جبنة، ولبن، وبيكنج باودر"، فى محاولة لتخفيف تعفنها، لاعتقادهما أن تلك المواد تساعد فى ترطيب البشرة، ومنع تعفن الجثة، وأنهما كانتا تشعلان أعواد البخور، لمنع انبعاث الرائحة الكريهة ووصولها للجيران.
لكن السؤال الآن، إذا كانت هاتين الشقيقتين تعانيان من أزمة أو مرض نفسى كما جاء بتحريات المباحث حول الواقعة، والذى ترتب عليه قرار عرضهما على لجنة من مستشفى الأمراض النفسية والعصبية، لتحديد مدى قواهما العقلية، فكيف تصرفتا مع والدهما باعتباره ما زال حيا ورفضتا فكرة موته، وكيف تعاملتا مع جثته بأسلوب إخفاء الجريمة؟ والسؤال الأهم، ما هو الموقف القانونى لهاتين الفتاتين؟ وهل هناك عقوبة تنتظرهما؟ وما هى التهمة التى ستوجهها إليهما النيابة حال سلامة قواهما العقلية؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة