يدرس الأعضاء الديمقراطيون في الكونجرس الأمريكي اليوم الجمعة، اتخاذ إجراءات لمساءلة الرئيس دونالد ترامب للمرة الثانية بغرض عزله، بعد يومين من اقتحام حشد من أنصاره مبنى الكونجرس (الكابيتول هيل) إثر ادعاءات رددها بلا سند عن تزوير الانتخابات.
ودعا كبار زعماء الديمقراطيين، بمن فيهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، إلى إجراءات مساءلة فورية إذا رفض نائب الرئيس مايك بنس والوزراء في إدارة ترامب اتخاذ خطوات لإزاحة الرئيس الجمهوري عن السلطة.
وقالوا في بيان مساء أمس الخميس إن "تصرفات الرئيس الخطيرة والمثيرة للفتنة تتطلب إقالته فورا من منصبه"، متهمين ترامب بالتحريض على "تمرد".
ومع تصاعد الدعوات للإطاحة به أمس الخميس، نشر ترامب مقطع فيديو ندد فيه بالعنف الذي أودى بحياة خمسة أشخاص.
وظهر الرئيس الجمهوري في مقطع الفيديو أقرب من أي وقت مضى من الاعتراف بخسارته في الانتخابات الرئاسية في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني، ووعد بضمان انتقال سلس إلى "إدارة جديدة". ومن المقرر أن يؤدي الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن اليمين في 20 يناير كانون الثاني.
ومثلت كلمات ترامب في مقطع الفيديو تناقضا صارخا مع خطابه يوم الأربعاء، عندما حث حشدا من الآلاف على التوجه إلى مبنى الكابيتول حيث كان الكونجرس مجتمعا للتصديق على فوز بايدن في الانتخابات.
واقتحم غوغاء المبنى، مما شكل ضغطا على الشرطة وأجبر السلطات على نقل المشرعين لمواقع آمنة حفاظا على سلامتهم.
وقالت شرطة الكابيتول في وقت متأخر أمس إن أحد أفرادها توفي متأثرا بجروح أصيب بها في الهجوم. وقُتلت متظاهرة برصاص السلطات وتوفي ثلاثة أشخاص بسبب مشاكل صحية طارئة.
وعرض مكتب التحقيقات الاتحادي مكافأة تصل إلى 50 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى المسؤول عن وضع قنابل أنبوبية في مقر الحزبين الأمريكيين الرئيسيين. ونشر المكتب صورة مشتبه به يرتدي ملبسا بقلنسوة وعلى يديه قفاز ويحمل شيئا.
* الوقت ينفد؟
مع اقتراب موعد رحيل ترامب خلال أقل من أسبوعين، ليس من الواضح ما إذا كان هناك متسع من الوقت لإكمال عملية المساءلة. ولم تعلن بيلوسي عن قرار، على الرغم من أنها أوضحت في مؤتمر صحفي أن الديمقراطيين يطالبون باتخاذ إجراء في أعقاب حصار الأربعاء.
وإذا تمت مساءلته في مجلس النواب، فسيواجه ترامب نظريا محاكمة في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون والمقرر أن يكون في عطلة حتى 19 يناير كانون الثاني. ولم يحدد مساعدو ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ما سيفعله إذا وافق مجلس النواب على مواد المساءلة.
وأقر مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديمقراطيون مساءلة ترامب في ديسمبر كانون الأول 2019 فيما يتعلق بضغوط مارسها على رئيس أوكرانيا للتحقيق مع بايدن، لكن مجلس الشيوخ برأه في فبراير شباط 2020. ولم يخضع للمساءلة سوى رئيسين فحسب في تاريخ الولايات المتحدة، ولم يواجه أي منهما المساءلة مرة ثانية.
وسيسيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ بعد أن فازوا باكتساح في جولتي إعادة في ولاية جورجيا يوم الثلاثاء، لكن العضوين الجديدين في مجلس الشيوخ، جون أوسوف ورافاييل وارنوك، لن يؤديا اليمين حتى تصدق الولاية على النتائج. وآخر موعد للتصديق هو 22 يناير كانون الثاني لكن الولاية تصديق قد يحدث قبل ذلك.
وفي مقطع الفيديو الذي نشر أمس، تحدث ترامب بنبرة تصالحية نادرا ما تصدر عنه، داعيا إلى "التعافي". لكنه حتى صباح الخميس كان لا يزال يردد أن الانتخابات سُلبت، ولم يصل إلى حد الاعتراف بخسارته.
ومنذ نوفمبر تشرين الثاني، انتقد ترامب بلا سند نتائج الانتخابات ووصفها بأنها "مزورة" وشهدت تلاعبا واسع النطاق.
وأقامت حملة ترامب وحلفاؤها عشرات الدعاوى القضائية للطعن على النتائج، لكنها رُفضت كلها تقريبا في محاكم الولايات والمحاكم الاتحادية. وقال مسؤولو الانتخابات إنه لا يوجد دليل يدعم مزاعم ترامب.
وتوجهت بيلوسي وشومر بالدعوة إلى بنس وإدارة ترامب لتفعيل التعديل الخامس والعشرين للدستور الأمريكي، والذي يسمح بتجريد الرئيس من صلاحياته إذا لم يستطع أداء واجبات منصبه. لكن بنس يعارض الفكرة، بحسب أحد المستشارين.
وقال اثنان على الأقل من الجمهوريين هما لاري هوجان حاكم ولاية ماريلاند والنائب الأمريكي آدم كينزينجر، إن ترامب يجب أن يرحل. ودعت صفحة افتتاحية جريدة وول ستريت جورنال، التي يُنظر إليها على أنها صوت بارز في المؤسسة الجمهورية، ترامب إلى الاستقالة مساء الخميس.
واستقال العديد من كبار المسؤولين في إدارة ترامب احتجاجا على اقتحام مبنى الكابيتول ومن بينهم اثنان من إدارة ترامب هما إيلين تشاو وزيرة النقل وزوجة ماكونيل، ووزيرة التعليم بيتسي ديفوس.
وفي مؤتمر صحفي لتقديم من وقع عليه اختياره لمنصب وزير العدل، حمّل بايدن مسؤولية التحريض على الهجوم لترامب لكنه لم يعلق على احتمال عزله.
وصدق الكونجرس على فوز بايدن في الانتخابات في وقت مبكر أمس بعد أن أخلت السلطات مبنى الكابيتول. وصوّت أكثر من نصف الجمهوريين في مجلس النواب وثمانية أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ للطعن على نتائج انتخابات بعض الولايات في مسعى لدعم ترامب.
وعزل الرئيس نفسه بين دائرة صغيرة من المستشارين المقربين وانتقد من يعتبرهم غير موالين، بمن فيهم بنس الذي أراد ترامب منه أن يحاول منع الكونجرس من التصديق على فوز بايدن، وفقا لمصادر.