صدر حديثًا رواية "شجرة الكليمونتين" للكاتبة السورية غنوة فضة، ضمن سلسلة "الإبداع العربى" التى تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور هيثم الحاج على.
الرواية التى تقع فى 120 صفحة من القطع المتوسط، يتفاوت الإطار الزمنى لأحداثها فيما يشبه الوقفات أو المذكرات، بدءًا بعام 1902 لحظة ظهور نبتة غريبة فى مشتلة تابعة لدار أيتام فى مدينة وهران الجزائرية، والتى يديرها الأب "كليمون"، غريبة عما حولها من أصناف البرتقال المعروفة، ليكتشف الأب لاحقًا أنها نتاج تهجين أجرته الطبيعة صدفة بين بذور برتقال "المندرين" الحلو المذاق، وآخر مر، الأمر الذى شكل بهجة لأطفال دار الأيتام، وأخذت للشجرة الهجينة مكانتها حتى أُطلِق عليها اسم "كليمونتين" تيمنا بصاحب الدار.
تنتقل زراعة الشجرة ويحتل اسمها الموائد والقصائد، وتتزايد زراعتها حتى تستقر على طول الشريط الشرقى لساحل البحر المتوسط من السواحل السورية حتى فلسطين إلى نهاية سواحل لواء إسكندرون المحتل، لتصنع منها الصدفة مرة أخرى ملجأ لحماية عاشقين هاربين من جحافل القوات التركية ومهاول اجتياح الأتراك 1939 لأراضى اللواء وقراه وما رافق ذلك من مجازر دموية هجّرت ثلثى السكان نحو الجنوب السوري.
تنتقل الكاتبة بالقارئ مجددًا كما لو أنها تستقل آلة الزمن إلى طريق حلب عينتاب عام 1915، حيث جسد "هاكوب" الطفل الأرمنى النازح من قريته "ديرديفن" فى أرمينيا والناجى الوحيد من عائلة لم تُبقِ منها آلة القتل التركية سوى جسد الطفل الذى تنقذه مجموعات إغاثية حتى يصير طفلًا غريبًا مُتبنّى من قبل عائلة أرمنية حلبية.
ثالوث الحرب والحب والنزوح يجمع أبناء المنابت المتعددة والأصول المتباعدة فى مدينة اللاذقية بين جدران مكتبة تتوسط سوق العنابة، حيث تحتل مدينة اللاذقية بشوارعها وآثارها وحاراتها حيزًا كبيرًا فى الرواية، لتظهر بطلتها "لمياء" حفيدة جدة هاربة من قصور قونية مع الجد أحمد الفلاح اللوائي، لتكون الحفيدة ثمرة حلاوة الحب ومرارة النزوح أمام حرب أخرى من نوع جديد، حربٍ اشتعل فتيلها فى بلادها مع بداية العام 2011. تقف بها أمام مصيرين أحلاهما مرّ، النزوح مجددًا كما أجدادها، أو البقاء فى المدينة وحيدة تحارب فى سبيل تخليص إرث عائلتها من يد ورثة جدد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة