تحدثت فى المقال السابق عن رحلة تألق نجمنا العالمى محمد صلاح مع منتخب الشباب ثم المنتخب الأولمبى، وفشل انتقاله إلى أحد القطبين سواء الأهلى أو الزمالك، وأخيرًا تحويل الدفة إلى الاحتراف عبر بوابة بازل السويسرى بعد موافقة المقاولون العرب على بيع اللاعب وتحقيق حلمه بالسير نحو حلم العالمية.
(المحطة الرابعة)
فى محطة اليوم، نستكمل قصة صعود محمد صلاح نحو القمة، من خلال الدور الكبير الذى لعبه مجلس إدارة المقاولون العرب برئاسة المهندس إبراهيم محلب وقتها، فى إعداد محمد صلاح وزملائه فى قطاع الناشئين، حتى يكونوا موهبة متكاملة تستطيع الاحتراف بسهولة، وتفاصيل التعاقد مع بازل السويسرى، وهو ما كشفه لى صديقى العزيز المستشار أسامة الصعيدى عضو مجلس الإدارة والمشرف العام على الفريق وقتها، وأحد الشهود إلى انطلاقة نجمنا العالمى نحو الاحتراف، كما نتطرق بالحديث على أيام ابن نجريج الأولى بعد السفر إلى سويسرا لبداية رحلة الأحلام.
عندما جاء عرضا من بازل السويسرى لضم صلاح، قامت إدارة المقاولون باستطلاع رأيه، وجاء رده حاسما بأنه يرغب فى خوض التجربة ولم يهتم وقتها بأى تفاصيل مادية شملها عقده.
فور اقتناع مسئولى بازل بقدرات محمد صلاح، زار وفد من النادى السويسرى وعقد جلسة مع مسئولين من المقاولون استمرت قرابة 9 ساعات تم فيها الاتفاق على كل الأمور المادية وبنود التعاقد، لكن فضلوا عدم الإعلان عن أى تفاصيل لوسائل الإعلام سواء فى مصر أو سويسرا حفاظًا على السرية، حتى تم توقيع العقود فى إبريل 2012.
كانت إدارة المقاولون حريصة فى المفاوضات مع بازل على تأمين مستقبل صلاح بالشكل الأمثل، بالإضافة إلى الحفاظ على حقوق النادى في رعايتها وإبرازها موهبة ابن نجريج، ووقتها المستشار أسامة الصعيدي عضو مجلس إدارة ذئاب الجبل ورئيس جهاز الكرة في ذلك الوقت هو حلقة الوصل في المفاوضات مع مندوب بازل، حيث بدأ التفاوض من مكتبه، وبالفعل قام بدور كبير بمتابعة دؤوبة من المهندس إبراهيم محلب ومشاركة جميع أعضاء مجلس الإدارة، نظرا لتقديرهم لحجم الموهبة التي يتمتع بها نجمنا العالمى.
هنا تحدثت مع المستشار أسامة الصعيدى عن كواليس صفقة صلاح مع بازل، فقال:"جلست مع مندوب النادى السويسرى بمكتبي في حضور يحيى على وكيل صلاح وقتها، وطلبت منه أولا ضرورة تقديم عرض رسمي من أجل مناقشته وتحديد الطلبات المادية وبنود التعاقد من جانب مجلس الإدارة".
وتابع الصعيدى: فوجئت بعرض من مندوب بازل باستضافة صلاح لمعايشة أسبوعين واستعارته بنية الشراء، حينها اعترضنا وطلبنا حتمية عمل بوليصة تأمين على اللاعب حال الإصابة بمبلغ مالى قدره 5 ملايين دولار، وقلت له "هذه قيمته الحقيقية" من وجهة نظر الإدارة.
واستكمل: "عقب وصول العرض الرسمي، اجتمع مجلس إدارة المقاولون في حضور مندوب بازل للاتفاق على جميع بنود التعاقد، مع فتح المهندس إبراهيم خط اتصال مع رئيس النادي السويسري، وبعد مفاوضات مطولة دامت أكثر من 8 ساعات حصلنا على العديد من المكاسب".
وتابع المستشار أسامة:" بكل تأكيد مجلس المقاولون في هذه الفترة يستحق التكريم لموافقته على احتراف صلاح ليكون سفيرا لمصر في أوروبا، بالإضافة إلى دورهم الكبير في الحفاظ على حقوق النادي واللاعب على حد سواء".
وأتم الصعيدي:" كل نجاح يحققه صلاح في مشواره حياته هو وسام على صدره،وكذلك مجلس إدارة المقاولون الذى وافق على احترافه، حيث إن اللاعب بالفعل رفع رؤوسنا جميعا وأصبح خير سفير لمصر والعرب جميعا".
إدارة المقاولون أبرمت اتفاقا ووضعت بنودا فى العقد رائعة، حيث إنه بجانب قيمة العرض البالغ مليون و500 ألف يورو، تضمن العقد العديد من البنود الخاصة ومنها حصول النادى على نسبة 20% فى حالة بيعه لناد آخر بعد أول موسم انضم فيه اللاعب، و15% حال بيعه فى السنة الثانية، بالإضافة إلى الحصول على 100 ألف يورو حال مشاركة بازل فى دورى أبطال أوروبا، و300 ألف يورو فى حالة حصول محمد صلاح على لقب هداف الدورى السويسرى.
وافقت على الانتقال على بازل مباشرة بعد استشارة والدى والذى رحب أيضاً، خصوصا أننى رأيت وقتها أنها فرصة جيدة لإبراز قدراتى نحو الوصول إلى العالمية، كما أننى أحلم منذ الصغر أن ألعب فى أوروبا".. هذا ما قاله محمد صلاح فى تصريحات إعلامية سابقة عن هذه الفترة الزمنية.
كما أن إدارة المقاولون حرصت على الاهتمام ببنود عقد بيع صلاح إلى بازل، من خلال الحصول على نسبة من عائد بيعه مستقبلاً لأي نادٍ، بالإضافة إلى وضع شروط أخرى للحصول على عوائد مادية عن نسبة تهديفه أو حال الحصول على الدورى أو المشاركة بأبطال أوروبا، لدرجة أن مسئولي النادى السويسرى فى أحاديث بيننا فيما بعد استغربوا من موافقتهم على تلك الشروط، وهو ما يؤكد نجاح المفاوضات".
الحقيقة هنا أنه يجب أن تذكر أسماء مجلس إدارة المقاولون خلال هذه الفترة بأكمله برئاسة المهندس إبراهيم محلب وعضوية المستشار أسامة الصعيدى والمهندس محمد عادل والمهندس شريف حبيب والمهندس عبداللطيف غبارة والأستاذة فاتن الشوربجي وثروت الكافورى تكريمًا لدورهم البارز في نجاح تحربة صلاح.
"كنت خائفا جدا حينما ركبت الطائرة للسفر إلى سويسرا، ويدور فى ذهنى أسئلة كثيرة حول كيفية التغلب على عامل اللغة، حيث إننى كنت لا أتحدث سوى اللغة العربية فقط، بالإضافة إلى مدى قدرتى على التغلب على مشقة الغربة"، هذا ما قاله صلاح عند الحديث عن بداية الرحلة مع بازل.
كل الظروف كانت تخدم صلاح خلال هذه الفترة، فقد انضم زميله فى المقاولون محمد الننى إلى بازل هو الآخر فيما بعد، ما دفعه معنوية بكل تأكيد لاستكمال المهمة وراء نداهة أحلامه التى كانت تناجيه فى فضاء أوسع داخل بلاد أوروبا، والتغلب على الغربة القاسية والإصرار على نجاح تجربته،خصوصا أن هناك تجارب للاعبين مصريين سابقين كانوا يحاولون تغيير جلدهم بعد الاحتراف، وهو ما أثر عليهم وعادوا بخفى حنين، عقب الفشل والتأقلم مع المعيشة أو تعلم اللغتين الإنجليزية والألمانية والفرنسية، وكان بالفعل يستجيب للتعليمات والآراء بشكل مميز ويتحلى بروح قتالية ولديه ثبات انفعالى وقدرة على عدم الاستسلام لأى يأس أو إحباط.
وتحدث محمد صلاح عن هذه الفترة في تصريحات إعلامية سابقة: تحديت نفسى خلال هذه الفترة للتغلب على الصعاب التى واجهتنى، وحصلت فور الاستقرار مع النادى السويسرى على «كورس إنجليزى»، وبالفعل بدأت أعمل على تطوير مستواى الفنى والبدنى داخل المستطيل الأخضر، وتعلمت الإنجليزية قليلاً حتى أستطيع التعامل مع المدربين وزملائى فى بازل".. ومازال في الحكاية بقية.