فى المحطات السابقة، دخلنا إلى عالم محمد صلاح من أبوابه الأولى، حيث المنشأ فى نجريج قريته الصغيرة وبساطة الخطوات الأولى، عرفنا كيف صار فى طريق الساحرة المستديرة، وتوقفنا معه عند نقطة فاصلة فى مشوار حياته، وهى نقطة الاحتراف فى بازل، ومن ثم التألق معه، وهى التجربة التى خرج منها محملاً بأحلام وأفكار مختلفة، كانت هى النسخة الأولى من لاعب محلى أقصى طموحه الانتقال إلى الأهلى أو الزمالك إلى لاعب يخوض مغامرات جديدة مع عالم الاحتراف فى أكبر الأندية الأوروبية.
(المحطة الخامسة)
فى محطة اليوم، نتحدث عن التألق مع بازل والدخول دائرة اهتمام تشيلسي وليفربول ولحظات الحزن في صدمة الخسارة الكبيرة مع المنتخب المصرى أمام غانا بسداسية وضياع حلم الصعود إلى كأس العالم 2014.
محمد صلاح بدأ يتألق بشدة مع بازل ويلفت انتباه المصريين، لدرجة أننا أصبحنا وقتها حين نمر على المقاهى ليلاً فى شوارع القاهرة، نجد الصيحات تعلو، حينها كان أول ما يجول فى فكرنا أن هناك مباراة طرفها المنتخب أو الأهلى أو الزمالك، لكن نكتشف فيما بعد أن صلاح يلعب مع بازل فى الدورى السويسرى أو الأوروبى.
صلاح قال في تصريحات إعلامية سابقة عن تلك الفترة: "كان هدفنا أنا وزملائى في بازل وقتها هو المشاركة فى دورى الأبطال الأوروبى، وخلال عامى الأول هناك لم نتأهل لدور المجموعات، لكننا وصلنا لمرحلة جيدة فى الدورى الأوروبى بعد الوصول لنصف النهائى، ومع مرور الوقت اكتشفت أن السويسريين مثقفون كرويا جدا، ومحطة مهمة للاعبين المصريين، وهو ما حدث مع صديقى محمد الننى زميل الكفاح فى المقاولون حينما انتقل لبازل أيضا ومنه إلى أرسنال الإنجليزى فيما بعد».
فلاش باك.. الجيل الذهبى للمنتخب الوطنى تحت قيادة "المعلم" حسن شحاتة حقق العديد من الإنجازات أهمها الحصول على بطولة كأس الأمم الإفريقية 3 مرات متتالية أعوام 2006 و2008 و2010 ، لكنه فشل فى تحقيق الحلم الأكبر بالتأهل إلى كأس العالم، وبعد يناير 2011، رحل شحاتة عن تدريب الفريق، وبعدها فشل المنتخب فى التأهل حتى لأمم إفريقيا.
مع تجديد دماء المنتخب الوطنى والتعاقد مع الأمريكى بوب برادلى، وتزامن مع ذلك خوض التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2014، وقتها كان محمد صلاح أحد أهم الوجوه الجديدة فى صفوف الفراعنة الذى كان يسير بخطى ثابتة بالتصفيات بعد الاستعانة به من صفوف بازل، حتى جاءت الصدمة الكبرى، ففى الوقت الذى يستعد فيه الجميع نحو تحقيق حلم المونديال فى مواجهة غانا بكوماسي، تعرضت مصر لأكبر كارثة عقب الخسارة بنتيجة 6/1، وانتهاء الحلم خصوصاً أنه كان الصعب تعويض هذه النتيجة فى القاهرة.
محمد صلاح علق على أحداث تلك الليلة قائلاً فى تصريحات إعلامية سابقة :"لم أصدق ما حدث حتى الآن.. لن أنسى هذه المباراة أبداً فهى كانت أسوأ فترة مرت بى طوال حياتى، فقد كانت الساعة تقترب من العاشرة مساءً بتوقيت القاهرة على ملعب كوماسى فى غانا عندما وقفت أزيل غبار الملعب الذى ملأ وجهى وعندما نظرت إلى شاشة الملعب ووجدت النتيجة 6-1 والوقت توقف عندها شعرت أن الأرض تهتز تحت أقدامى ولم أستطع التوقف عن البكاء ووقفت متجمدا فى مكانى لا أتحرك، وبعدها وجدت زملائى الكبار في المنتخب وقتها يقولون لى: "يا صلاح ليست هذه نهاية المطاف.. نحن جيل على وشك الاعتزال أما أنت صغيراً وأمامك العديد من الفرص وهناك بطولة مقبلة في روسيا، وستصعد مع المنتخب وتشارك إن شاء الله.. لا يمكن أن أنسي هذه الكلمات.. وأعتقد أنهم كان يواسون أنفسهم وحزنهم في شخصى أنا".
وفى حديث سابق بينى وبين الكابتن ضياء السيد والذى كان يتولى منصب المدرب العام للمنتخب الوطنى فى هذه الفترة مع الأمريكى بوب برادلى، فقال: "كلنا تعرضنا لصدمة كبيرة عقب الخسارة الكارثية أمام غانا، وحاولنا بقدر الإمكان إعداد اللاعبين نفسياً لإمكانية التعويض فى القاهرة، وبالفعل فزنا بثلاثية لكن الوقت لم يسفعنا لتحقيق المطلوب لأن منتخب النجوم السوداء كان قوياً للغاية، ولفت نظرى وقتها مدى الحزن الكبيرة الذي أصاب صلاح، فأنا أعرفه جيداً منذ دربته فى منتخب الشباب، لا يحب الخسارة".
وأضاف السيد: "مع تولى برادلى مسؤولية تدريب المنتخب المصرى، كنا نبحث عن تجديد دماء الفريق، وأنا كنت أعلم إمكانيات صلاح جيداً، وحينما تابعه المدرب الأمريكى أعجب بسرعته الفائقة وقدرته الدائمة على إزعاج المدافعين، وأكد وقتها أنه سيكون من أهم اللاعبين في صفوف المنتخب الفترة المقبلة".
انتهت فترة عدم صعود المنتخب إلى مونديال 2014، بحلوها ومرها، وعاد محمد صلاح إلى بازل، وكان وقتها تلقى العديد من العروض الأوروبية، والمحطة الأهم فى مشواره مع النادى السويسرى كانت أمام تشيلسى، لأنه أحرز هدفاً، حيث إنه بعدها تلقى عرضا من ليفربول والبلوز في وقت واحد، وهو ما سنتحدث عنه في المحطة المقبلة، وكيف تغيرت وجهة ابن نجريج من تحقيق حلم الانتقال إلى الريدز بسبب مورينيو؟..وغيرها من الأمور في رحلته مع الدوري الإنجليزي.. ومازال في الحكاية بقية.