تبقى ظاهرة التكدس الطلابى في الفصول الدراسية قضية مؤثرة في العملية التعليمية، ودائما ما تظهر مع بدء كل عام دراسى جديد، ورغم أهمية وضرورة المواجهة والإسراع في إيجاد حلول خارج الصندوق للتقليل من حدة الظاهرة وخطورتها على المنظومة ككل، إلا أن هناك عدة أمور يجب وضعها في الاعتبار، أهمها خطر الزيادة السكانية.
لأن ببساطة شديدة، الزيادة السكانية تؤدى إلى انخفاض حق الفرد فى التعليم، ونحن نعلم أن هناك زيادة مرعبة في أعداد الطلاب تصل لأضعاف السنوات الماضية، والنتيجة أنه أصبح داخل الفصل الواحد فى بعض المناطق 120 طالبا.
ومن الأمور المهمة التي تؤدى إلى إحداث عشوائية وخاصة في الأيام الأولى بالعام الدراسى، هي ثقافة أولياء الأمور بالذهاب مع الأبناء والإصرار على الدخول رفقتهم إلى الفصول، والتسابق على الجلوس بالصفوف الأولى دون مراعاة للتعليمات، والعجيب أن هذا يحدث في ظل أزمة كورونا، التي تتطلب التباعد الاجتماعى، ويحدث هذا في مشهد غريب يحتاج منا جميعا إلى مراجعة أنفسنا حفاظا على صحة الطلاب وتحقيقا للانضباط بالسماح للمدرسة بالقيام بدورها في استقبال الطلاب وتسكينهم بالفصول بطريقة منظمة.
نعم، هناك أزمة نقص في الفصول الدراسية وعجز في المعلمين، لكن أعتقد أن الدولة خلال الفترة الماضية، تفعل المستحيل من أجل القضاء على هذه المشكلة، بل نقول أن هيئة الأبنية بالفعل دخلت فى تحدٍ الأعوام القليلة الماضية، سواء ببناء وتسليم آلاف الفصول بمختلف المحافظات، ففي العام المالى الحالي أعلنت الهيئة دخول 15 ألف فصل تعليمى على مستوى الجمهورية الخدمة، علما بأن أن أقصى عدد فصول نفذته الهيئة هو 8 آلاف فصل خلال الـ30 عامًا الماضية.
ونموذجا على هذا التحدى، ومواجهة الدولة ظاهرة التكدس الطلابى، ما حدث في محافظة الجيزة فقط وهذا على سبيل المثال، فقد تم دخول 71 مدرسة جديدة وتوسعات للخدمة بتكلفة تبلغ 660 مليون جنيه وبإجمالى 1724 فصلاً دراسيا، وسيتم دخول 41 مدرسة إنشاء جديد للخدمة بتكلفة تقديرية حوالى 490 مليون جنيه بإجمالى 1182 فصلا دراسياً و 26 مدرسة توسعات تم دخولها الخدمة بتكلفة تقديرية بحوالى 129 مليون بإجمالى 501 فصلا بالإضافة إلى 4 مدارس إحلال كلي وجزئي وتعلية بتكلفة تقديرية حوالى 41 مليون جنيه بإجمالى 41 فصلا دراسيا، فلك أن تتخيل أعداد الفصول التي تم بنائها أيضا في بقية المحافظات.
وما يستحق الذكر أيضا، يجب أن نعلم أن التعليم في المدارس حضوريا هو الطريقة الأفضل للتعليم ليس للقراءة والكتابة والرياضيات فحسب، وإنما لتعلم المهارات الاجتماعية وممارسة التمارين واكتساب المهارات والقدرات الفردية والجماعية التي قطعا لا يمكن توفيرها بالتعليم عن بُعد أو فى المنازل، وأن نساهم فى نجاح قرار العودة من خلال التحلى بالوعى، سواء بمواجهة الشائعات، أو من خلال الالتزام الكامل بالإجراءات الاحترازية والوقائية لحماية أنفسنا من الوباء ومساعدة الدولة على السيطرة على تحورات الفيروس وأخطاره، لذلك يجب أن نغير من ثقافتنا ونحافظ على استقرار العملية التعليمية، حتى لا تلجأ الدولة لإلغاء الحضور والاتجاه للتعليم عن بُعد.
وأخيرا، نتوجه برسالة لكل ولى أمر طالب، "اعلم أن مصلحة ابنك أو ابنتك في الحضور للمدرسة، وأن بالتزامك لتعليمات الوقاية والنظام يحمى الجميع من خطر الوباء، وابعد عن شائعات السوشيال ميديا لأن أهدافها مسمومة وغرضها المصالح الخاصة، ولا تنسى خطر النمو السكانى فهو طاعون ضد التنمية وخطر على الحياة بشكل عام، وثق في قدرة الدولة وما تفعله في ظل تحديات وصعاب جسام، واستبشر خيرا في ظل حياة كريمة تلك المشروع الأضخم الذى من أهدافه بناء مدارس في كل القرى المحرومة ومواجهة ظاهرة الكثافة بالمدارس..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة