أصدرت محكمة النقض، حكماَ قضائياَ في غاية الأهمية، رسخت فيه لمبدأ قانوني بشأن إجراءات تفتيش أجهزة الأمن ورجال الضبط القضائي، للمسكن في غير حالات التلبس، في جرائم نشر الأفكار المحرضة ضد الدولة، والمؤثمة في قانون مكافحة الإرهاب 94 لسنة 2015، فأقرت بصحة التفتيش دون الحصول على إذن من النيابة العامة، إذا ثبت ما يفيد رضاء صاحب المسكن وموافقته على إجراء هذا التفتيش، وعدم طلبه من محكمة الجنايات إجراء تحقيق بشأن هذه الموافقة.
صدر الحكم فى الطعن المُقيد برقم 9680 لسنة 86 القضائية، برئاسة المستشار على حسن على، وعضوية المستشارين أشرف محمد سعد، وخالد حسن محمد، وبهاء محمد إبراهيم، وخالد الشرقبالى، وبحضور رئيس النيابة لدى محكمة النقض طارق حسام، وأمانة سر موندى عبد السلام.
الوقائع.. اتهام شخص بترويج أفكار ضد الدولة
تتحصل وقائع الدعوى في اتهام النيابة العامة مواطنة بأنها في سبتمبر 2015 بالدقهلية "استخدمت موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" – على شبكة المعلومات الدولية "الانترنت"، والمتاح للكافة الاطلاع عليه بغرض الترويج لأفكار مناهضة تحض على تكدير السلم والأمن العام، بأن دعت لصالح تلك الأفكار بأوساط مخالطيها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المشار إليها لارتكاب أعمال إرهابية"، كما وجهت النيابة لها تهمة "حيازة وسائل تسجيل وعلانية (جهاز حاسب آلي وملحقاته) تحوي إصدارات لدعم تلك الأفكار المناهضة بقصد إذاعتها"، فأحالتها النيابة إلى محكمة جنايات المنصورة التي عاقبتها بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ، وبمصادرة المضبوطات، فطعنت المتهمة أمام محكمة النقض.
محكمة أول درجة تقضى بالحبس سنة.. والمتهم يطعن لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب أبرزها أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاسـتدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه رد بما لا يصلح ردا على دفعها ببطلان القبض عليها وتفتيش مسكنها، لحصولهما دون إذن من النيابة العامة وفي غير حالات التلبس ودون تحقق رضائها بتفتيش مسكنها، ودون أن تجر المحكمة تحقيقا في هذا الشأن، فضلا عن تقدمها بعدد من الأسباب الأخرى، طالبة من محكمة النقض إلغاء الحكم الموقع ضدها.
الطاعن يستند على ضرورة وجود إذن من النيابة
رفضت محكمة النقض طعن المتهمة، وذكرت في أسباب تأييدها حكم الجنايات، أنه "بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كل العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما، وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها"، مؤكدة أن التفتيش الذي يجريه رجال الشرطة في منزل بغير إذن من النيابة العامة ولكن بإذن صاحب المنزل هو تفتيش صحيح قانونا، ويترتب عليه صحة الإجراءات المبنية عليه، وحيث أذنت الطاعنة لضابط الواقعة بالتفتيش، على اعتبار أنها صاحبة المنزل والحائزة له في فترة التفتيش، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في استدلال سائغ إلى أن رضاء المتهمة الطاعنة بالتفتيش كان حرًا، فإن هذا الدفع لا يكون سديدًا".
النقض تقرر: صحة تفتيش المسكن دون الحصول على إذن من النيابة بشرطين
وبحسب محكمة النقض: "محضر جلسة المحاكمة لم يبين أي طلب من المتهمة الطاعنة إلى محكمة الجنايات بإجراء تحقيق معين عن دفعها ببطلان تفتيش منزلها لعدم رضاها عن ذلك، ولذا فلا يجوز لها بعد ذلك أن تنعى على محكمة الجنايات قعودها عن إجراء تحقيق لم تطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه".
3