أصدرت الدائرة المدنية "د" بمحكمة النقض، حكماَ فريداَ من نوعه، يتصدى لثغرة فى منتهى الخطورة، يؤدى إلى بطلان الأحكام التي تصدر ضد المدانين، قالت فيه: "بطلان الحكم إذا لم يبين أسماء الخصوم، وألقابهم وموطن كل منهم، إذا شاب الحكم النقص والخطأ الجسيم فى هذا البيان، أصبح الحكم باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام، يجوز التمسك به أمام محكمة النقض".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 2445 لسنة 65 قضائية، برئاسة المستشار مجدى مصطفى، وعضوية المستشارين وائل رفاعى، وعصام توفيق، ورفعت هيبة، وياسر فتح الله العكازى.
الوقائع.. نزاع حول تصرف سيدة فى جراج وشقة بعقار يمتلك فيه آخر "الربع"
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق، تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الأولى، والثالثة، والأخير، ومورث المطعون ضده الثانى الدعوى رقم 62 لسنة 1980، مدنى شمال القاهرة الابتدائية ابتغاء الحكم ببطلان تصرفات المطعون ضدها الأولى على العقار ملكه، والمتمثلة في تأجير جراج ووحدة سكنية للمطعون ضده الثانى، وبيعها العقار المذكور لأخر، والذى قام بتأجير الشقة الكائنة بالدور الرابع للمطعون ضده الأخير مع عدم الاعتداد بتلك التصرفات.
وذلك على سند من القول – من أنه يمتلك ذلك العقار بموجب عقد بيع مؤرخ 12 فبراير 1958 الذى يفيد بتملكه – ثلاثة أرباع كامل أرض وبناء العقار محل التداعي، والمقضي بصحته ونفاذه بالحكم رقم 73727 لسنة 1977 مدنى كلى شمال القاهرة – وباقى العقار بموجب الحكم رقم 14740 لسنة 1989 والمقضي بتثبيت ملكيته له، وإذ قامت المطعون ضدها الأولى بإجراء التصرفات المشار إليها، ومن ثم كانت دعواه.
وفى تلك الأثناء، قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، بحكم استأنف الطاعن بالاستئناف رقم 811 لسنة 104 قضائية القاهرة، والتي قضت بتاريخ 28 ديسمبر 1994 بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى ببطلان الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده الثانى، وبنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة، في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
الحكم يجب أن يبين أسماء الخصوم وألقابهم وموطن كل منهم
وجاء نص مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة ببطلان الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده الثانى لوفاته قبل صدور الحكم المطعون فيه وعدم إدراج ورثته في ديباجه الحكم، فهو سديد، ذلك أن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه وفقا لنص المادة 178 من قانون المرافعات يجب أن يبين أسماء الخصوم وألقابهم وموطن كل منهم، والنقص والخطأ الجسيم في هذا البيان يترتب عليه بطلان الحكم، وهو بطلان متعلق بالنظام العام يجوز التمسك به أمام محكمة النقض.
ويضيف الدفع المبدى من النيابة – أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الثانى "....." قد توفى أثناء نظر الاستئناف، وتم تصحيح شكل الاستئناف باختصام ورثته، إلا أن ديباجة الحكم أوردت اسمه دون ذكر أسماء ورثته، وهو ما يؤدى إلى عدم التعرف على حقيقة الخصوم المحكوم لهم وصفاتهم واتصالهم بالخصومة المرددة، ولا يغنى عن هذا البيان إمكان معرفة الخصوم من ورقة أخرى من أوراق الدعوى ولو كانت رسمية، مما لا يكون الحكم بذاته دالاَ على استكمال شروط صحته، وأغفل بياناَ جوهرياَ من بياناته، وهو ما يبطله، ويتعين نقضه بالنسبة للمطعون ضده الثانى، وذلك بأن موضوع الدعوى محل الطعن الراهن قابل للتجرئة بحسب طبيعة المحل لكونها تضمنت عدة طلبات منفصلة ببطلان تصرفات المطعون ضدها الأولى بتأجيرها الجراج ووحدة سكنية للمطعون ضده الثانى وبيعها كامل العقار لأخر، وهما طلبان يستقلان كل منهما عن الأخر، ومن ثم فالقضاء ببطلان الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده الثانى لا يحول دون قيامه بالنسبة لباقى المطعون ضدهم.
الطاعن يثبت أن مالك لـ"ربع العقار"
المحكمة في حيثيات الحكم، قالت إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف برفض دعواه ببطلان تصرفات المطعون ضدها الأولى بتأجيرها وبيعها لعقار التداعى تأسيساَ على أن الطاعن باع العقار لها ولأبنائه، في حين أنه قدم أمام محكمة الاستئناف صورة رسمية من الحكم الصادر في الدعوى رقم 14740 لسنة 1984 مدنى شمال القاهرة بثبوت ملكيته لربع العقار، والذى صار نهائياَ بعدم الطعن عليه بالاستئناف، وكذا صورة رسمية من الحكم الصادر في الدعوى 16406 لسنة 88 مدنى شمال القاهرة، والقاضى بصحة توقيع المطعون ضدها الأولى بإقرارها بمكلية الطاعن كامل عقار التداعى، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا المستندات إيراداَ ورداَ، مما يعيبه بالقصور المبطل، مما يوجب نقضه.
وبحسب" المحكمة": هذا النعى في أساسه سديد، ذلك أن النص في المادة 466 من القانون المدنى على أنه :
1-إذا باع شخص شيئاَ معيناَ بالذات، وهو لا يملكه جاز للمشترى أن يطلب إبطال البيع، ويكون الأمر كذلك ولو وقع اليع على العقار، سجل العقد أم لم يسجل.
2-وفى كل حال لا يسرى هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشترى العقد.
المحكمة توضح متى يتم التمسك بعدم نفاذ التصرفات
ووفقا لـ"المحكمة" : يدل على أنه وإن كان لا يجوز طلب إبطال بيع ملك الغير إلا للمشترى دون البائع له، إلا أن المالك الحقيقى يكفيه أن يتمسك بعدم نفاذ هذا التصرف أصلاَ في حقه إذا كان العقد قد سجل، أما إذا كانت الملكية ما زالت باقية للمالك الحقيقى لعدم تسجيل عقد البيع، فإنه يكفيه أن يطلب طرد المشترى من ملكه لأن يده تكون يد غاصب، إذ أن فاقد الشئ لا يعطيه، فإذا ما ثبت عدم ملكية البائع له للمبيع، فإنه لا يعد مالكاَ ولا يستند وضع يده لتصرف نافذ في حق المالك الحقيقى.
لما كان ذلك – وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد أقام دعواه بطلب الحكم بعدم الاعتداد بالتصرفات الصادرة من المطعون ضدها الأولى لباقى المطعون ضدهم على سند ملكيته وعدم تصرفه بالبيع للمطعون ضدها الأولى، واستدل على ذلك بالأقرار المؤرخ 1 أكتوبر 1988 الصادر من الأخيرة والمقضى بصحة التوقيع عليه بالدعوى 16406 لسنة 1988 شمال القاهرة والمتضمن أنها غير مالكة للعقار محل التداعى، وأن الطاعن هو المالك الحقيقى لكامل العقار، كما تمسك الطاعن بدلالة الحكم الصادر في الدعوى 14740 لسنة 1984 شمال القاهرة، والمقضى فيه بملكية الطاعن لربع العقار، ولم يطعن على هذا الحكم بالاستئناف، وصار باتاَ.
وتضيف "المحكمة": وقد أورد الحكم بمدوناته بأن المطعون ضدها الأولى لا تعد شارية حقيقية في العقد المؤرخ 23 أغسطس 1958 الصادر من شركة "....." عن الأرض المقام عليها عقار التداعى، وأن ورود أسم المطعون ضدها الأولى بالعقد كمشترية كان لتخفيض رسوم التسجيل ولم تدفع ثمة مبالغ ثمناَ لهذه الأرض، وأن الطاعن هو المشترى الحقيقى لتلك الأرض، وهو الأمر الذى أكده الإقرار المشار إليه الصادر من المطعون ضدها الأولى، إذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذه المستندات رغم دلالتها.