كان الفنان الكبير فريد الأطرش أحد عمالقة الفن والموسيقى وكان يمتلك عبقرية فنية جعلته يعيش عبر الزمن بأعماله وموسيقاه وأفلامه وأغانيه.
وفضلا عن العبقرية الفنية للموسيقاروالفنان الكبير فريد الأطرش فإنه كان يتسم بأخلاق عالية وصفات أجمع على حبها كل من عرفه، فالفنان الذى ينتمي إلى آل الأطرش وهى إحدى عائلات الأمراء العريقة في جبل الدروز بجنوب سوريا ، كانت بالفعل أخلاقه وصفاته طوال حياته أخلاق الأمراء فى الرقى والكرم والوفاء حتى فى أصعب الفترات التى مرت بحياته.
عرف فريد الأطرش بين زملائه بكرمه الواسع وكان بيته دائما مفتوحاً للجميع، حتى لمن لا يعرفهم، وكان يستقبل الفقير والوزير بنفس الحفاوة ، فكانت تتجلى فى صالونه مبادئ الديمقراطية، حيث أعطى لخادمه تعليمات بأن يفتح باب البيت لكل طارق وأن ينحنى له ثلاث مرات قبل أن يدعوه بالتفضل لدخول الصالون.
وفى أحد الأيام ذهب وزير سابق إلى بيت فريد الأطرش للاتفاق معه على إحياء حفل زفاف ابنته، وجلس الوزير فى الصالون فى انتظار فريد، وبعد لحظات جاء شخص آخر قاده الخادم إلى الصالون ليجلس بجوار الوزير السابق الذى بدت عليه الدهشة من هيئة الضيف القادم، وأحضر الخادم القهوة وانحنى ليقدمها للوزير ثم انحنى ليقدمها للضيف الثانى، وجاء فريد ليستقبل الضيفان بنفس الحرارة والحماس، حتى بعد أن عرف أن الضيف الثانى هو عربجى حنطور من المعجبين به وجاء ليطلب صورة عليها إهداء من نجمه المفضل، وبالفعل قام الأطرش بنفسه ليحضر الصورة وقدمها للضيف مبتسمًا كعادته، ليخرج عربجى الحنطور من منزل النجم مسرورًا مجبور الخاطر.
وكان فريد الأطرش شديد الوفاء ليس فقط لأصدقائه بل حتى للجماد و للأشياء التى يقتنيها ومنها حذائه الأبيض حتى أنه ابتكر موضة غريبة و اعتاد أن يلبس الحذاء الأبيض على البدلة الكحلى فى عز الشتاء، وحاول فريد أن ينشر هذه الموضة بين الشباب فظهر فى معظم أفلامه بالحذاء الأبيض حتى تحت الملابس الشتوية.
وكان للحذاء الأبيض سر تحدث عنه الموسيقار الكبير فى حوار نادر قائلاً: «كنت فى مستهل حياتى الفنية لا أملك سوى حذاء واحد أبيض اللون، إذا جاء الصيف أضفى على لونا من الأناقة، وإذا جاء الشتاء أضفى على لونا من الصعلكة لأنى لا أملك غيره، ولا أستطيع شراء حذاء آخر».
وتابع:«كان هذا الحذاء وفيا وذا أصل، فلم يتخل عنى إلا بعد أن بدأ الفقر يتخلى عنى واستطعت أن أشترى غيره».
واحتفظ الفنان الكبير بهذا الحذاء، بعدما عرف طريق المجد والشهرة، قائلا:«احتفظت به إعزازا لوفائه وتقديرا وتكريما لما تحمله معى من دوخة ولف ودوران من مشرق الأرض إلى مغربها، وأصبحت أحب كل حذاء أبيض إكراما لهذا الحذاء الذى سلمنى للحظ والمجد»، لذلك لم يكن الفنان الكبير فريد الأطرش يظهر فى أى فيلم إلا إذا ارتدى فى أحد مشاهده حذاء أبيض اللون.
وكان للفنان الكبير فريد الأطرش هواية اشتهر بها بين زملائه وهى حبه الشديد للسجاجيد وشغفه باقتناء الثمينة منها، وكان يحرص دائما على اقتناء وجمع هذه السجاجيد حتى أصبح يمتلك مجموعة نادرة جداً منها وخصص لها غرفة خاصة بمنزله غطى بها جميع حوائطها وأرضياتها، وقدرها هواة السجاجيد وقتها بعشرات الألاف من الجنيهات.
وفى إحدى المرات أقام فريد الأطرش فى بيته حفلة لعدد من كبار الشخصيات وأعجب أحدهم بهذه الغرفة وبما يقتنيه فريد فيها من سجاجيد وعرض عليه مبلغاً من المال يتجاوز عشرات الألاف من الجنيهات ، ورغم ذلك رفض فريد الأطرش هذا العرض المغرى فى سبيل هوايته وسجاجيده المفضلة.