الجمهورية الجديدة مصطلح شامل يجمع بين تطوير الماضى والاستعداد إلى متغيرات المستقبل القريب الذى بات ذكيا معتمدا على التكنولوجيا والتقنيات الرقمية، ولا تتوانى الدولة المصرية فى الاهتمام بكل الأنشطة والصناعات التى تضررت كثيرا نتيجة إهمالها لعقود طويلة، بداية من الحرف التراثية وصولا إلى إحياء أنشطة مثل تربية الخيول والجمال، وقد يتبادر إلى ذهن البعض أن الاهتمام بتلك الأنشطة والصناعات ليس له عوائد أو جدوى اقتصادية، لكن الحقيقة أثبتت عكس ذلك، فالاهتمام مثلا بالتوسع فى دعم الحرف اليدوية والتراثية وتنشيط المعارض الداخلية والخارجية لها؛ من شأنه زيادة فى حصيلة الصادرات من هذه الصناعات إلى الدول الأوروبية وغيرها، أيضا نلاحظ الاهتمام بأنشطة مثل زراعة النخيل والتى تساهم فى رفع حصيلة الصادرات السنوية، وتجعل مصر منافسا قويا لأكبر البلدان المنتجة للتمور فى العالم، بالإضافة إلى إحياء مصر التاريخية ومعالم مصر الأثرية، وترصد «اليوم السابع» فى هذا الملف أبرز ملامح اهتمام القيادة السياسية بتدشين جمهورية جديدة تجمع بين الماضى والحاضر وجاهزة لمُجابهة تغيرات المستقبل.
الدولة المصرية تعمل على إحياء الماضى والاستعداد للمستقبل على حد سواء.. تنقذ مشروعات تراثية ومنسية على مدار سنوات.. بدء الإنتاج فى أكبر مزرعة للتمور بمساحة 40 ألف فدان فى منطقة توشكى والعوينات.. 100 مليون دولار مستهدف مصر من تصدير التمور خلال 2024.. إنشاء 317 تجمعا حرفيا فى محافظات مصر لإنقاذ الحرف اليدوية والتراثية.. إنقاذ نشاط تربية الخيول بتطوير محطة الزهراء وهى الأكبر فى الشرق الأوسط.. تنوع فى ميادين سباقات الهجن.. والمدن الذكية وإنشاء صندوق مصر الرقمية نظرة إلى المستقبل
- إنتاج التمور
تسعى الحكومة المصرية جاهدة إلى زيادة تنافسية إنتاج الدولة من التمور، وذلك عبر عدة آليات تعتمد بصورة مباشرة على التوسع فى زراعة النخيل بمساحات كبيرة والاهتمام بالسلالات والفسائل الجديدة التى لا تنتشر فى البلاد، وفى سبيل ذلك جرى تدشين استراتيجية جديدة للتمور ومراجعة نتائج الاستراتيجية القديمة وتقييم نتائجها، واتجهت الدولة لزراعة 5 ملايين نخلة فى مناطق الواحات وشرق العوينات ومناطق متفرقة من أجل دعم إنتاج السلالات الجديدة التى من شأنها زيادة الصادرات وتنفيذ مستهدف الدولة بالوصول بالصادرات الوطنية من التمور إلى 100 مليون دولار مقارنة بـ43 مليون دولار فقط وفق آخر إحصاء عام 2020، وتحاول مصر مضاعفة حجم الصادرات السنوية من التمور خلال السنوات المقبلة، وذلك مع بدء الإنتاج فى أكبر مزرعة للتمور بمساحة 40 ألف فدان فى منطقة توشكى والعوينات، كما يجرى زراعة 2.5 مليون شجرة مثمرة من النخيل وينتهى أول مليون نخلة فى إبريل 2022 بالواحات، وتشير الأرقام إلى أن صادرات التمور خلال العام 2020 نحو 43 ألف طن بما يعادل 43 مليون دولار وتم التصدير إلى 63 دولة مقابل 50 دولة فى 2019، ومن المتوقع حدوث طفرة فى صادرات التمور خلال السنوات المقبلة، مع بدء إنتاج الأصناف الجديدة، والتركيز على الدول الأوروبية لأنها الأعلى سعرا فى العالم كألمانيا وهولندا، بالإضافة إلى فرنسا التى ستكون مركزا لإعادة التصدير لدول أخرى، بحسب تصريحات الخبراء، أيضا هناك استهداف لزيادة التصدير إلى الدول الأفريقية والاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التى وقعتها مصر مع دول القارة والتى تعطى للمنتجات المصرية ميزة تنافسية مقابل نظائرها، وأشار إلى توجيهات القيادة السياسية بمضاعفة الثروة القومية للنخيل بمحافظة الوادى الجديد من مشروع قومى لزراعة 2.5 مليون نخلة بدأنا فيها.
وتستهدف الاستراتيجية الحالية إلى تطوير وتنمية القطاع، والربط بين المصنعين والمصدرين والمستوردين فى الدول الأخرى، وتلبية احتياجات السوق وتعظيم القيمة المضافة للتمور لتصنيع مشتقات ومنتجات مختلفة بجانب التمور نفسها، ومن المقرر أن يتم الإعلان عن إطلاق مرحلة جديدة لاستراتيجية التمور الحالية، فور انتهائها، موضحا أن الاستراتيجيات يجب أن تكون مستمرة وكل مرحلة مكملة للمرحلة السابقة لها.
- تجمعات حرفية للصناعات اليدوية
فى سياق الاهتمام بالحرف والمهن والأنشطة التى عانت لعقود، تحاول الدولة المصرية جاهدة تطوير الحرف اليدوية والتراثية و«الهاند ميد» والصناعات المهددة، وفى سبيل ذلك جرى تدشين معرض تراثنا الذى يحظى بدعم كبير من الحكومة، وبمشاركة دول عدة من بينها الإمارات والأردن ودولا أخرى، كما قررت الدولة إنشاء 317 تجمعا حرفيا فى محافظات مصر المختلفة ضمن مبادرة حياة كريمة، وأعلنت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة والرئيس التنفيذى لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، أنه جار حاليا اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء 317 مجمعا صناعيا حرفيا ومهنيا فى القرى الأم، ضمن تدشين المشروع القومى لتطوير الريف المصرى «حياة كريمة»، والذى يأتى فى إطار توجيهات الرئيس السيسى، للنهوض بالصناعة الوطنية، مشيرة إلى أن هذه المجمعات تعد أحد محاور خطة عمل الوزارة لتعزيز التنمية الصناعية وزيادة مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج المحلى الإجمالى وتوفير فرص عمل أمام الشباب وتلبية احتياجات السوق المحلى من المنتجات الصناعية، وأضافت فى تصريحات سابقة أن هذه المجمعات تستهدف إقامة مشروعات صناعية وحرفية تتناسب مع طبيعة المقومات الاقتصادية والمنتجات المميزة بالقرى، مشيرة إلى أن هيئة التنمية الصناعية ستقوم بإنشاء المجمع كما سيقوم جهاز تنمية المشروعات بإعداد الدراسات الفنية ودراسات الجدوى للمشروعات وكذا إتاحة تمويل ميسر لإقامة هذا المشروعات بالإضافة إلى دعمها فى استخراج المستندات وتوفير الخدمات غير المالية.
- عودة الروح لبدو سيناء
شهدت أيضًا المساكن البدوية فى عهد الرئيس السيسى تطورًا واضحًا يليق بأهالى سيناء، وتم تنفيذ الكثير من مشروعات الإسكان والمنازل البدوية بمحافظة شمال سيناء قام بتنفيذها جهاز التعمير منها 5591 وحدة إسكان بدوى ومنخفض التكاليف وإسكان اجتماعى وخدمى، كما يتم حاليًا إنشاء 65 منزلا بدويا بخطة جهاز تعمير سيناء 20 ـ 21، وهى 25 منزلا بدويا بمركز نخل و40 منزلا بدويا بمركز الحسنة. وفى طور سيناء تم إنشاء عدد من الوحدات السكنية يتوفر بها جميع الخدمات من كهرباء ومياه واتصالات وما إلى ذلك، وتتميز بطراز خاص، حتى أن البعض يراها أشبه بكومبوند سياحى.
-إنشاء مدينة عالمية لتربية الخيول
اهتمام الجمهورية الجديدة طال نشاط تربية الخيول، حيث تنفذ الحكومة مدينة الخيول العالمية، المعروفة إعلاميا بـ«مرابط مصر»، إذ اجتمع الرئيس السيسى، مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، ووزير الزراعة يونيو الماضى، لمتابعة تطوير محطة الزهراء للخيول التى من المقرر أن تكون نواة لمدينة الخيول العالمية، وتعتبر محطة الزهراء للخيول الأكبر فى الشرق الأوسط، وتضم مدينة مرابط للخيول وتعتبر منظومة متكاملة للأنشطة كافة المتعلقة بالخيول، من ساحات لسباقات الخيول، ومواقع لإقامة المهرجانات العالمية التى تهتم بجمال الخيول وسباقاتها، واختيرت محطة الزهراء العريقة للخيول العربية الأصيلة لتكون نواة رئيسية للمشروع العملاق، لامتلاكها أنقى 5 سلالات للخيول العربية على مستوى العالم، والغرض من هذا المشروع دعم سياحة المهرجانات ومواكبة النهضة الحضارية والثقافية التى تشهدها البلاد، فضلا عن تحقيق مردود اقتصادى، ولم تتوقف جهود الدولة عند هذا الحد؛ بل يجرى حاليا تدقيق دراسة الموقع المناسب لمشروع إنشاء مدينة عالمية للخيول على نحو يستغل البنية التحتية الحديثة التى باتت تمتلكها مصر مؤخرا من شبكة طرق ومحاور ومطارات وموانئ وإمدادات، مع العمل على تعزيز عوامل النجاح والاستمرارية للمشروع من خلال الشراكة بين إمكانات الدولة والخبرات المتخصصة الناجحة فى هذا المجال، ويستغل المشروع ما تمتلكه مصر ممثلة فى محطة الزهراء من بنك لحفظ سلالات الخيول المصرية والعربية الأصيلة، ويجرى تنفيذ المشروع طبقا للمعايير الدولية داخل مساحة خضراء لتكون الأكبر فى منطقة الشرق الأوسط، وبالشراكة مع أعرق الخبرات الدولية والمحلية، بالتعاون مع أكبر المطورين العالميين فى مجال تربية الخيول، وتم اختيار مدينة السادس من أكتوبر لتنفيذ المشروع، إذ درس الموقع المناسب للمشروع على نحو يستغل البنية التحتية الحديثة التى باتت تمتلكها مصر مؤخرا.
- سباقات الهجن
شهد مجال رياضة سباقات الهجن قفزة كبيرة فى عهد الرئيس السيسى، هذا المجال الذى نجح فى نحو عامين فى الوصول إلى مرحلة التنافس العالمى، وفى ظل كثرة وتنوع ميادين السباقات المُجهزة للهجن فى أنحاء مصر، فقد وجه بالاهتمام بسباقات الهجن والتوسع فى إنشاء المضامير وإقامة السباقات وخاصة فى شرم الشيخ والعريش والوادى الجديد والإسماعيلية ووسط سيناء والطور والشرقية وغيرها، وتم افتتاح مضمار العلمين للسباقات والذى تم إنجازه فى فترة قليلة مقارنة بالمدة التى يستغرقها إنشاء ميادين السباقات بشكل عام، وفى يوليو الماضى، شهد هذا المضمار انطلاق مهرجان سباق الهجن بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى وولى عهد أبو ظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ويتميز هذا المضمار بموقعه المتميز فى منطقة منبسطة وبمناخ معتدل حيث انخفاض درجة الحرارة ما يخدم ملاك الإبل فى جميع أنحاء مصر، ويُعد تنوع ميادين السباقات بمصر وأماكنها أمرا مميزا، فاختلاف موقعها فى أنحاء الجمهورية يجعل مصر دولة مميزة تدفع باستمرار هذا النشاط طوال العام، ويؤكد الخبراء على أن مصر استطاعت الوصول بهذا المجال إلى مرحلة الاستثمار بسبب حركة الرواج التى شهدها سوق بيع وشراء الهجن بين محافظات مصر، وأبرزها محافظة مطروح والتى أصبحت مالكة لحوالى 50 من أجود سلالات الهجن فى فترة قليلة.
- تاريخ وآثار
- آفاق مستقبلية