سيكون من حسن الطالع لو تمهل المرء قليلا أثناء سيره في هذه الحارة الصغيرة التي تقبع بقلب مدينة المنصورة، فسيجذب الأنظار مشهد بديع من الزمن الجميل يعبق بالحياة ويعيدك لذكرى الماضي العتيق، ستجد رجل ستيني صياد بدرجة فنان تلمع عينيه بالسعادة متغنيا بزرقة البحر وخيراته، ينحت خشب الغاب مانحا إياه فرصة الحياة من جديد حتى يكاد ينطق، مؤكدا الحكمة القائلة "الجمال يولد بأشكال عديدة، فقط غير زاويتك وستراه في كل مكان".
على مدار خمسون عاما، اعتاد هاوي الصيد السيد الرخاوي البالغ من العمر 63 عاما، على صناعة صنارات الصيد بخشب الغاب معتمدا عليها في ممارسة هواية الباحثين عن الصبر، حتى قرر أن يفتتح محلا صغيرا لبيع كافة أدوات ومستلزمات الصيد الحديثة ليواكب تطورات العصر واحتياجات الصيادين والهواة، إلى أن أحيا الماضي من جديد وقام باسترجاع صنارات الصيد المصنوعة من الغاب وبيعها بجانب الصنارات الحديثة المستوردة، ليحسن من ظروفه المعيشية ويوسع رزقه ويمنح الفرصة لهواة الصيد والمبتدئين غير القادرين على شراء أدوات الصيد عالية الثمن بممارسة هوايتهم.
"القلب يعشق كل قديم".. هكذا بدأ عم السيد حديثه مع "اليوم السابع"، فقال إنه يهوى الصيد منذ أن كان عمره 10 سنوات فقط، حيث كان يمارس هوايته في قريته معتمدا على الصنارة المصنوعة من الغاب، مشيرا إلى أنها كانت الأداة الأساسية المعتمدة في الصيد من قبل الجميع قديما، وبالرغم من أنها كانت بدائية الصنع إلا أنها كانت تمنحهم خيرات النيل من الأسماك وتمنحهم الفرصة لقضاء وقت ممتع والانعزال عن ضغوط الحياة.
وأشار إلى أن بالرغم من ظهور أساليب وطرق وأدوات جديدة للصيد من صنارات متطورة يتخطى سعرها مئات الجنيهات، إلا أنه أراد أن يبيع صنارات الصيد المصنوعة من خشب الغاب والتي يبلغ سعرها 10 جنيهات، ليحافظ على التراث القديم للصيد ويوسع رزقه ويمنح الفرصة للأطفال والغير قادرين بممارسة هواية الصيد بأقل التكاليف، مؤكدا أنها تلاقي إقبالا كبيرا من الأطفال والشباب والنساء.
وقال إنه يصنع صنارة الغاب عن طريق شراء خشب الغاب وتجفيفه جيدا في الهواء الطلق، ثم يقوم بتقشيره حتى ينعم ملمسه تماما، ومن ثم يقوم بلف خيط البلاستيك بحركة دائرية على طرفه، ثم يثبت الخطاف الذي يعلق فيه الطعم في الخيط، وفي النهاية تصبح خشبة الغاب جاهزة لاصطياد الأسماك من مسافات قريبة وبأقل التكاليف.
وأشار إلى أن الصيد فن راقي يحتاج للصبر والتركيز والخبرة، يهذب النفس وينقي الروح ويحررها من ضغوط الحياة الروتينية والمشاكل اليومية، ويكسب المرء العديد من القيم أهمها الصبر والمثابرة والقناعة والرضا، كما يعد بالنسبة له حب ومتعة وغية يحث على التأمل ويحسن من الحالة المزاجية ويشعر بالنشاط والتجديد والاسترخاء.
أدوات الصيد
الرخاوي يحيي صناعة صنارات الغاب
الرخاوي يمنح الهواة فرصة الصيد بأقل التكاليف
جانب من الصناعة
صانع صنارات الغاب بمدينة المنصورة
صنارة الغاب
صناعة صنارات الصيد بخشب الغاب
صناعة صنارات الغاب بالدقهلية
عم السيد بيصنع صنارة من الغاب