حرب السادس من أكتوبر ليست رقما هينا في معادلة الحروب المصرية أو في سلسلة التاريخ العسكرى المصرى، بل هي أعظم انجاز تاريخى في حياة المصريين كافة، لأنها حققت الفوز في المواجهات المباشرة رغم كل التعقيدات والتحديات والظروف، واستطاعت مصر أن تبنى جيشها من العدم تقريبا، فخلال ست سنوات هي الفترة ما بين 1967 و 1973 كان الجيش المصرى في مرحلة مهمة في تاريخه، فالجيوش الوطنية لا تبنى و تؤهل في ست سنوات فقط، فما بالنا بجيش كانت الدول ترفض تسليحه، وكان العدو يرتكن لدول عظمى في دعمه، ثم الجيش الذى تم استهدافه بشكل مباغت لم يتأخر مقاتليه يوما وكان قادته الجدد وقتها على قدر المسئولية الملقاة عليهم، حتى أن معارك شهيرة مثل تدمير المدمرة ايلات و معركة رأس العش وغيرها هي معارك كانت بعد أسابيع قليلة من استهداف الجيش المصرى في 1967، ثم أن حرب الاستنزاف وهى الحرب الأطول والأكثر فاعلية امتدت لسنوات كان الجيش المصرى فيها بأبنائه خلف خطوط العدو، يستهدفون يوميا العدو الاسرائيلى ويكبدونه خسائر مهولة، ولم يتراجع أبناء الجيش المصرى خطوة للوراء نحو السعي للانتصار، وكان هناك قرارات شجاعة من القيادة السياسية سواء كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أو محمد أنور السادات حتى كان قرار العبور واسترداد الأرض والكرامة في 6 أكتوبر 1973، ثم أن كثير من الأحاديث والحوارات مع أبطال أكتوبر تجدهم حتى الآن مؤمنين أن سيناء بالتضحيات التي بذلوها مازالت تحتاج أبنائها من كل طبقات وتنوعات الشعب المصرى حتى يحافظوا على مكتسبات ما قدموه من تضحيات.
ورغم أن المصريين يمتلكون تاريخا ذاخرا بالأحداث ومليئا بالتفاصيل والأشياء التي تجعلهم فخورين، إلا أنه حتى الان لم نصل للمرحلة الكاملة في الفرحة بانتصاراتنا مثل باقى الدول، حيث نجد دولا أقل منا في التاريخ والأحداث تجعل يوما ما في العام يوما للاحتفالات ويسمونها بعيد " كذا و كذا"، وتجد المواطنين في الشوارع بأطفالهم يحتفلون بتاريخهم القريب، ولو عقدنا مقارنة بسيطة لاكتشفنا أننا أولى بالاحتفال بأكتوبر كانتصار عسكرى و شعبى عظيم أولى من غيرنا الذى يحتفل بأيام مثل غيرها، ولذلك فعيد النصر القومى أو عيد الاحتفال بأكتوبر هو عيد المصريين جميعا يجب أن نسعد ونفرح به وننقل فرحتنا لأبنائنا ونجعلهم يستمعون ويشاهدون أبطال أكتوبر الذين يتحدثون في وسائل الإعلام المختلفة، ونرشدهم للكتب والمؤرخين الذين سجلوا وقائع النصر الأعظم في تاريخنا، لأن هذا هو الأثر الباقى وهو الأثر الطيب الذى سيحافظ على مصر دائما من أي محاولات عبثية لتفتيت قوتها الصلبة.