أعلنت بعض النائبات الفضليات في البرلمان المصري إحصائية لم يذكرن مصدرها ولا أعلم مدى دقتها تشير إلى أن نسبة الزوجات اللاتي يتعرضن للعنف الإسري قد بلغت ٨ مليون سيدة ، وأن ٨٦% من الزوجات في مصر يتعرضن للضرب حسب إحصائية للمجلس القومي للمرأة ، وأن ٥٠% من حالات الطلاق تقع بسبب ضرب الزوجات .
هذا وقد نُشرت إحصائيات أخرى منذ عدة سنوات ومازالت تتداول حتى يومنا هذا تبشر أن السيدة المصرية أصبحت هي الأولى على مستوى العالم في ضرب الأزواج بنسبة تتراوح بين ٢٨% - ٣٠ % حسب مركز بحوث الجرائم التابع للأمم المتحدة.
الحقيقة أنني أشكك في كل تلك الأرقام ومدى دقتها، ببساطة لأن هناك وسائل علمية معروفة ومتبعة لإجراء أي إحصائية أو مسح أو دراسة، ولكل دراسة وسائلها التي تتناسب مع طبيعة البحث، ومهما كانت دقة الإحصائية فهي في النهاية تقدم أرقامًا تقريبية غير دقيقية ، لكنها تقدم مؤشرات لظاهرة ما ، كل هذا يتوقف على الجهة التي قامت بالبحث ، والوسائل المستخدمة وعدد العينة ومدى انتشارها ، وقواعد أخرى كثيرة لا يتسع لها المجال .
الأمر الآخر أن هناك جهات كثيرة من واجبها تقديم الأرقام الصحيحة التي تحسم كل هذا اللغط، مثل المجلس القومي للمراة، والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ومراكز البحوث في الجامعات المصرية المختلفة ، أما أن يتردد رقم من هنا ورقم من هناك ليتهكم البعض حينا ويتعجبون حينًا اخر فهذا أمر غير مقبول ، ونحن نمتلك كل هذه الجهات البحثية، ولدينا أساتذة اجتماع واحصاء وغيرهما من التخصصات المطلوبة .
ثم نأتي لتأمل هذه الأرقام الواردة، أولًا معنى أن هناك ثمانية ملايين سيدة يتعرضن للضرب على يد ثمانية ملايين من الرجال ، إضافة لعدد أطفال تلك الأسر فهذا يعني أن ربع أو ثلث الشعب المصري على أقل تقدير يعيش عنفا أسريًا مباشرا ، بين ضارب ومضروب ومفزوع ! وهذا أمر لو صح فهو كارثة لا يجب السكوت عليها، ويجب أن تنقلب الدنيا رأسا على عقب لإصلاح ما أفسده الدهر ، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأسر المنهارة . أما لو لم يكن هذا رقم صحيح فهذا يعني أن هناك من يسيء متعمدا للشعب المصري ، وأن هناك تقصيرا معلوماتيا من الجهات المسئولة ، وهذا أمر لا يمكن السكوت عليه لأنه يتصل بسمعة مصر .
أما الإحصائية الثانية ، التي تُردد أن السيدة المصرية هي الأولى على العالم في ضرب الأزواج ، فلا أعرف تماما كيف صمتنا عنها حتى لو كانت جهة تابعة للأمم المتحدة هي التي نشرتها ، ولا من أين أو كيف استقوا هذه الأرقام .
ثم أخيرًا إذا ما وضعنا الاحصائيتان معا فهذا يعني أن الأسر المصرية مقسمة بين أزواج يضربون زوجاتهم ، وزوجات يضربن أزواجهن .. فهل سننساق مع الساخرين والمتندرين والمتربصين ، أم ستكون لدينا الحقيقة ؟ وإن كانت تلك هي مع الأسف الحقيقة فهل سنقف مكتوفي الأيدي ؟