حالة من الترقب الدولى والإقليمى، لما ستسفر عنه الانتخابات المقبلة في العراق، والمقرر انعقادها في 10 أكتوبر الجارى، في ضوء العديد من المتغيرات، أبرزها نجاح الحكومة الحالية في تحقيق قدر كبير من الاستقرار، والأمن بعد سنوات طويلة من الفوضى، تقارب العقدين من الزمان، ناهيك عن اقتراب الانسحاب الأمريكي من "بلاد الرافدين"، بالإضافة إلى ارتماء بغداد في أحضان محيطها العربى، مع احتفاظها بعلاقات متوازنة مع دوائرها الإقليمية، بعد سنوات من الاستقطاب الإقليمى، وهى المعطيات التي تصب في مجملها في "بوتقة" الزخم الذى تحظى به الانتخابات العراقية المقبلة، والتي تبدو مفصلية فيما يتعلق بمستقبل البلاد في أحد أكثر المراحل حساسية في تاريخها.
وتعد المخاوف الكبيرة إثر تداعيات الانسحاب الأمريكي المرتقب، يضفى الكثير من الزخم للعملية الانتخابية التي تشهدها العراق، الأحد المقبل، خاصة مع احتمالات عودة تنظيم داعش الإرهابى إلى الواجهة، مجددا، مما يهدد بتقويض الجهود التي بذلتها بغداد، وحلفائها في دحر الخلايا الإرهابية، والتي تمكنت من استغلال حالة "الترهل" التي عانتها الدولة العراقية إثر الفوضى التي دامت لسنوات، للسيطرة على مساحات واسعة من الأراضى لإقامة دولته المزعومة.
المخاوف من عودة داعش إلى الواجهة، ترجمتها العديد من التصريحات التي أدلى بها المسئولون العراقيون في الآونة الأخيرة، وأخرهم رئيس البرلمان العراقى محمد الحلبوسى، الذى أكد على استمرار وجود خلايا داعش النائمة داخل المدن والمحافظات العراقية، مشددا على أن القوات الأمنية المسلحة بحاجة إلى مساندة دولية لتجفيف منابع تمويل الإرهاب.
وتمهيدا للانتخابات العراقية، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، أمس الأربعاء، حل البرلمان وإنهاء عضوية النواب اعتباراً من اليوم الخميس.
رئيس مجلس النواب العراقى محمد الحلبوسى
ولكن تبقى المخاوف إثر احتمالات عودة داعش غير مقتصرة على الداخل العراقى، وإنما امتدت إلى العديد من القوى الدولية والإقليمية، وهو ما ترجمته العديد من المشاهد الهامة في الأشهر الماضية، أبرزها مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، والذى يمثل سابقة مهمة، في الحوار بين القوى الإقليمية في الشرق الأوسط، حيث شهد مشاركة القوى العربية وغير العربية، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية، من أجل الوصول صيغة تعاونية تتجاوز الخلافات من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في بغداد، لضمان أمن واستقرار المحيط الإقليمى، وفى مقدمته دول الجوار.
الاهتمام الدولى والإقليمى بالعراق لم يقتصر على مجرد المشاركة في المؤتمر، وإنما امتد إلى حرص العديد من المنظمات الدولية، وفى مقدمتها جامعة الدول العربية،على المشاركة في متابعة العملية الانتخابية، باعتبارها مفصلية في مستقبل العراق في المرحلة المقبلة، في إطار التأكيد على الهوية العربية لـ"بلاد الرافدين"، بالإضافة إلى إضفاء قدر من الشرعية الدولية على العملية الانتخابية المرتقبة.
ويمثل الحرص الكبير من قبل جامعة الدول العربية، على القيام بدور فاعل لدعم الدولة العراقية، دفع نحو إيفاد بعثة لمتابعة الانتخابات، وهو الأمر الذى يمثل ترجمة فعلية، للعديد من التصريحات والتحركات التي قام بها مسئولي "بيت العرب" في غضون الأشهر القليلة الماضية، والتي تجسدت في 3 زيارات متتالية، قام بها الأمين العام أحمد أبو الغيط إلى بغداد، تهدف في الأساس تحقيق مثلث الأولويات العربية، وهى إضفاء "غطاء" الهوية العربية، وهو ما بدا في زيارته الأولى في شهر مارس من هذا العام، ودعم الحوار بين القوى الإقليمية، لتحقيق التعاون بينهم، لحفظ الأمن والاستقرار في البلاد، من خلال المشاركة في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في أغسطس الماضى، ناهيك عن دعم مؤسسات الدولة في مكافحة الفساد، والذى يمثل العدو الأول للتنمية والاستقرار، عبر المشاركة في مؤتمر استعادة الأموال المنهوبة في الشهر الماضى.
في هذا الإطار، يقول الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير سعيد أبو على أن أبو الغيط كان حريصا على إيفاد البعثة فور تلقيه الدعوة للمشاركة في هذا الحدث الهام، موضحا أن البعثة "نوعية"، تضم عدد من المختصين والخبراء من 9 دول عربية، لتغطية المحافظات الرئيسية، منها البصرة وديالى والنجف، والموصل، بالاضافة الى العاصمة بغداد.
واعتبر أبو على، والذى يترأس بعثة الجامعة العربية لمتابعة الانتخابات العراقية، أن المشاركة الدولية في الحدث الهام تأتي بمبادرة من السلطات في العراق لتأكيد احترام كل أطراف العملية الانتخابية والتزامها بكافة القوانين المنظمة لها واجراءاتها التطبيقية، حيث تبقى الانتخابات المقبلة بمثابة خطوة مفصلية في مستقبل العراق الواعد، بينما تبقى المشاركة الدولية بمثابة اعتراف بها.
الأمين العام المساعد السفير سعيد أبو على
ويعد الحديث عن الاعتراف الدولى بالانتخابات في العراق، مدخلا مهما لمناقشة الهدف الرئيسى، الذى يحمل "بيت العرب" على عاتقه من المشاركة في مثل هذه المناسبات، وعلى رأسها إضفاء "الشرعية" الدولية، على العملية الانتخابية، وهو الأمر الذى لا يقتصر على العراق، وإنما يمتد إلى العديد من الدول العربية الأخرى التي حرصت الجامعة العربية على المشاركة في الأحداث المماثلة لديها، خاصة مع زيادة نطاق الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، خلال العقد الأخير، وهو ما دفع البعض، إلى التشكيك في نتائجها، والطعن في شرعيتها، لتحقيق مصالحها وهو ما يمثل تهديدا صريحا لأمنها واستقرارها.
فلو نظرنا إلى نشاط الجامعة العربية في السنوات الأخيرة، نجد أن ثمة تركيزا كبيرا على متابعة الأحداث الانتخابية في العديد من الدول الأعضاء، وأخرها المغرب، حيث أرسلت بعثة مراقبة ضمت عددا من الملاحظين، الذين قاموا بتغطية العديد من مراحل العملية، منها الحملات التي قام بها المرشحين، وعمليات الاقتراع التي شملت عدة محافظات، بالإضافة إلى عمليات فرز الأصوات.
من جانبه، قال الأمين العام المساعد، السفير حسام زكى، في تصريح سابق، إن الدول العربية شهدت تزايدا ملحوظا في العملية الانتخابية بينما يبقى متوقعا زيادتها في السنوات القادمة وهو ما يتطلب التعاون في المرحلة المقبلة، موضحا أن العمليات الانتخابية وتعددت أنظمتها وقوانينها مع اختلاف النظم الانتخابية من دولة لأخرى طبقاً للنظام السياسي والدستوري والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها كل دولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة