كما تحدثنا سابقاً وسنظل نتحدث الآن ولاحقاً عن هذا السم القاتل المختلط بالعسل حلو المذاق ذو اللذة للشاربين، الذى بات يعرف بالتواصل الاجتماعى، هذا الذى أصبح عدد لا بأس به منا يعلم تمام العلم أنها منصات للتجسس والاختراق، ليست فقط منصات للترفيه وأنها ربما تضر أكثر مما تنفع.
ولكن:
من منا يقوى على اتخاذ قراره بقطع صلته تماماً بهذا العالم الافتراضى الشيق الذى جعل من التواصل والتفاعل بين الناس بكافة بقاع الأرض أمرا فى منتهى السلاسة ؟
وسهل الاختلاط بين البشر بكافة ألوانهم وأشكالهم وثقافاتهم بشكل مثير جذاب يسلب العقول .
أما عن سلب العقول
سأتوقف عند سلب العقول الذى لا يقتصر فحسب على الوصف المجازى لحالة الانبهار بل يتخطاها بحق ليصف بدقة هذه الحالة التى يسلب فيها هذا الجهاز الذكى بما يحتوى عليه من تطبيقات مختلفة المسميات أشهرها واتس آب وفيس بوك أو ميتا فرس وغيرهم من وسائل التواصل المسموعة والمرئية التى تحركها جهات كبرى ترمى لنا بقشور من المتعة والتسلية إلى جانب بعض الاستفادة لتبث لنا جرعات غير ملموسة من السموم المحلاة بالعسل حتى يصل كل منا كمستخدمين لمرحلة متأخرة وربما ميؤوس منها من الإدمان .
إذ يجد كل منا نفسه إن حسبها بحسابات الوقت، يقضى ساعات طويلة متجولاً بجهازه الذكى بين التطبيقات المختلفة ليتابع وارداتها ويتصفح منشوراتها ويرد على دردشاتها وتعليقاتها وخلافه، ليفاجأ أنه قد أهدر ما هو أثمن قيمة وأكثر نفعاً وهو الوقت .
فهذا اللص الحديث الذى يتخفى بين وسائل هذا العالم الافتراضى الفسيح يسلبنا الوقت ويستنزف عقولنا ويستحوذ على انتباهنا، ليحول معظم المريدين إلى مدمنين يستعصى عليهم الشفاء .
ناهيك عن :
حالة الاستسلام التام والرضى بأن هذا الجهاز الذى تحمله معك أينما كنت وأنت على يقين تام بأنك تحمل أداة التجسس لتسهل المهمة على مخططيها بيدك لا بيد عمرو.
فيا أيها المستغرق فى السوشيال ميديا
احذر فإنه فخ عميق لا يجب عليك أن تقع به، فهذه الفخاخ ليست وليدة الصدفة ولا سليمة القصد، لكنها فى أحوال كثيرة قد تكون خطة منظمة ضمن مجموعة من الخطط لاستراتيجية كبيرة ذات أهداف محددة فى حرب شرسة تزداد شراستها عن الحروب بالأسلحة الثقيلة فى ميادين الحروب.
هل تعلم أيها المصرى الطيب أن هناك عدوا بألف وجه يتربص بك هو وقبيله ويراك من حيث لا تراه ليشحنك ويوجهك ويحمسك ويحبطك ويسود الدنيا بعينيك أحياناً من وراء الكيبورد العجيب والشاشة الذكية ؟
نهاية
أعلم جيداً أننا جميعاً لا غنى لنا عن مواكبة العصر بكل تطوراته وإجادة التعامل بها بل وإتقانها، لكن شريطة أن يكون زمام الأمور دائماً وأبداً بأيدينا وفى عقولنا.
فلا نترك أنفسنا فرائس سهلة تتلاعب بها أيادى الخبثاء لتحركنا وتوجهنا كيفما تشاء، فعلينا جميعاً الحذر ثم الحذر والتعقل والتدبر والتحقق لنأخذ منها ما ينفعنا وننترك ما يضرنا، ولا ننساق وراء المشاركات السريعة التى تجعل منا وقوداً للنار التى يود أعدائنا إشعالها بنا.
كفانا الله ووقانا شر زبانية هذا العالم الافتراضى وشر فخاخه العميقة.