قال إن اجتماع المجلس الوزارى العربي للمياه يأتي في مرحلة تتسم أحياناً بضبابية الرؤية، فبالرغم من البوادر الإيجابية التي يشهدها العالم اليوم، بعودة مظاهر الحياة تدريجياً، إلا أن الآثار السلبية لجائحة فيروس كورونا المستجد وتأثيرها على عدد من القطاعات الحيوية ومنها المياه لا يزال غير معلوم بدقة، مما يستدعي الحفاظ على أعلى درجات التأهب واليقظة لمواصلة جهودنا لمحو تداعياتها، والتفكير جماعياً في التعامل مع الحالات الطارئة مستقبلاً بالاستفادة من دروس هذه التجربة، عبر بناء سياسات مائية مستدامة تأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي وتأثيراته.
وأضاف، خلال كلمته أمام الاجتماع المنعقد حاليا بجامعة الدول العربية، أن مؤشرات الوضع المائي في المنطقة العربية مقلقة وأرقامها واضحة ولا تحتاج لمزيد من التبيان، إذ تُشكل الأراضي الصحراوية والمهددة بالتصحر الجزء الأكبر من الدول العربية، تصنف 60% منها كأراض متدهورة وشديدة التدهور، وهي نسبة في ارتفاع مستمر بسبب زحف التصحر وإستمرار مواسم الجفاف لفترات أطول.
واستطرد أنه بالرغم من كل الجهود الكبيرة التي بذلتها الدول العربية لتحسين استفادة المواطن من خدمات المياه لا يزال ما يربو عن 40 مليون نسمة محرومين من هذا الحق الأساسي.
وأوضح أبو الغيط أن التغير المناخي، الذي تعد المنطقة العربية من أكثر المناطق تعرضاً لتبعاته، ساهم في تعقيد التحديات وزيادة أزمة العطش التي نعيشها بتأثيره على قضية المياه بشقيها، فبالإضافة إلى تراجع المعدلات السنوية لهطول الأمطار، وجفاف بعض الأنهار وتراجع كميات المياه الجوفية غير المتجددة، كما ساهم التغير المناخي في ارتفاع منسوب مياه البحر وزحف الملوحة على الأراضي الزراعية كما في الدلتا والمناطق الساحلية، بالإضافة إلى تواتر الظواهر الطبيعية العنيفة كالفيضانات والسيول الطينية الجارفة وما تخلفه من خسائر بشرية واقتصادية تهدد الأمن القومي العربي وتزيد من اتساع الفجوة الغذائية التي تعاني منها منطقتنا.
ودعا الأمين العام إلى إستغلال كل الفرص والوسائل التي تتيحها آليات التعاون الإقليمي والعمل الدولي متعدد الأطراف لشرح الأخطار التي تهدد الأمن المائي العربي.
واستطرد أن حل أزمة المياه في المنطقة العربية، نظراً لخصوصيتها الجغرافية يتجاوز معالجة البعد الفني لها ويتطلب جهداً عربياً موحداً لحماية الحقوق العربية المشروعة من المياه العابرة للحدود إذ لا يجب أن تعتدي المشاريع المستحدثة في دول الجوار على الحق العربي في الحياة.
وكرر أبو الغيط موقف الجامعة العربية بضرورة وضع إتفاقات دولية ملزمة وعادلة حول استغلال المياه المشتركة وفق مسارات تفاوضية تجعل من الماء وسيلة للتعاون والتنمية المشتركة، لا سلاحاً للسيطرة باعتبار أن هذا النهج هو السبيل الأوحد لبناء غد أفضل.
وشدد على أهمية وحدة الصف العربي إذ يقع على عاتق العرب الحديث بصوت واحد لنقود تحالفاً يرسم مبادئ عادلة في تقاسم المياه، ويرسخها في قواعد ملزمة للجميع.
ودعا أبو الغيط إلى وضع سياسات وطنية وإقليمية تأخذ في الاعتبار الترابط الوثيق بين مواضيع التغير المناخي والأمن المائي والأمن الغذائي والطاقة وتشارك في تنفيذها كل القطاعات، مشيدا بمبادرة المجلس الوزارى العربي للمياه الرامية إلى بناء شراكات مع قطاعات أخرى لمعالجة القضايا متعددة الأبعاد، وسعيه الحثيث لتنفيذ مخرجات الاجتماع المشترك بين قطاعي المياه والزراعة.