تمر اليوم الذكرى الـ1098 على رحيل العالم المسلم أبو بكر الرازي، وهو طبيب وكيميائي وفيلسوف ورياضياتي مسلم من علماء العصر الذهبي للعلوم، وصفته سيغريد هونكه في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب "أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق" ، حيث ألف كتاب الحاوى فى الطب.
ولد أبو بكر محمد بن زكريا الرازى، فى مدينة الري في عام 854 ميلادية، وتوفي بها في عام 923، درس الفلسفة والرياضيات والفلك والعلوم الطبية والكيميائية والصيدلانية، بعد أن برع في الضرب على العود، وكان يعتبر الموسيقي وسيلة للعلاج الطبي، انتقل إلى بغداد واطلع على كتب ومؤلفات جالينوس وأبقراط وحكماء الهند، يقال إنه كان في بدء حياته صرافاً، ولكن حب العلم جذبه إلى مجاله، ويقال إنه في شبابه كان مهتماً بالكيمياء، وأجرى التجارب الكيميائية بعد بلوغه الثلاثين، ثم تحول إلى الطب بعد بلوغه الأربعين لضعف أصاب بصره من الأبخرة والغازات الناتجة أثناء التجارب الكيميائية، وقد فقد بصره فى أواخر حياته، لهذا السبب وكثرة قراءاته لساعات طوال كل ليلة.
اشتهر أبو بكر الرازى بألقاب الفيلسوف والموسيقي قبل دخوله مجال الطب، وبعد انتقاله إلى بغداد من الري كانت له عدة أسفار لتحصيل العلوم المختلفة إلى القدس وشمال إفريقيا وقرطبة، ثم عاد إلى بغداد، وظل الرازى طوال حياته دارساً باحثاً عالماً ومعلماً، جعل من الطب رسالة إنسانية ومن الفلسفة وسيلة لتطوير المجتمع.
وقال عنه شروود تيلر: إن الرازى برز كموسوعة في جميع فروع المعرفة بدون استثناء، فقد كتب الرازي في الطب والفلسفة والكيمياء والرياضيات وعلم الأخلاق والميتافيزيقا والدين وقواعد اللغة العربية والموسيقى والتيارات الهوائية، هو في الحقيقة علامة عصره، فكانت مؤلفاته الكثيرة مرجعاً للعلماء أجمع، وبقيت كتبه خاصة في الطب مرجعاً لأطباء أوروبا خلال العصور، فهو أول من كتب عن الحساسية والمناعة، وأول من اكتشف أثر الحساسية في بعض الحالات المرضية، وإن لم يستخدم في كتاباته مصطلح حساسية. كما طرح نظرية خاصة عن سبب الأمراض الوبائية لأول مرة في تاريخ الطب، واستفاد منها العالم الفرنسي لويس باستير وأرشدته إلى اكتشاف الجراثيم.
إنجازاته الطبية لا يختلف عليها أحد، فكان رائد الطب الحديث، وهو أول من أجرى التجارب العلاجية على الحيوان قبل تطبيقها على الإنسان، كما برع في طب وجراحة العيون، سواء في الجراحة أو الفسيولوجيا، وصنف أمراض القرنية بغير ماذكره أستاذه حنين بن إسحاق، ووضح في كتابه كيفية وآلية الإبصار في العين، وهو أول من فصل طب الأطفال عن الطب العام، وعالج بعض الأمراض بنظام التغذية وحده،. كما ابتكر استخدام خيوط الجراحة المصنوعة من الأنسجة الحيوانية، وهى الخيوط المعروفة بـ "القصاب"، وهو أول من وصف استخدام جبيرة الجبس في علاج كسور العظام.
واخترع الفتيلة المستخدمة عند إجراء العمليات الجراحية، وأداة قياس الوزن النوعى للسوائل، واستخدم السكريات المتخمرة لتحضير الكحول، كما أبدى اهتماماً بعملية تشريح جسم الإنسان، وأسس علم الإسعافات الأولية التي تقدم في حالات الحوادث، وصنع مراهم الزئبق، ويعتبر أول من أدخل الملينات فى علم الصيدلة، وأول من أوجد فروقاً بين النزيف الشرياني، والنزيف الوريدي، كما استخدم الربط حتى يوقف الشرياني، والضغط بالأصابع حتى يوقف الوريدي، وهو ما زال استخدامه قائماً، ويعتبر أول من ذكر حامض الكبريتيك الذي سمّي باسم الزيت الأخضر أو زيت الزاج. وقسم المعادن إلى أكثر من نوع على حسب خصائصها، وحضر عدداً من الحوامض التي مازالت طرق تحضيرها متبعة حتى وقتنا الحالي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة