خطوات وإجراءات كبيرة تتخذها كافة مؤسسات الدولة المصرية، تمهيدا لتطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى، والتى تتضمن المحاور الرئيسية للمفهوم الشامل لحقوق الانسان فى الدولة، وذلك بالتكامل مع المسار التنموى القومى لمصر الذى يرسخ مبادئ تأسيس الجمهورية الجديدة ويحقق أهداف رؤية مصر 2030، وتعظيم حقوق المواطنة وتعزيز رؤية بناء الإنسان .
تعد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان أول استراتيجية وطنية متكاملة لحقوق الإنسان في مصر، وهى تبنى على التقدم الفعلى المحرز ، كما تأخذ في اعتبارها ما يفرضه السياق الوطنى من فرص وتحديات، أسست الاستراتيجية على رؤية تهدف إلى النهوض بكافة حقوق الإنسان في مصر، من خلال تعزيز احترام وحماية كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتضمنة في الدستور والتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية والإقليمية المنضمة إليها مصر تحقيقا للمساواة وتكافؤ الفرص دون أي تمييز.
وتقوم الاستراتيجية الوطنية، والتى تجسد خارطة طريق لحقوق الإنسان وتعزيز الحريات، على 4 محاور رئيسية، تتكامل مع بعضها البعض، وهي: الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الإنسان للمرأة والطفل والأشخاص ذوى الإعاقة والشباب، والتثقيف وبناء القدرات فى مجال حقوق الإنسان، وتتضمن تطوير سياسات وتوجهات الدولة في التعامل مع عدد من الملفات ذات الصلة والبناء على التقدم الفعلي المحرز خلال السنوات الماضية في مجال تعظيم الحقوق والحريات والتغلب على التحديات في هذا الإطار بهدف المزيد من تعزيز واحترام جميع الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وترسيخًا لما تقوم به الدولة في مجالات دعم حقوق المرأة والطفل والشباب وكبار السن وأصحاب الهمم وجميع فئات المجتمع.
وترصد "اليوم السابع" كيف مهدت الدوله الطريق لتطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان كالاتى :
تحول مقار الاحتجاز التقليدية لأماكن نموذجية
قبل التطبيق الفعلى للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، شهدت المؤسسات العقابية تطوير كبير وتطبيقًا فعليا للاستراتيجية، حيث حرص قطاع الحماية المجتمعية بوزارة الداخلية على انتهاج خطط تطوير شاملة للأداء الأمنى بما يكفل "المعاملة الكريمة" للمواطنين وذلك من خلال التوسع فى المشاركة بمختلف المبادرات المجتمعية وتقديم الخدمات الأمنية بأعلى معدلات للجودة والإتقان وبما يلبى طموحات وتطلعات المواطن، وإدراكًا للدور الجوهرى للعنصر البشرى فى تحقيق الأمن الشامل، يجرى الاهتمام بتنمية المهارات والخبرات الوظيفية لرجال الشرطة لتمتد للعلوم الاجتماعية ومبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة بما يعبر عن إرادة واضحة فى الالتزام بثوابت الدولة المصرية والتى يأتى ضمن أولوياتها احترام حقوق الإنسان وحماية حرياته الأساسية.
وأقدمت الدولة المصرية على الخطوة الأولى لإنهاء أزمة تعانى منها السجون المصرية منذ عقود وهى أزمة التكدس داخل أماكن الاحتجاز، ليس ذلك وحسب، إنما هى خطوة جادة نحو تغيير الفلسفة العقابية فى مصر لتتحول من مجرد عقوبة سالبة للحرية إلى التأهيل والإصلاح، حيث تم افتتاح مركز الإصلاح والتأهيل بوادى النطرون ليبدأ عهد جديد بملف حقوق الإنسان داخل السجون المصرية، الأمر الذى نال إشادات واسعة من منظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان المحلية والدولية.
إلغاء مد حالة الطوارئ
ومن ضمن ما يؤكد ويبرهن على أن الدولة جادة وعازمة على بذل كافة الجهود لتعزيز حقوق الإنسان وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، قرار رئيس الجمهورية بإلغاء مد حالة الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد، والذى يعد خطوة هامة نحو تعزيز وتنفيذ وحماية حقوق الإنسان، و يأتى تنفيذا لما تضمنته الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، جاء قرار الرئيس بإلغاء مد حالة الطوارئ يؤكد نجاح الدولة فى تحقيق حالة من الاستقرار تفتح الباب للمزيد من الخطوات، التى تتوازى مع تدعيم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، لتكون مصر قادرة على تقديم نموذج واضح فى موازنة التعامل مع التهديدات، وفى الوقت ذاته تقدم تصورا شاملا لحقوق الإنسان، بشكل يجمع بين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، مع الحقوق السياسية وحريات الرأى والتعبير، فى تجربة مصرية تستند الى إمكانات وقدرات الدولة، وظروفها، وسط إقليم مضطرب، ولا تزال الدول من حولنا تراوح مكانها بحثا عن مخرج من الاضطراب.
حياة كريمة
كما تتسق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان مع ما تعمل عليه الدولة المصرية في بناء الإنسان، و ضمان الحق في حياة كريمة والتعليم والصحة والسكن وغيرها من الحقوق، ففي 2 يناير 2019 دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤسسات وأجهزة الدولة بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى لتوحيد الجهود بينهما لإطلاق مبادرة وطنية على مستوى الدولة لتوفير حياة كريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجا .
تهدف المبادرة الى التخفيف عن كاهل المواطنين بالمجتمعات الأكثر احتياجا في الريف والمناطق العشوائية في الحضر، وتعتمد المبادرة على تنفيذ مجموعة من الأنشطة الخدمية والتنموية التي من شأنها ضمان "حياة كريمة" لتلك الفئة وتحسين ظروف معيشتهم ويستهدف المشروع تطوير كافة القرى المصرية البالغ عددها 4741 قرية وتوابعها (30888) عزبة وكفر ونجع فى 26 محافظة بعد استبعاد القاهرة لخولها من القرى، ويستفيد منها نحو 18 مليون مواطن.
ويتم تنفيذ المشروع على 3 مراحل، الأولى تشمل القرى ذات نسب الفقر من 70% فيما أكثر، والثانية تشمل القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70%، والثالثة تضم القرى ذات نسب الفقر أقل من 50% ويتم تحديد القرى الأكثر احتياجًا وفقًا لمعايير: ضعف الخدمات الأساسية من شبكات الصرف الصحى وشبكات المياه، وانخفاض نسبة التعليم، وارتفاع كثافة فصول المدارس، والاحتياج إلى خدمات صحية مكثفة لسد احتياجات الرعاية الصحية، وسوء أحوال شبكات الطرق، وارتفاع نسبة فقر الأسر القاطنة فى تلك القرى.
تشكيل وحدات حقوق الإنسان في الوزارات والمحافظات
كما عملت الحكومة على إعادة تشكيل وحدات لحقوق الإنسان بالوزارت والمحافظات، تختص الوحدات بنشر ثقافة حقوق الإنسان التي يكفلها الدستور عن طريق عقد دورات تدريبة متتاليه بمركز التدريب الإداري و التنمية البشرية بالمحافظات ووضعها ضمن الخطة التدريبية للمركز وكذلك الاهتمام بشكاوي الفئات المهمشة و الأسر الفقيرة و ذوي الإعاقة و المرأة المعيلة وكبار السن، كما أعلن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء عن تشكيل مجموعة عمل تشرف على الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
تعديلات تشريعية على أجندة البرلمان
فيما تعمل اللجان النوعية بمجلسى النواب والشيوخ على قدم وساق، لمناقشة الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والعمل على إصدار تشريعات لتلائم أهداف الاستراتيجية، حيث تواصل لجنتى حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعى بمجلس الشيوخ، اجتماعاتها لاستكمال مناقشة الاستراتيجية، مؤكدين أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فيها مشتملات وتحتاج إلى مناقشات واسعة حتى يكون إسهام لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ إسهاما حقيقا يرقى إلى مستوى المسئولية.
تدريس الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان بالجامعات
كما سارعت عدد من الجامعات المصرية لتدريس الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ضمن مناهجها، لمعرفة كل فرد حقوقه سواء الحقوق المدنية والسياسية أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكانت من أولى الكليات التي بدأت التطبيق الفعلى ، كلية الحقوق جامعة المنيا، حيث قال الدكتور حسن سند، عميد كلية الحقوق بجامعة المنيا، إن حقوق المنيا قررت تدريس الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ضمن مناهجها، وأن الحقوق بتدريس مادة حقوق الإنسان، مضيفا أن وضع الاستراتيجية الوطنية بالمناهج لمعرفة كل شخص الحد الأدنى من حقوقه.
وأردف :"المادة حاليا تدرس فى كل الجامعات المصرية، وبعد حديث الرئيس تم طبع الاستراتيجية وضمها للمادة، وأن التثقيف وبناء قدرات فى حقوق الإنسان واعطاء فكرة لكل طالب، وجزء من مادة مقررة على جميع الكليات بجامعة المنيا، وسيبقى لها درجات، لأول مرة فى تاريخ الدولة المصرية رئيس الدولة يطلق هذه الاستراتيجية وتتحول من مطالبات فردية إلى مطالب دولة مماثلة فى قيادتها ونقلة من الناحية الثقافية لأنه من يحدثك عن حقوق الإنسان هو رأس الدولة، وأن قرار الرئيس عن عام 2021 عام المجتمع المدنى يبين أن هذه مصالحة واعتراف بكرامة الإنسان".
موائد مستديرة لمنظمات المجتمع المدنى حول الاستراتيجية
نظم عدد من منظمات المجتمع المدنى العديد من ورش العمل و الموائد المستديرة بشأن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ناقشت خلالها الخطوط العريضة للاستراتيجية ومحاورها والهدف المرجو منها خلال الخمس سنوات القادمة والأولويات التشريعية لمجلسي النواب والشيوخ ودورها فى دعم حقوق الإنسان وتنمية المجتمع، حيث نظم المجلس القومي لحقوق الإنسان بالشراكة مع كل من المنظمة العربية لحقوق الإنسان والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ورشة عمل حول "الآفاق التشريعية للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.. مشروع قانون العقوبات البديلة نموذجاً"، بمشاركة مختلف أصحاب المصلحة من مؤسسات الدولة بسلطاتها والمجتمع المدني .