بدأت ملامح "مصر الرقمية" تظهر بوضوح في الكثير من المؤسسات المصرية العامة، لتنهى بذلك عشرات السنوات من البيرقراطية العقيمة في تقديم الخدمات الحكومية، حتى كانت مثالا للسخرية بين المواطنين وتم إنتاج عشرات الأفلام والمسلسلات الدرامية والكوميدية التى تحكى جوانب من معاناة الناس عند رغبتهم في الحصول على أي خدمة حكومية.
وأصبحنا نسمع كل يوم تقريبا عن ميكنة عدد جديد من الخدمات ليصبح إجراؤها إلكترونيا، مثل خدمات المرور والمحاكم والتموين وحتى خدمات الاستثمار وغيرها، واليوم تم تشغيل ماكينات الدفع الألكترونى لتذاكر دخول معابد الأقصر والكرنك تزامنا مع افتتاح طريق الكباش في احتفالية عالمية ضخمة، تبرز مدى حرص ورغبة الدولة المصرية والجمهورية الجديدة على التحول الرقمى بشكل كامل في المواقع.
التحول الإلكترونى أصبح ضرورة وليس رفاهية، وكان من أهم أسباب انطلاق ونمو اقتصادات كبيرة فى العالم وفى المنطقة العربية وعلى رأسها اقتصادات شرق آسيا والإمارات العربية مثلا، كما أنه يعد مؤشرا عاما على تقدم الدول وتقديم الخدمات بسهولة للمواطنين.
ورغم كثرة الكلام فى مصر عن هذا المشروع منذ أعوام طويلة، إلا أن ما تحقق منه قليل جدا، وكان دائما ما يتوقف المشروع مع عزل أو استبدال الوزير المسئول عن تنفيذه، ثم نعود بعد فترة لنبدأ من جديد بميزانيات جديدة وأشخاص آخرين جدد، ثم لا نلبث أن نكرر المأساة وهكذا.
إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسى ومنذ توليه المسئولية أعلن أن هذا المشروع هو أحد مستهدفات الدولة الضرورية، بهدف حوكمة الاقتصاد العام والسيطرة على الاقتصاد غير الرسمى، وتنشيط الاقتصاد العام من خلال تبسيط الإجراءات للمستثمرين، والمتعاملين من الجهاز الإدارى للدولة سواء من الأجانب أو المواطنين المحليين.
وبدأ الرئيس بالفعل فى تنفيذ مشروعه، الأكثر الأهمية، من خلال إنشاء المجلس القومى للمدفوعات، ثم قيام وزارة المالية بالحد من التعامل المالى الكاش، خاصة ما هو أكثر من 500 جنيه، فى التعاملات الحكومية، وقيام البنوك بطرح كروت مشتريات للمواطنين لدعم هذا المشروع، وغيرها من الإجراءات.
وأهمية المشروع – ماليا - تنبع من قدرته – إذا تم تنفيذه بشكل محترف- على القضاء على التهرب الضريبى، وزيادة إرادات الدولة، ويدعم قدرة الدولة على الحصول على مستحقاتها المالية بشكل سريع ومباشر، بالإضافة إلى توفير الوقت والجهد، وتحسين الخدمات للمواطنين، وضم الاقتصاد غير الرسمى إلى المنظومة الحكومية.
ويجب الإسراع فى تنفيذه وعدم وضع خطط طويلة الأجل لتنفيذه، فالوضع لا يتحمل الانتظار لسنوات أخرى، ويمكن البدء بالمدن الجديدة، وهى كثيرة حاليا، والقيام بجعل كل الخدمات بها إلكترونية، وخصوصا أنه من السهل تسجيل البيانات لسكان هذه المدن الجديدة مقابل الأماكن العشوائية مثلا.
كما أن هذا المشروع، يرتبط ارتباطا كبيرا بالأمن القومى، خاصة وأن هذه الأنظمة الإلكترونية يمكن اختراقها، والإضرار بالأمن القومى المالى والاقتصادى والسياسى، مثلما حدث فى العديد من الدول، مثل فنزويلا، التى تم تخريب محطات الكهرباء بها، وحتى أمريكا خلال الحملة الانتخابية، بصورة من الصور.
ولذلك يجب العمل على تأمين هذه الأنظمة الإلكترونية بشكل كامل، بالتزامن من إنشائها لمنع اختراقها، والإضرار بالمصالح العامة للدولة، ويمكن إسنادها لجهات لها باع فى هذا العمل – التأمين- حتى تحمى الدولة مواردها ومواطنيها، وفى نفس الوقت تستفيد من النظام الألكتروني.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة