بعد قرابة العام من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، لا تزال العلاقات بين لندن وباريس تزداد سوءا فمع استمرار مشكلات مثل الصيد فى المياه البريطانية والهجرة على الحدود بين البلدين، جاء اتفاق "أوكوس" الأمنى والذى تخلت بموجبه أستراليا على صفقة غواصات لصالح اتفاق مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بمثابة "القشة التى قصمت ظهر البعير" بالنسبة لإيمانويل ماكرون والذى ظهر غضبه واضحا فى أكثر من مناسبة كانت آخرها إلغائه لدعوة وزيرة بريطانية لاجتماع حول أزمة المهاجرين.
الصيادون الفرنسيون يحتجون
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن أطقم الصيد الفرنسية نظمت احتجاجات "رمزية" عند نفق القنال وثلاثة موانئ في شمال فرنسا في يوم من الإجراءات ضد الحكومة البريطانية بسبب الخلاف المستمر حول دخول القوارب الفرنسية في القنال.
وأشعل الصيادون مشاعل حمراء عندما بدأوا احتجاجهم يوم الجمعة في ميناء سان مالو قبل الانتقال إلى كاليه ونفق القنال بعد الظهر.
وأوضحت الصحيفة أنه تم منع عدد من سفن الصيد من الوصول إلى ميناء كاليه، البوابة الرئيسية لأوروبا من المملكة المتحدة ، في احتجاج استمر 90 دقيقة ، مع احتجاجات مماثلة في ميناء أوسترهام والطرق المؤدية إلى نفق القنال.
وكتب على لافتة مكتوبة باللغة الإنجليزية على أحد القوارب الذى يحمل اسم، Marmouset II ، "نريد استعادة تراخيصنا".
جانب من تأثير الاحتجاجات
قال أوليفييه ليبرتر ، رئيس لجنة الصيد الإقليمية في كاليه ، إن عمليات الإغلاق يوم الجمعة لم تؤد إلى توقف حركة المرور ، لكنها صممت لتكون بمثابة "طلقة تحذير" ضد البريطانيين.
وأضاف أنه "عمل رمزي" ولكن إذا استمر الخلاف حول ما يقولون هو فشل المملكة المتحدة في إصدار مجموعة كاملة من تراخيص الصيد للفرنسيين ، فسوف يصعدون إجراءاتهم و "يظهرون المزيد من الأسنان".
وقال: "البريطانيون يمكنهم الوصول إلى السوق الأوروبية ، بينما لا يمكننا الوصول إلى المياه البريطانية. هذا ليس طبيعيا ، يجب على الحكومة البريطانية احترام الاتفاقية ".
ومن جانبها، قالت صحيفة "ديلى تليجراف" البريطانية إن قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلغاء دعوة وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل إلى اجتماع وزاري طارئ يهدف إلى إيجاد حل لأزمة المهاجرين، يفاقم من الأزمة على الحدود الفرنسية البريطانية ويزيد من المشكلات بين البلدين بعد "بريكست".
وهاجمت الصحيفة فى مقالها الافتتاحى، وفقا لموقع "بى بى سى" قرار ماكرون إلغاء الدعوة وقالت إنه يعكس فقدانه القدرة على القيام بما هو صحيح ومناسب.
وتضيف أنه قيل لباتيل إنه غير مرحب بها في اجتماع الأحد، الذي ستحضره كل من فرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا والمفوضية الأوروبية، بعد أن بالغ ماكرون، بحسب الصحيفة، في ردة فعله على رسالة من رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون.
ووضع جونسون خطة من خمس نقاط للتنسيق بين بريطانيا وفرنسا لمنع تكرار المأساة التي غرق فيها 27 مهاجرا في القنال الإنجليزي.
وتقول الصحيفة إنه "في عرض لا يصدق من الفظاظة"، اختار الرئيس الفرنسي ليس فقط سحب الدعوة الموجهة لباتيل، ولكنه اختار أيضا توبيخ جونسون لأنه من المفترض أنه "لم يأخذ أزمة المهاجرين على محمل الجد بما فيه الكفاية"، بحسب ماكرون.
وتتابع الصحيفة أنه يبدو أن "نوبة غضبه" مرتبطة بحقيقة أن جونسون نشر نص رسالة أرسلها إلى ماكرون على تويتر. وقال الرئيس الفرنسي: "نحن لا نتواصل كقادة عبر التغريدات أو الرسائل المنشورة، لسنا مسربي معلومات". وأضاف أنه يأمل أن تقرر المملكة المتحدة أن تكون جادة.
وتقول الصحيفة إن اقتراحات جونسون لتوثيق التعاون مع فرنسا كانت جادة بالكامل.
وأشارت إلى أنها شملت المراقبة البحرية والجوية المشتركة للشواطئ بالقرب من كاليه وعمل استخباراتي مشترك لتعقب ومعاقبة مهربي البشر وتسيير دوريات مشتركة بالقرب من الشواطئ ومخيمات المهاجرين والتي كان من المفترض أن تبدأ في أقرب وقت الأسبوع المقبل.
وتقول "التليجراف" إن ماكرون قاوم حتى الآن فكرة عمل أفراد قوة الحدود البريطانية على الأراضي الفرنسية وكان من المتوقع منه أيضا أن يرفض بشكل قاطع آخر طلب جونسون: إعادة جميع المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى شواطئ بريطانيا من حيث أتوا - أي بعبارة أخرى، إلى فرنسا.
وأشارت الصحيفة إلى أن جونسون جعل في رسالته نفسه متاحا للقاء ماكرون أو لعقد مؤتمر قمة مع قادة العالم الآخرين. لكن يبدو أن ماكرون "ليس مستعدا لمناقشة أي شيء".
وختمت الصحيفة مقالها قائلة: "يبدو أن ماكرون يهتم بمهاجمة من يسميهم - البريطانيين - أكثر من اهتمامه بإنقاذ الأرواح".